حوادث غرق مراكب الهجرة غير النظامية مأساة تتكرر بين الحين والأخر ورغم فظاعتها لم تؤخذ منها العبرة ولم يوضع حد لعمليات «الحرقة» في جرجس منذ ايام ينتظر الاهالي العثور على جثث ابنائهم الذين فقدوا في عرض البحر وقد بلغ عددهم قرابة 18 شخصا، وسط ما اعتبر من قبل مكونات المجتمع المدنى تخلي الدولة عن واجباتها وتقاعسها في الوقوف الى جانب العائلات مما اضطر أهالي المنطقة وبحارتها للتعويل على امكانياتهم الذاتية للبحث عن المفقودين.
في نفس السياق ووفق المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فانه منذ 21 سبتمبر الى غاية بداية هذا الشهر احبطت الوحدات البحرية اكثر من 129 عملية اجتياز وبالتالي يعتبر ان اوليات الدولة مركزة على منع الاجتياز وتسخير اقصى الإمكانيات لذلك وتطمين الجار الأوروبي على حساب التضامن مع الأهالي وتقديم المساعدة لمعرفة مصير أبنائهم في وقت عرفت السواحل التونسية منذ بداية السنة أكثر من 542 ضحية ومفقودا.
لا يزال مصير عدد من «الحارقين» الى الضفة الاخرى من البحر الابيض المتوسط مجهولا ولم تنجح وسائل البحث بحرا او جوا وعبر الرادارات المتنقلة والقارة والزوارق وفق تصريح الناطق الرسمي باسم خلية الأزمة المنبثقة عن اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث بمدنين. هذا وسيتم اخذ عيينات لكل الجثث التى تم انتشالها بجربة او جرجيس او في أي منطقة للتعرف على هوياتها وتمكين العائلات من دفنها وقد تم اخذ عيينات من 11 جثة، هذا وشهدت المدينة حالة من الاحتقان بسبب دفن عدد من الجثث دون التثبت من هوياتها .
كثيرا ما انتقدت سياسية الدولة التونسية تجاه ملفات الهجرة غير النظامية وتعاملها مع الجانب الاوربي للحد منها عن طريق المنع والترحيل القسرى وعدم اعتمادها على حلول داخلية، وجدد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الدعوة الى ضرورة انشاء اطار دائم للاعلام والبحث عن المفقودين في البحر والاحاطة بعائلاتهم واعداد مخططات طوارئ محلية للتعامل مع حوادث الغرق نتيجة الهجرة غير النظامية مع ضمان وجود اماكن لائقة للدفن والتكفل ظروف ملائمة مع القيام باخذ عينات من الحمض النووي للقيام بالتحاليل اللازمة عند الضرورة.
في نفس الاطار وعلى اثر حادثة غرق مركب في سواحل جرجيس اكد الاتحاد الجهوى للشغل بمدنين على ضرورة التدخل المباشر للسلط وان تقوم الدولة بدورها مطالبا باحترام ذات الضحايا من خلال تسخير امكانيات الدولة لتحديد هوياتهم واكرامهم بالدفن اللائق بحضور اهاليهم .