التفاصيل. لكن هذا لم يفقد اللقاء أهميته فقد أوضح رئيس الجمهورية ان الوقت المحدد للمرور لتطبيق مبادرته لن يتجاوز عيد الفطر وانه مكلف بحماية الدستور وتطبيقه وهو تلميح بأنه هو من سيختار رئيس الحكومة القادمة وان بيده حل الحكومة الحالية.
مرة أخرى تنشر رئاسة الجمهورية بلاغا إعلاميا تناولت فيه بصورة ضبابية مضمون اللقاء الذي عقده رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي مع كلّ من الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل ورئيسة الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ورئيس الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وممثّلين عن حركة نداء تونس وحركة النهضة والإتحاد الوطني الحرّ وآفاق تونس وحركة مشروع تونس وحزب المبادرة الوطنية الدستورية وحركة الشعب وحركة المسار الديمقراطي الاجتماعي.
فرئاسة الجمهورية اكتفت في بلاغها بالقول ان رئيس الجمهورية شدّد في افتتاحه للاجتماع على أنّ مبادرة تكوين حكومة الوحدة الوطنية جاءت بعد إقرار واسع بتردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالبلاد وإنّ الخروج بتونس من هذا الوضع يستدعي تضافر جميع الجهود واستكمال الحوار قبل نهاية شهر رمضان. مع الاشارة الى ان لقاء الأربعاء القادم سيخصص للنقاش بشأن آليات تنفيذ أولويات حكومة الوحدة الوطنية والتصوّر الأنسب لهيكلتها.
لكن ما صمت عنه بلاغ رئاسة الجمهورية هو ان اللقاء استهل بعودة رئيس الجمهورية لتشخيص الوضع العام في البلاد والقول ان الجميع توافق على ان الوضع العام سلبي جدا وان استمراره هو إعلان عن انطلاق العد التنازلي لانهيار الدولة. فالوضع الصعب الذي تمر به تونس وكيفية الخروج منه هو ما أراد رئيس الجمهورية من الجميع أن يضعوه في أولوياتهم وليس من سيخلف الصيد وكيف يتم اقناع الصيد بالاستقالة، ولا فتح ملف من سيكون في الحكومة ومن خارجها.
ومن اجل ذلك المح الباجي قائد السبسي إلى أن هناك تصورا أوليا لخارطة طريق سيقع ضبطها في الأيام القليلة القادمة وستتضمن الأولويات التي يجب أن تعالجها الحكومة القادمة مشيرا إلى أن خارطة الطريق لن تكون برنامجا تفصيليا للحكومة، كما أوضح ان هدف المشاورات هو رسم إطار يتسع للجميع من اجل المساهمة في رسم خارطة الطريق المرجوة قبل الانطلاق في مناقشة اسم المرشح لترؤس حكومة الوحدة الوطنية .
هذه الخطوات اعتبراها رئيس الجمهورية اساسية للوصول لمرحلة اختيار وتعيين رئيس الحكومة، وهنا أعلن الباجي قائد السبسي انه سيطبق الدستور وما ورد فيه، في تلميح واضح للجميع بان اختيار رئيس الحكومة من صلاحياته هو وإن كان سيتشاور مع الأحزاب والمنظمات.
والصلاحيات الدستورية للرئيس هي ردّه على مقترح تقدم به رئيس حزبالاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي بإرسال أحزاب الائتلاف وفدا لإقناع الحبيب الصيد بالاستقالة، اذ طالب الباجي قائد السبسي ان يترك خارج هذه المبادرة فهو غير معني بها كما ان الوقت لم يحن بعد للحديث عن إقالة الصيد او استقالته.
النقاشات بين الحاضرين، ومن بينهم مستشارو الرئيس، تمحورت بعد مداخلة الباجي قائد السبسي حول ثلاثة محاور كما أوضح زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب، الذي أكد أن حركته والاتحاد العام التونسي للشغل تطرقوا الى ضرورة عدم تغييب كل من الحزب الجمهوري والجبهة الشعبية. وهو ما أكّده فوزي الشرفي ممثل حزب المسار في اللقاء مع إشارته إلى ان المسار طالب بإلحاق الجبهة والجمهوري لإضفاء نجاعة على المشاورات.
هذه المطالب قابلتها إشارة رئاسة الجمهورية ، وفق مصادر طلبت عدم الكشف عن اسمها، إلى أن الجمهوري والجبهة غابا لأنهما رفضا دعم المبادرة وأنهما إذا أرادوا الالتحاق فالمجال مفتوح أمامهم ولكن ليس لوقت طويل، حيث طلب الرئيس من الحاضرين حسم مسألة من سيشارك في النقاشات المتقدمة وضبط قائمتهم قبل نهاية الأسبوع الجاري نظرا لان الحسم سينطلق من الأسبوع القادم.
انتهاء مناقشة توسيع قاعدة الأحزاب المشاركة بتعهد من رئاسة الجمهورية على اللقاء ببقية الأحزاب الغائبة والاطلاع على رغبتها بالمشاركة، وتفرغ الحاضرون لمناقشة المحور الثاني وهو منهجية سير المشاورات، وهنا كان الأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي أكثر وضوحا من الجميع. حيث اعتبر ان المنهجية الحالية خاطئة فالأجدر ان تقدم رئاسة الجمهورية وثيقة تتضمن تصورها لتنفيذ المبادرة وترك المجال للمنظمات الوطنية للتفاعل معها وتقديم اقتراحات تعديل.
هذا المقترح المقدم من اتحاد الشغل يضاف الى اقتراح حركة الشعب والمسار بان يقع التوافق على تشخيص مشترك لعمل الحكومة وللوضع العام وتقديم حلول وبعدها رسم الأولويات، واعتبرا ان المنهجية الافضل هي التوافق على المضامين والاولويات ومن بعدها الهيكلة الأمثل للحكومة قبل الانتقال للحديث عن أسماء المرشحين لمنصب رئيس الحكومة او الوزراء.
موقف الأحزاب الملتحقة بالحوار يبدو انه حال دون ان تقدم وثائق تضمنت تصورا اوليا صاغته حركة نداء تونس لتقيم أسباب إخفاق حكومة الصيد والأولويات التي يجب ان تعالجها بالإضافة لهيكلة الحكومة القادمة. حيث أشار كل من زهير المغزاوي وفوزي الشرفي ان اللقاء لم يقع فيه تقديم مقترحات موثقة، رغم إقرارهما بعلمهما وجود وثيقة أولية لهيكلة الحكومة وأولويات عملها.
هذ اللقاء لم يكن كسابقه ولكنه كان مناسبة لحركة النهضة لتوضيح عدد من النقاط ابرزها ما قاله رئيسها راشد الغنوشي بان الحركة حينما تبنت مطلب ان تكون الحكومة القادمة عاكسة لنتائج الانتخابات لم تقصد أنها تطالب بعدد محدد من الوزارات ولكنها ترغب في أن تأخذ النتائج بعين الاعتبار أثناء تشكيل الحكومة.
مقترحات الاحزاب وتوضيح تصريحات قادتها السابقة المتعلقة بالمبادرة مثلت جزءا من اللقاء، لكن اهم ما تم فيه هو انه وضع مهلة زمنية لحسم كل النقاط في المبادرة، انطلاقا من ضبط قائمة المشاركين فيها وصولا لتحديد هوية الحكومة أولوياتها في اقل من أسبوعين.