بينها وبين رئاسة الجمهورية، التي خيّرت لعب ورقة جديدة في تعاطيها مع مسألة حلّ الحكومة.
انتهت إشغال لقاء قصر قرطاج بين رئيس الجمهورية والأحزاب والمنظمات الوطنية الداعمة لمبادرته بالتزامن مع انتهاء أشغال المجلس الوزاري، وكلاهما اصدر بلاغا تحدث فيه عن مضمون اللقاء دون التطرق للأهم، وهو مصير الحكومة الحالية وكيف سيقع الانتقال من هذه الحكومة إلى حكومة الوحدة الوطنية. فاللقاءان وان لم يضعا هذه النقاط كأولوية إلا أنهما تناولاها.
رئيس الجمهورية استهل لقاءه يوم الأربعاء مع الداعمين لمبادرته بالإشارة إلى أن المبادرة لم تصل بعد لمرحلة الحسم «في من سيظل ومن سيرحل» في تلميح بان الحديث عن مصير وزراء حكومة الصيد والصيد نفسه لم يحدّد بعد، وانه لم يطلب من الصيد الاستقالة ولن يطالبه بذلك. واستخدم الرئيس مفرداته اللغوية الخاصة مفادها ان الوقت لم يحن بعد للحديث عن آليات الانتقال من حكومة الحبيب الصيد الى حكومة الوحدة الوطنية لتقع مناقشة هل يطلب من الصيد الاستقالة ام يقع التوجه للبرلمان لسحب الثقة من حكومته، وهنا وجه الباجي قائد السبسي سهام نقده لحكومة الصيد بقوله ان هناك خلطا وقعت فيه ودفعت بعدد من أعضائها إلى الخروج للإعلام والتصريح بأنهم لن يستقيلوا وان من يريد حل الحكومة عليه الاتجاه للبرلمان واستخدام الأدوات الدستورية. اذ أكد الباجي قائد السبسي للمشاركين في اللقاء،
ان معالجة ملف الحكومة وكل آلياته سيكون بالأدوات الدستورية، وان على كل طرف معرفة ما له وما عليه بالدستور، وان حكومة الحبيب الصيد إذ أرادت أن تتجه لمجلس نواب الشعب يمكنها الاتجاه إليه، في رد على تصريحات رئيس الحكومة والناطق الرسمي باسمها. هذا التلويح من رئيس الجمهورية بأنه غير معني بالخوض في مصير رئيس الحكومة وانه لن يطلب منه الاستقالة تؤكده مصادر من قصر قرطاج أشارت الى ان مسألة استقالة حكومة الصيد والآليات التي ستتبع لفسح المجال لحكومة الوحدة ليست «مشكلة الرئيس» فهو لن يطالب بالاستقالة ولن يتجه للبرلمان للتصويت على مواصلة الحكومة لعملها.
فرئيس الجمهورية سيترك تحديد كيفية مغادرة حكومة الصيد للأحزاب المشاركة في الحوار، التي يمكنها ان تطالب الصيد بالاستقالة او تتجه للبرلمان لسحب الثقة منها. وهو ما يعنى ضمنيا ان رئاسة الجمهورية لن تقوم بالتمديد الآلي لحالة الطوارئ في البلاد التي ستنتهي في 23 جوان الجاري. وذلك للسماح للأحزاب بلعب ورقتها التي لن تكون ممكنة ان مدّدت حالة الطوارئ وفق الفصل 80 من الدستور.
المخرج الدستوري الذي اتجه إليه رئيس الجمهورية جاء كمناورة منه لدفع الصيد والأحزاب إلى لعب ورقاتها بسرعة وإنهاء حالة الغموض، فلئن كانت الأحزاب تبحث عن مسك العصا من المنتصف بإقناع الصيد بالاستقالة عوضا عن التوجه للبرلمان لتوفير خروج «مشرف له» فان الحبيب الصيد خير دفع الأحزاب ورئاسة الجمهورية إلى استعمال الآليات الدستورية للإطاحة به.
فالصيد الذي تمسك طوال الأسبوع الفارط والحالي بأنه لن يستقيل وان حكومته لن تحلّ الا باليات الدستور اجتمع بدوره مع أعضاء حكومته في اجتماع وزاري عقبه إصدار بيان جاء فيه ان الحكومة ستواصل «التفاعل الإيجابي مع المبادرة الرئاسيّة ودعمها بما يضمن تحقيقها لغاياتها» ولكنها أيضا «تتمسّك بمواصلة أداء مهامها الوطنيّة وواجباتها الدستوريّة وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنيّة» كما ورد في البلاغ.
هذه الإشارة ان أضيفت إليها تصريحات المتحدث باسم الحكومة خالد شوكات، تقدم تصور الحكومة لطريقة تعاطيها مع مخرجات المبادرة، فهي لن تقدم استقالتها من مهامها لأنها ترغب في ان تترك المجال للأحزاب ورئاسة الجمهورية لسحبها إلى مجلس النواب وعرض لائحة سحب ثقة منها، مع المراهنة على أن تحقيق ذلك سيكون صعبا.
هذه المناورات السياسية بين قصر قرطاج وقصر الحكومة بالقصبة، يعتبرها رئيس الجمهورية خلعا للأبواب المفتوحة لن يفيد احدا، فيما تعتبره رئاسة الحكومة انتصارا لذاتها وعدم القبول بتجاوزها، وهو ما يبدو انه سيكون محور اللقاء الدوري بين الطرفين يوم الاثنين القادم.