تنطلق اليوم فعاليات الدورة 18 لقمة الفرنكوفونية التي تحتضنها جزيرة الأحلام جربة تحت شعار «التواصل في إطار التنوع: التكنولوجيا الرقمية كرافد للتنمية والتضامن في الفضاء الفرنكوفوني» ، وذلك بمشاركة نحو تسعين وفدا وبحضور 31 من القادة الكبار من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو. ويأتي انعقاد القمة في وقت تحتفي فيها منظمة الفرنكوفونية بالذكرى الخمسين لتأسيسها وذلك في خضم التحديات الصعبة التي تعيشها تونس وفي ظرف اقليمي ودولي صعب . وتعد تونس من الدول المؤسسة للمنظمة في العام 1970. وتهدف المنظمة الى تعزيز اللغة الفرنسية والتنوع الثقافي واللغوي والسلام والديموقراطية وحقوق الإنسان ودعم التعليم في الفضاء الفرنكوفوني . وتضم المنظمة حاليا 88 دولة هي 54 عضوا و7 منتسبين و27 مراقبا.
وعن أهمية انعقاد القمة في بلادنا يؤكد وزير الشؤون الخارجية عثمان الجرندي في حوار مع «المغرب» ان القمة الفرنكوفونيّة تعد الهيئة الأعلى ضمن التنظيم الهيكلي للفرنكوفونيّة. وتنعقد كلّ سنتين تحت رئاسة البلد المستضيف». وأضاف :«يمثّل اختيار بلادنا لاحتضان هذا الحدث البارز تأكيدا متجدّدا على ما تحظى به تونس من تقدير صلب فضائها الفرنكوفوني ولدى المجموعة الدوليّة عموما، وعلى الثقة في قدرتها على تنظيم مثل هذه الاجتماعات رفيعة المستوى، وتوفير مقوّمات النجاح لأعمالها».
وقد أشار الجرندي الى ان الدورة الثامنة عشرة لقمّة الفرنكوفونيّة تحظى بأهميّة خاصّة من منطلق تزامن انعقادها مع خمسينيّة هذا المنتظم متعدد الأطراف. كما أنّ تعدّد فعاليّاتها الموازية وتنوّع مواضيعها يجعلها أكثر مواكبة لما تطرحه المرحلة الراهنة من تحديات على الصعيد الدولي وما تستدعيه من جهود مشتركة في مواجهتها».
أهم أولويات القمة
وعن اهم الأولويات والملفات المطروحة على جدول أعمال هذه القمة أجاب الجرندي بقوله :«سيكون البعد الاقتصادي في مقدّمة أولويّات هذه القمة من خلال تنظيم المنتدى الاقتصادي الفرنكوفوني الرابع يومي 20 و21 نوفمبر الجاري، والذي سيشكّل إطارا هامّا لمناقشة سبل تحقيق التنمية المشتركة والمتكافئة في الفضاء الفرنكوفوني، ومنصّة لتطوير الشراكات بين الفاعلين الاقتصاديين الفرنكوفونيّين، ولاستكشاف فرص التعاون، بما في ذلك في القطاعات التكنولوجيّة والرقميّة ذات القيمة المضافة العالية ودعم المبادرة الخاصة للشباب والمرأة».
وأعرب عن أمله في أن تسهم هذه المحطّة المُميّزة في خلق ديناميكيّة اقتصاديّة في جزيرة جربة والمناطق المحيطة في الجنوب التونسي ودفع التنمية على المستويين الجهوي والوطني من خلال ما قد ينتج عنها من شراكات وفرص تعاون، بما في ذلك في المجال الرقمي.
وقال الجرندي «ان القرية التونسية للفرنكوفونيّة، التي تمّت تهيئتها بمناسبة انعقاد هذه القمّة، ستسهم في مزيد التعريف بتراثنا الوطني وبصناعاتنا التقليدية والترويج للوجهة السياحية التونسيّة. وقد شهدت القرية التي تضمّ عارضين من أغلب الدول الفرنكوفونيّة إقبالا مكثّفا من قبل التونسيّين والوفود المشاركة والسوّاح الأجانب».
نحو بناء شراكات جديدة
اما عن أبرز المخرجات المنتظرة لهذه القمّة وما قد تضيفه لمخرجات قمة تيكاد 8؟ أجاب :«تحرص تونس على أن تكون قوة اقتراح ومساهما فاعلا في مختلف المنظمات التي تنتمي إليها لاسيّما في السياق الإقليمي والدولي الراهن الذّي يستدعي مزيدا من التضامن والتكاتف والتعاون من أجل مواجهة مقتدرة للتحديات الماثلة».
وقال ان احتضان تونس للقمة الثامنة عشرة للفرنكوفونيّة بجزيرة جربة يومي 19 و20 نوفمبر 2022 يكتسي أهمية خاصة من حيثُ النتائج المرتقبة فيما يتعلق بتعزيز التعاون وبناء شراكات جديدة في القطاعات الواعدة في مجال الاقتصاد الرقمي والتجاوب مع تطلعات الشباب والمرأة في مزيد الاندماج المجتمعي والمساهمة في تحقيق التنمية في الفضاء الفرنكوفوني».
وأكد وزير الشؤون الخارجية بأن من شأن هذه المخرجات أن تسهم في تعزيز العمل متعدد الأطراف صلب الفضاء الفرنكوفوني، حيث ستكون دعامة لمساعي الدول الأعضاء في المنظمة الدولية للفرنكوفونيّة لتعزيز التنسيق السياسي ودفع التعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي.
وتابع بالقول:«تأتي هذه المخرجات والشراكات المرتقب أن تنشأ في إطار فعاليات القمّة تعزيزا وتكريسا لما انبثق عن القمة الثامنة لندوة طوكيو الدوليّة حول التنمية في إفريقيا (TICAD8)، والتي التأمت بتونس يومي 27 و28 أوت 2022 الماضي، من مخرجات ونتائج ملموسة، أبرزها الاتفاقات الموقّعة بين الفاعلين الاقتصاديين اليابانيين والتونسيّين والأفارقة، وفرص التمويل التي تمّ رصدها لبعث مشاريع تعاون في مجالات الاقتصاد الأخضر والأزرق وقطاعات الرقمنة والذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء والمستحضرات الدوائية والسياحة والبيئة».
وأضاف :«كما تبرز هذه القمم والتظاهرات رفيعة المستوى التي احتضنتها تونس تمسكها بتعزيز تعدّديةّ الأطراف لمجابهة التحديات المشتركة، وما توليه من أهميّة للبعد الإفريقي في سياستها الخارجيّة ومدى حرصها على تعزيز التضامن بين دول القارة من جهة، ودول الشمال والجنوب من جهة أخرى، في إطار الشراكة المتكافئة والتنمية المشتركة».
تحديات وتغيرات استراتيجية
وفيما يتعلق بأبرز التحديات في الفضاء الفرنكوفوني قال:«يعيش العالم اليوم على وقع عديد التحديات والتغيرات الجيواستراتيجية التي تستوجب تعزيز العمل متعدد الأطراف والتعاون الدولي لمجابهة تداعياتها وتطويق آثارها. وكغيرها من التجمعات الجغرافية والسياسية، تواجه دول الفضاء الفرنكوفوني عديد التحديات المشتركة على غرار تحقيق الأمن الغذائي والطاقي، وتجاوز التأثيرات الناجمة عن جائحة كوفيد-19، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي والتنمية المستدامة، ومجابهة آثار تغيّر المناخ، وتمكين المرأة والشباب، وجعل التكنولوجيا الرقمية وسيلة للتواصل والتنمية المتضامنة والتقارب بين الشعوب والثقافات».
وأضاف :«نحن نتطلع لأن تمنح قمة جربة انطلاقة جديدة للتعاون صلب الفضاء الفرنكوفوني، وأن تشكّل فرصة متجددة لاستعادة الثقة في العمل متعدد الأطراف في مواجهة هذه التحديات. لإعطاء دفع جديد للتعاون صلب الفضاء الفرنكوفوني، بما يساعد خاصّة على تعزيز التواصل في إطار التنوّع، وتسريع نسق التعافي من آثار جائحة كوفيد-19، وتقليص الفجوة التنموية والرقميّة بين الدول الفرنكوفونيّة».
يشار الى انه من المتوقع إعادة انتخاب الأمينة العامة للمنظمة الدولية للفرنكوفونية الرواندية لويز موشيكيوابو على رأس المنظمة لأربع سنوات جديدة، وهي المرشحة الوحيدة لهذا المنصب. ويشمل الفضاء الفرنكوفوني 321 مليون ناطق باللغة الفرنسية، ويتوقع أن يتضاعف عددهم بنهاية العام 2050 بفضل انتشار اللغة الفرنسية في القارة الإفريقية. كما ينظم على هامش القمة منتدى اقتصادي تحت عنوان «الاتصال» و«الرقمنة» كمحركين أساسيين للتنمية. اضافة إلى فعاليات متعددة على هامش القمة الفرنكوفونية، على غرار القرية التونسية للفرنكوفونية .
وكانت هذه القمة مقررة في جربة يومي 12 و13 ديسمبر 2020، لكن وقع تأجيلها بسبب جائحة كورونا إلى 20 و21 نوفمبر 2021، ثم تم تأجيلها مجددا إلى الشهر الحالي.
وزير الشؤون الخارجية عثمان الجرندي لـ«المغرب»: نأمل في أن تسهم القمة الفرنكوفونية في خلق ديناميكيّة اقتصاديّة لتونس عبر تعزيز الشراكات
- بقلم روعة قاسم
- 10:15 19/11/2022
- 765 عدد المشاهدات
• نتطلع إلى أن تمنح قمة جربة انطلاقة جديدة للتعاون صلب الفضاء الفرنكوفوني