في شهر نوفمبر المنقضي، بارتفاع تجاوز نصف النقطة عما كان عليه قبل 4 أسابيع مما ينذر باننا سنغادر السنة بنسبة تضخم من رقمين.
أصدر المعهد الوطني للإحصاء اليوم نشريته الشهرية حول مؤشرات الاستهلاك العائلي والتي كشفت عن تسجيل نسبة لم تشهد تونس مثيلا لها منذ حوالي ثلاثة عقود كاملة، كما ان نسب التضخم شملت مجمل سلة المواد المعيارية .
في بيانه الصحفي الصادر امس كشف المعهد الوطني للاحصاء ان الأسعار عند الاستهلاك ارتفعت بنسبة 0.6% خلال شهر نوفمبر 2022 مقارنة بالشهر السابق، وهو اعلى معدل سجل خلال الاشهر 11 الماضية، وبه تصبح نسبة التضخم 9.8 % باحتساب الانزلاق السنوي.
هذا الارتفاع عزاه بيان معهد الاحصاء الى الارتفاع المسجل في أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.3% وأسعار الأثاث والتجهيزات والخدمات المنزلية بنسبة 0,8% وأسعار النقل بنسبة 0.6% مقارنة بشهر اكتوبر الماضي. ليتواصل المنحى التصاعدي لارتفاع التضخم في مختلف مجموعات وعلى رأسها مجموعة المواد الغذائية التي حافظت على نصيب الاسد بتسجيل ارتفاع الى 15.1 % باحتساب الانزلاق وهنا يجزئ البيان سلة المواد الغذائية ويشكف عن نسبة الارتفاع السنوية فيها والتي كان اشدها ارتفاع أسعار البيض بنسبة 43.4% وأسعار الخضر الطازجة 32.4% وأسعار الزيوت الغذائية 20.4% . وهي المواد الاستهلاكية الأساسية للاسر التونسية .
كما شهدت أسعار المواد المصنعة ارتفاع بنسبة 9.8% باحتساب الانزلاق السنوي وقد عزا معهد الإحصاء الامر الى ارتفاع أسعار مواد البناء بنسبة 10% وأسعار الملابس والاحذية بنسبة 9.5% وأسعار مواد التنظيف بنسبة 9.9%. هذا وقد ارتفعت أسعار الخدمات بنسبة 6% .
في المحصلة نصل الى تسجيل نسبة تضخم بـ9.8 %، يعود جزء منه الى عوامل خارجية لا تتعلق فقط بالمحروقات والمواد الأساسية ولكن لاستمرار ارتفاع اسعار المدخلات والمواد المستوردة إضافة إلى تواصل انزلاق قيمة الدينار امام العملات الرئيسية، اضافة الى الاسباب الداخلية والتي ترتبط بالاساس بشبه انهيار منظومات الانتاج الوطنية.
كل هذه العناصر تلتقى لتكشف ان احتمال تسجيل نسبة تضخم برقمين لم تعد فرضية ضعيفة او احتمال يمكن ان نتجنبه، فاليوم وببلوغ هذه النسبة من التضخم مع تسجيل هذا الانزلاق الشهري باكثر من نصف نقطة ادى الى ان يرتفع الانزلاق العام للأشهر الـ11 ليكون 3.1 %، اذ انطلقنا في السنة الجارية بتضخم نسبته 6.7 %.
واذا حسبنا متوسط الانزلاق الشهري للفترة المنقضية من 2022 فانه سيكون في حدود0.29% وان استمر الحال فان نسبة التضخم المتوقع ان تسجل في الشهر الجاري وفي افضل الحالات ستكون 10.1% . اي أن تجاوز التضخم للرقمين لم يعد مسألة نظرية بل هو امر شبه مؤكد لتوفر كافة العناصر المؤدية اليه وهذا بدوره ينقلنا الى الخيار الذي سيقره البنك المركزي في علاقة بالترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية التي سبق له ان رفعها بـ 25 نقطة أساسية (من%7.0 إلى %7.25) وهنا يصبح السؤال كيف سيتصرف البنك المركزي أمام هذا النسق التصاعدي للتضخم؟.
وضعية صعبة جدا ذلك ان البلاد باتت في قلب دوامة تضخمية لا يمكن مغادرتها بمقاربة سياسية نقدية يضعها البنك المركزي دون ان يكون هناك مرافقة بسياسة اقتصادية تتعلق بالإنتاج وبخلق الثروة التي تغيب عن سياسات السلطة التنفيذية التي لا تزال الى اليوم صامته دون تقديم اي مقترح للتحكم في التضخم والخال ان البلاد ومنذ السنة المالية القادمة ستشرع في الرفع التدريجي للدعم على المحروقات والطاقة والمواد الأساسية تخت شعار اعادة توجيه الدعم.
أعلى نسبة تسجل في تونس خلال 30 سنة : التضخم يبلغ 9.8 % ....الدوامة تهدد بابتلاع الجميع
- بقلم حسان العيادي
- 11:20 06/12/2022
- 995 عدد المشاهدات
لم تشهد تونس منذ تسعينيات القرن الماضي هذا المنحى التصاعدي للتضخم الذي بلغ وفق اخر تحديث كشفه بيان معهد الاحصاء الوطني الخاص 9.8 %