في البحث عن خطوه الرئيس القادمة، اما لامتصاص الصدمة وتقليص تداعياتها بالنسبة لأنصار الرئيس او دق الحديد وهو ساخن بالنسبة لمعارضيه. ذلك ان لكل طرف تصوره لما بعد الانتخابات التشريعية.
بعد ساعات قليلة من الاعلان عن النسبة الاولية للاقتراع من قبل الهيئة انطقت تحركات معارضي الرئيس ومساره السياسي الذي انطلق منذ 25 جويلية 2021، ندوات صحفية وتصريحات اعلامية وبيانات صدرت عن ابرز اقطاب المعارضة «جبهة الخلاص» والدستوري الحر وجبهة الاحزاب الخمسة وآفاق تونس.
هذه الكيانات السياسية التي تشق صفوفها خلافات وتباينات شتى التقت رغما عنها في تقييمها للخطوة القادمة، اذ تتقاطع هذه الاحزاب والجبهات في نقطة اساسية وهي وضع حد لمسار 25 جويلية ولو بصيغ اختلفت بعض تفاصيلها لكنها تتشابه في النقطة الابرز وهي ان يتحمل الرئيس المسؤولية ويستقيل من منصبه.
طلب الاستقالة رافقه تقديم خارطة طريق تختلف باختلاف الجهة التى دعت الرئيس ذلك، فخارطة الدستوري الحر تنطلق من نقطة إعلان الشغور في منصب رئاسة الجمهورية والدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها بعد تنقية المناخ الانتخابي والغاء المرسوم عدد55 المنقح للقانون الانتخابي.
اما خارطة الطريق التي تقدمت بها جبهة الخلاص فتضم نقطة استقالة الرئيس وتنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأونها تشرف عليها هيئة جديدة تكون نزيهة. اما افاق تونس وعلى لسان امينه العام الفاضل عبد الكافي فقد قدمت خارطة طريق تتضمن ثلاث نقاط يطالب الرئيس بتطبيقها، الاولى هي تجميد المسار السياسي وإلغاء الدور الثاني من الانتخابات التشريعية، ثانيا تكليف حكومة انقاذ والنقطة الثالثة والاخيرة هى الدعوة الى انتخابات رئاسية سابقة لأوانها.
ثلاث خرائط طريق تتقاطع جميعها عند نقطة الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها وحتى ان اختلفت الجهة التي يطالبونها بان تدعو الى هذه الانتخابات او في نقطة بقاء الرئيس او استقالته. وهو ما يجعلها مرتهنة بشكل كلي لموقف الرئيس ومدى تفاعله معها.
فما تقترحه المعارضة من مخارج للأزمة السياسية التى نجمت عن فشل الاستحقاق الانتخابي لا يمكن ان ينزل على ارض الواقع دون تحقيق شرط اساسي وهو «استقالة» الرئيس وهذا يعنى ان الامر بيد رئيس الجمهورية قيس سعيد وكيفية تفاعله مع دعواتهم .
هنا ننتقل الى الضفة المقابلة وهي ضفة انصار الرئيس ومشروعه السياسي التي بحثت خلال الايام الفارطة عن تبرير الفشل وتقديم مسوغات تقلص من التداعيات السلبية لنسبة المشاركة على المسار السياسي برمته وعلى شعبية الرئيس ومشروعيته قبل ان يقع استيعاب الصدمة والبحث عن مخرج سياسي للأزمة.
مخارج لا تتضمن الاقرار صراحة بالأزمة بل تلتف عليها. اذ تتضمن هذه المقترحات الاستمرار في المسار بكل تفاصيله بما في ذلك الدور الثاني من الانتخابات التشريعية، مقابل بعض التعديلات والتغييرات التي من بينها تكليف حكومة جديدة.
هل يظل بدوره عند مستوى النقاش والتباحث بين مجموعات تناصر الرئيس وتحيط به، اذ يلتقى هنا معارضو الرئيس وانصاره في نقطة وحيدة وهي ان كل مخارجهم وخطواتهم لما بعد صدمة الانتخابات التشريعية مرتبة بشكل كلي بموقف الرئيس واي طريق يسلكه وهذا متصل بقراءته وتقييمه للوضع.
وهذا سنطلع عليه في اول تعليق للرئيس بصفته صاحب المبادرة السياسية وقائد المسار الحالي على الانتخابات التشريعية ونسبة المشاركة فيها، وهنا سنكون بين احتماليين لا ثالث لهما الا الاقرار بالأزمة والاعتراف بان المسار لم يقنع التونسيين او التمسك بنهجه والدفع بمساره الى اقصاه وتفسير ما حدث على انه محاولة من اعداء الشعب لعرقلة التغيير مع الاقدام على بعض التعديلات الشكلية لمساره.