النقص التي تُستغل أيضا كما يُستغل فقره وجهله من أجل استمالته للاعتداء على الوطن، في هذا الإطار عقد منتدى قرطاج للأمن والتنمية، الملتقى الوطني الأول حول الشباب «الراهن والمستقبل» وذلك لمحاولة إيجاد حلول لاستقطاب الشباب في التنظيمات الإرهابية.
وعن الظاهرة الإرهابية وسبب سقوط فئة من الشباب فيها، قال رئيس المنتدى طاهر الرفاعي، إنه لا يجب الاقتصار في تحديد السبب الرئيسي في الانخراط إلى التنظيمات الإرهابية، في العوز المادي أوالتهميش والإقصاء، لأن الجانب العقائدي والذي يبدأ مع نشأة الفرد، مهم جدا في استقطاب هذه الفئة، ومن أوجه المجابهة أن يتم استقطاب الشباب إلى الطريق الصحيحة وإبعادهم عن السقوط في مهاوي التكوين العقائدي الفاسد.
وحول عدد التونسيين المنخرطين في التنظيمات الإرهابية، أكّد الرفاعي أنه لا يمكن إعطاء رقم دقيق حول عدد الإرهابيين التونسيين في بؤر التوتر، وأن كل الأرقام تعتبر مقاربات، فالعناصر التونسية تقدّر بـ 8آلاف إرهابي تقريبا في سوريا والعراق، و3 آلاف في ليبيا.
من جهته أشار الوزير المعتمد السابق المكلف بالأمن رضا صفر، إلى علاقة الشباب بالمؤسسة الأمنية، وإلى أحداث بن قردان الأخيرة التي أثبتت وجود علاقة طيبة ومتحرّكة حسب تعبيره، بين المجتمع والسلطة الأمنية، مؤكدا ضرورة التعبئة والتفاف المجتمع بمؤسسات الدولة، فالحرب على الإرهاب لا تهم المؤسسة الأمنية فقط، سيما وأننا في طور بناء للمؤسسات، كما أن تحديد الأهداف والرؤى في الحرب على الإرهاب، يجب ألاّ يقتصر على جانب ضيق وهو مكافحة الإرهاب فقط، لأن الرؤية تتطلب شروط قيادة وإدارة خارج الدوائر الضيقة والاكتفاء بمؤسسات الدولة فقط، فمن الضروري اقحام المجتمع المدني وإشراكه في حل مشكل استقطاب الشباب الذي يمثل 50 بالمائة من المجتمع، والذي يعيش بعضه حالات من الإقصاء والتهميش، دون عمل ولا تعليم أو تكوين.
هذه الهشاشة تجعله لقمة سائغة لاستقطابه من قبل الجماعات الإرهابية وهو ما يجعلنا نطرح تساؤلا عن كيفية تكوين هذه الفئة من الشباب ليتسلّم المشعل في المستقبل، في هذا السياق قال رضا صفر إن الشباب خارج دائرة المؤسسات، ففي تونس ما يقارب 18 ألف جمعية، لكن للأسف عدد الشباب قليل جدا فيها، لذلك يجب أن نحاول توجيهم نحو البناء، فالدولة وحدها لاتكفي، ويجب الضغط على كل المتدخلين بما في ذلك المجتمع المدني ليساهم في هذا البناء، وفي تعزيز عملية إدماج الشباب وترسيخ انتمائه للدولة.
العميد السابق في الجيش الوطني مختار بن نصر، فسّر ظاهرة التطرّف وما تشكّله هذه الظاهرة المَرضية على المستوى العقلي والوجداني والسلوكي، بفرض المعتقد على الآخر بالقوة، فالتعصّب يتمحور حول الفكرة الدينية ويتخذ منها غطاء لسلوكه، والمتعصّب يخاصم الحاضر، ويخاصم العقل ويعاديه، كما يتصوّر أن الزمن الماضي أحسن من الزمن الكائن وممّا سيكون أيضا.
كما أكّد مختار بن نصر أن أغلب الإرهابيين من الشباب هم شباب كان مهمّشا، خاويا ثقافيا وقيميا، بسبب فشل السياسات الشبابية منذ فترة طويلة، ثمّ جاءت هذه المجموعات المتطرّفة، وعن طريق الانترنت، والمساجد أعطته البدائل، والبطولة الذاتية، والانتماء إلى المجموعة، لذلك هناك حاجة ملحّة اليوم إلى ثورة ثقافية، ترسّخ انتماء الشباب إلى وطنه وعائلته، من خلال مخطط ثقافي كبير لمراجعة كل المقاربات دينيا، وثقافيا، وقيميا، ووطنيا.
والمطلوب أيضا اليوم إلى جانب العمل الأمني، العمل على جبهات أخرى، حسب بن نصر، فالقضاء يجب أن يكون فاعلا ورادعا وسريعا، لأن القانون لايمكن أن يحمي إذا لم يكن رادعا، إلى جانب الجبهة الثقافية والاجتماعية والتي تدخل في استراتيجية وطنية كبيرة للتصدّي للإرهاب.