وينتظر أهالي المنطقة معرفة مصير حوالي 14 شابا مفقودا من جملة 26 شابا أبحروا إنطلاقا من سواحل صبراتة الليبية، حيث وصلت، إلى حدود كتابة هذه الأسطر، 12 جثة على متن سيارة إسعاف ليبية إلى المستشفى الجهوي ببن قردان، من خلال تنسيق بين مكونات المجتمع المدني بالبلدين في ظل غياب أي ردة فعل من قبل الحكومة سواء لتقديم المعلومات أو كشف ملابسات الحادث لعائلات الضحايا والمفقودين.
إذ أكّد الناشط الحقوقي والمهتم بالشأن الليبي مصطفى عبد الكبير لـ”المغرب” أن الهلال الأحمر الليبي ومنظمات حقوقية ليبية ساعدت الأهالي على البحث وإرجاع الجثث، مشيرا إلى أن بعض الهالكين، كانوا قد توجّهوا إلى ليبيا قصد العمل، كما أن مرورهم عبر الحدود كان قانونيا.
هذه الحادثة ليست الأولى بهذه المنطقة أوغيرها بمختلف مناطق الجمهورية التي يعاني شبابها الفقر والخصاصة، ويرون في الهجرة أملهم الوحيد والأخير.
ولطالما تعالت الأصوات المنادية بالالتفات إلى هذه المناطق المهمّشة والمهدّدة في كل مرّة بالانفجار بسبب ما يعتبرونه الاستمرار في سياسات التهميش والهشاشة الاقتصادية في ظل غياب إجراءات عاجلة وخطط تنموية، لكن يبدو أنها دون جدوى، فأهالي بن قردان الذين توحّدوا للتصدّي للإرهاب في شهر مارس الفارط مازالوا يعانون الأمرين، سواء من جهة الإرهاب والتهريب، أو من جهة سياسات التهميش التي دفعت بعدد من شباب الجهة إلى اختيار ركوب البحر للهروب من وضع اجتماعي بائس واللجوء إلى شبكات تنظيم “الحرقة”.
وقد نبّه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بدوره في بيان له من “خطورة إحساس فئات واسعة من الشباب بالإحباط وغياب أفق للكرامة والتشغيل والعدالة الاجتماعية، وهو ما يزيد من الرغبة في الهجرة لديهم ويعرّضهم للبحث عن حلول يائسة”، معتبرا أن مواصلة شبكات تنظيم “الحرقة” نشاطها عبر الشواطئ الليبية على مرأى ومسمع من السلطات المحلية والجهوية، يعدّ مؤشرا جديدا لخطورة الوضع الاجتماعي وحالة الفراغ الأمني على الحدود التونسية الليبية، ما يدعو إلى ضرورة تفكيك شبكات التهريب ومحاكمة المشتغلين بها دون تأجيل ومماطلة.
كما طالب المنتدى الحكومة التونسية بمراجعة مسارات التعاون الجارية مع الاتحاد الأوروبي والتي اعتبر أنها تعطي الأولوية للمقاربات الأمنية وتعتمد سياسات غلق الحدود من أجل الحد من الهجرة غير الشرعية، دون مقاربة تنموية شاملة تستجيب لتطلعات شباب تونس نحو الكرامة والعدالة الاجتماعية.
كل المؤشرات والأرقام تدل على تزايد هذه الظاهرة في المتوسط رغم الاتفاقات الجديدة الحاصلة بين ....