على صفحات التواصل الاجتماعي حول احتفالية 13 أوت ، هو تباين وجهات النظر حول رمزية الاحتفال من عدمه ، وانطلاق حملات الإدانة والتهكم والسخرية والانتقاد التي تتخذ مطية للتنفيس. ولعل المفارقة تكمن في أنّ الجمعيات النسائية ضغطت من أجل استصدار قانون يحد من ظاهرة العنف المسلط على المرأة فإذا بالمشهد الفايسبوكي يثبت أن عنف فئة من النساء وتسلطهن على من اختلفن معهن في التصورات والمواقف موصول إلى أنظمة الاستبداد فإما المثيل أو العدوّ.
والمتابع لأشكال التواصل والتعبير في الفايسبوك ينتبه إلى غلبة الهرج والمرج والسباب والتراشق بالتهم والانفعال الشديد على حساب الحوار البناء الذي يقدّم مقترحات يمكن أن تؤخذ بالاعتبار في القادم من السنوات. والملاحظ أنّ أولائك الذين عرضوا آراءهم برصانة وعقلنوا مواقفهم وحاولوا أن يقاربوا الموضوع من مناظير تدعو إلى مزيد التدبر هم قلة ولا يكاد خطابهم يؤثر في الجماهير المندفعة للتعبير عن الاستياء والغضب. ولئن كانت التعليقات والممارسات (نشر دعوات الحضور) وغيرها من التدوينات التي برزت يوم 13 أوت في الفضاء الافتراضي وهو الذي يشكل امتدادا للواقع ، مغرية للبحاثة في مجال العلوم الإنسانية فإن المساحة المخصصة لا تمكننا من الاستفاضة في عرض مختلف النتائج ولذا سنكتفي بالإشارة إلى بعض الملاحظات:
-أبانت المواقف المرتكزة على شخصية «قائد السبسي» باعتباره خذل التونسيات وخان وتنكر لوعوده أنّ المتخيل السياسي بقي متمركزا حول السياسي غير قابل للزحزحة بالرغم من كل التحولات التي حصلت وهكذا تظل فئة من النساء والرجال وفية لتصور يعتبر أنّ «السياسي/قائد السبسي» هو الذي يمنّ على المكرمات ويمنحهن الأوسمة والحال أن مأسسة لجنة التوسيم تبين بقدر كبير الفصل بين رغبات الفرد المتسلط ونزواته في النظام الاستبدادي، من جهة، واختيارات أعضاء اللجنة التي تعرض على السياسي في النظام الذي بدأ طريقه نحو إرساء الديمقراطية التشاركية، من جهة أخرى ومن ثمة كان اتحاد الشغل مثلا طرفا في الاقتراحات كما منحت الأوسمة بتصدير «باسم الشعب».
- لازال البعض أسير المنظومات المسيّجة والبنى الذهنية التي تحرص على تنميط النساء فالاستياء برّر بأنه كان بسبب اصطفاف المكرمات وراء من خانهن وكأنه يفترض أن جميعهن انتخبن قائد السبسي ولا مجال لتصور وجود مكرمة لم تنتخبه ومعارضة لسياساته ولكنها تحرص على أن تكون علامة دالة على أن النظام الديمقراطي يسمح بتكريم المعارضات، كما أنّ انتقاد غياب المحجبات، يختزل النساء في غطاء الرأس ، فيغدو هو معيار الانتقاء أضف إلى ذلك أن المحجبة التي كرمت غيّبت من منطق الاحتجاج لأن حجابها لا يمثل الحجاب الأيديولوجي والسياسي.
- انساق البعض نحو حملات التشويه وانتهاك كرامة الآخر، أي ممارسة العنف ضد بعض المكرمات ، وهو أمر يثبت أنّ .....