والتي راح ضحيتها العديد من الأشخاص من أعمار مختلفة بين شباب وكهول وأطفال وحتى من الرضع، حادثات الغرق وفقدان الأشخاص أثارا جدلا كبيرا باعتبار أن عمليات البحث عن المفقودين متواصلة، كما ان الفواجع لم تقتصر على جرجيس وبنزرت والمنستير والمهدية وصفاقس بل مست عدة ولايات تمتد على الشريط الساحلي، عمليات «الحرقة» في تصاعد ويتم يوميا إحباط العديد من العمليات سواء من الجانب التونسي أو من الجانب الايطالي ناهيك عن العمليات التي نجحت في الوصول إلى ايطاليا على غرار طفلة الأربع سنوات التي وصلت بمفردها أي دون عائلتها ليلة الأحد إلى جزيرة لامبيدوزا على متن قارب ضم 70 مهاجرا غير نظامي.
حادثة وصول طفلة الأربع سنوات أثارت جدلا واسعا في تونس وفي ايطاليا وخلفت عدة استفهامات وتساؤلات لا سيما بعد إيقاف عائلة الطفلة، حادثة رافقتها عدة تأويلات فهناك من يتحدث عن دفع الأب لمبلغ 24 ألف دينار مقابل «الحرقة» وهناك من يتحدث عن «المتاجرة بالبشر» وغيرها من التأويلات، وبحسب الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني، حسام الدين الجبابلي فقد تمّ الاحتفاظ بوالدي الطفلة ومباشرة قضية عدلية في الغرض والأبحاث جارية حول إمكانية وجود اتجار بالبشر، مشيرا إلى أن الجانب الاستعلاماتي يشير إلى أن والدي الطفلة أرسلا ابنتهما في مركب «حرقة» حتى يتمكنا من اللحاق بها.
ضحايا ومفقودين
كل يوم نستفيق على عمليات جديدة من الهجرة غير النظامية، البعض نجح في الوصول إلى جزيرة لامبيدوزا والبعض الآخر غرقت مراكبهم، حوادث خلفت العديد من الضحايا والمفقودين وذلك أمام تواصل صمت السلط وعدم اتخاذ أية إجراءات أو مقاربات جديدة تحول دون تسجيل حوادث أو ضحايا جديدة، ففاجعة جرجيس مثلا لا تزال إلى حد اليوم تسيل الكثير من الحبر وحديث الجميع مع تواصل غضب الأهالي بسبب مقبرة الغرباء، فالبحث عن بقية ضحايا غرق المركب والتي كان على متنها 18 من أبناء جرجيس متواصل ولم تتمكن السلطات المحلية والمجتمع المدني من العثور إلا على 7 جثث من بينهم إلى حد الآن، علما وأن الهلال الأحمر التونسي نفى علاقته بحادثة دفن ضحايا الهجرة غير النظامية بمدينة جرجيس مؤخرا في مقبرة الغرباء «حديقة إفريقيا».
دفن الجثث يبقى من اختصاص الدولة والسلط
وأوضح الهلال الأحمر في رسالة وجهها أمس إلى رئيس بلدية جرجيس، أن دفن الجثث يبقى من اختصاص الدولة والسلط العمومية والمحلية طبقا للقانون عدد 12 لسنة 1997 المؤرخ في 25 فيفري 1997 المتعلق بالمقابر وأماكن الدفن، مؤكدا أن المقابر تعتبر ملكا خاصا للجماعات المحلية لأي بلدية. كما أكد في ذات الرسالة أنه لا علاقة له بمشروع بناء «مقبرة إفريقيا» ولم يكن «شريكا فيه أو مشرفا عليه أو مساهما فيه»، مشيرا أن هذه المشاريع لا تدخل في مجال تدخل الهلال الأحمر لما قد تسببه من مشاكل وجب أن يشرف عليها أهل الاختصاص كما تقتضيه القوانين النافذة.
تصاعد مخيف للأرقام
ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى السواحل الايطالية باتت في الفترة الأخيرة ملفتة جدا أمام التصاعد المخيف لعدد «الحارقين» وما خلفتها من حصيلة مؤلمة ومفزعة للضحايا والمفقودين، أشخاص اختاروا الهرب ومواجهة البحر هربا من الوضعية التي يعيشونها بحثا عن آمال جديدة في موطن غير موطنهم حتى ولو ارتموا في أحضان مجهولة، وقد شدد رئيس الجمهورية قيس سعيد في لقائه مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن على تحميل كل طرف مسؤولياته كاملة لأن الهجرة غير النظامية ما كان لها أن تكون أو تتحول إلى ظاهرة إلا بسبب حيتان البرّ الذين لا شغل لهم إلا التنكيل بالشعب والقضاء على كل أمل في حياة كريمة في وطنهم. وأوضح أن وضع حد لهذه المآسي لا يمكن أن يتم إلا في ظل مقاربة شاملة وطنية ودولية في نفس الوقت.
إحباط 35 عملية هجرة غير نظامية في 72 ساعة
يشار إلى أن وحدات تابعة لإقليم الحرس البحري بالوسط، أحبطت خلال الـ 72 ساعة الماضية، 35 عملية هجرة غير نظامية انطلاقا من السواحل التونسية. وبحسب الناطق باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي فإن عدد المهاجرين غير النظاميين الذين شاركوا في هذه العمليات بلغ 949، بينهم 749 أجنبيا. من جهة أخرى،تحدث الجبابلي عن تمكن قوات الحرس الوطني من الإطاحة ب1366 منظم ووسيط في عمليات اجتياز الحدود البحرية خلسة، خلال الفترة الأخيرة.