المشهد السياسي وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية: هل يستفيد الشاهد من تعقد الأوضاع؟

يبدو ان رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد والفريق المحيط به من مستشارين ومساعدين يدركون جملة من الحقائق في المشهد السياسي الحالي، تجعل من خياراتهم محكومة باكراهات عدة سيكون لها انعكاس على الحكومة القادمة، لكن الإكراه والخطر الاكبر الذي يدركونه انهم امام «فرصة»

قد لا تتاح لغيرهم ان هم اخفقوا فستكون الازمة واقعا يراه الجميع خصوصا الطبقة السياسية التي ستعلن فشل المنظومة الحالية والاتجاه الي تغيير جذري في المشهد السياسي الحالي تكون بوابته انتخابات مبكرة.

في السياسة توجد قواعد بسيطة من ابرزها «الواقعية» والتعامل مع الواقع بكل إكراهاته وايجاد سبل للتحسين، هذا ينطبق على كيفية التعاطي مع رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد، فقد حسم امر تكليفه ولم يعد يجدي الوقوف طويلا عند ناحية ان كان الرجل مؤهلا لمثل هذا المنصب من عدمه، بل يصبح من الأجدر النظر في افضل الخيارات المطروحة امامه لتغيير المشهد السياسي بكل نواقصه.

والجيد ان هذا ما يدركه الشاهد بدوره، مما يجعله وفق الفريق المحيط به حريصا على ان يستثمر الفرصة التي اتيحت له الى ابعد حد وتحقيق ما يصبو اليه في ان يكون صاحب القرار بشآن حكومته باللعب على الاكراهات التي تتحكم في العملية السياسية اليوم. .ضرورة نجاحه لتجنب نهاية مبكرة لمستقبله السياسي ونهاية المنظومة السياسية وما أفرزته انتخابات ٢٠١٤ بحكم الازمة التي ستحدث

فالشاهد وفريقه يخضعان لضغط اقل مما تخضع اليه احزاب الائتلاف الحاكم، خصوصا حركتي النهضة ونداء تونس، فهو وان يبحث عن ضمان استمرار دعم الحركتين له خصوصا في جلسة عرض حكومته لنيل الثقة في مجلس نواب الشعب، يبحث عن تجنب جعل حكومته حكومة خاضعة لكليهما، اي انه سيتفادى ان تكون علاقة وزرائه باحزابهم ذات تاثير سلبي على حكومته.

ومن اجل ذلك يبحث عن مخرج يمزج بين ارضاء الحركتين باختيار وزراء منهما ولكن جعل عملية الاختيار بيده لضمان امرين، كسب ولاء وزرائه وعدم فسح المجال امام الحركتين لتكونا متنفذتين عليه، وهو ما يجعل وفق فريقه عملية اختياره صعبة ومعقدة قد تجبره علي الاتجاه الى الصف الثاني والثالث في الحركتين، مع الاشارة الى ان عملية اختيار اسماء مرشحين لم تحسم بعد.

صعوبة الاختيار واحتمال عدم رضا الحركتين يبدو ان الشاهد وفريقه سيواجهونه بحقيقة ان فشل تشكيل الحكومة سيكون « رصاصة الرحمة » للجميع، وان ذلك سيعني فشلا كليا للمبادرة قد يدفع الاحزاب والمنظمات الى التنصل منها ومن تحمل تبعاتها بعد ان سبق لاربعة احزاب ان اعلنت ذلك على خلفية اختيار الشاهد كرئيس حكومة. مراهنة الشاهد على دعم الرئيسين، رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة له ، سيجعله يناور باكبر قدر من الراحة مقابل تقديم بعض التنازلات لهما، وبالاحرى لرئيس الجمهورية في ما يتعلق باسماء المرشحين لتقلد حقائب سيادية، وترك عملية الاختيار بيده كما ترك عملية اقناع راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة له.

مقابل هذا يبحث الشاهد عن الحصول على دعم مطلق يطلق يده في اختيار وزرائه، وفق مقاربة تقوم على التشبيب والابتعاد عن المحاصصة وجعل نصف اعضاء الحكومة من خارج الاحزاب الاربعة، على ان يكون بعضهم من تخوم الاحزاب السياسية وان رفضت الانضمام للمبادرة.

بحث الشاهد عن أن يكون الموزع في طاولة «البلاك جاك» صاحب الاوراق الاعلى قيمة، يجعله امام ضرورة حسن ادارة اللعبة والا سيكون هو الخاسر الوحيد في طاولة يجالسه فيها ، خمسة لاعبين سيحقق كل منهم فوزا على حسابه وسيسحب من رصيده، الذي يتكون الى حد اليوم من نوايا في انتظار ان تصبح واقعا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115