رئيس الجمهورية في لقائه بوزير الفلاحة: في التعارض بين أولويات القصر وأولويات الشارع التونسي

نشرت رئاسة الجمهورية مساء الاثنين الفارط بلاغا عن مضمون لقاء الرئيس مع وزير الفلاحة ولاحقا نشرت تسجيل فيديو عن اللقاء وما حمله من مضامين حرص الرئيس قيس سعيد

على ان تبلغ الى الوزير ومن خلفه التونسيين. الا ان هذه المضامين جاءت لتعلن بشكل صريح عن ان قصر قرطاج في شبه قطيعة مع الواقع التونسي واختلاف أولوياته معه كليا.
بعد ان القى التحية واطمأن على صحته واحواله استهل الرئيس قيس سعيد كلمته لضيفه وزير الفلاحة لدى استقباله له بمكتبه بقصر قرطاج بالقول ان اللقاء الذي سيجمعهما سيتناول عددا من المواضيع المتعلقة بالمجال الفلاحي، وكانت أولى هذه النقاط الشركات الاهلية.
فالرئيس يعتبر ان توجه عدد من التونسيين الى بعث شركات اهلية في المجال الفلاحي يجب ان تتبعه تسهيلات من الدولة ومرافقة من مؤسساتها لضمان توفير الامكانيات والاليات لإنجاح هذه المبادرات المواطنية وضمان ان تخلق الثروة بصيغ غير تقليدية.
ويعتبر رئيس الجمهورية ان الشركات الاهلية ستوفر طرقا جديدة لخلق الثروة كما ستساعد المواطنين على استنباط طرق جديدة للقيام بذلك عكس ما يدّعيه من يزعمون معرفتهم بالاقتصاد وبكيفية خلق الثروة ممن ينتقدون قانون الشركات الاهلية وبخيارات الرئاسة في المجال الاقتصادي.
خيارات دافع عنها الرئيس بان انتقد من عارضوها واعتبر انهم «لا يعرفون شيئا» بل هم «مدعوون للمعرفة» وسيتبينون النتائج التي ستتحقق بعد بعث الشركات الاهلية خطأهم اذ يعتبر الرئيس انه يكفي ان تمنح الشباب الامكانيات حتى يتولوا بأنفسهم خلق الثورة. ليغلق الرئيس مجال الحديث عن الشأن الفلاحي سواء أتعلق الامر بالشركات الاهلية او بالقطاع ككل. وينتقل الى ما يعتبره جانبا اخر يتعلق بالقطاع الفلاحي واولياته.

هذا الجانب استأثر بجلّ مساحة التسجيل المصور الذي نشر ومدته 5 دقائق خصص الرئيس اكثر من نصفها للحديث عن استعمال «اطارين» في وزارة الفلاحة لسيارتهما الادارية للمشاركة في لقاء حزبي عقد في نهاية الاسبوع في الضاحية الجنوبية للعاصمة.
هنا اعتبر الرئيس انه يعتبر ان استخدام سيارتين وظيفيتين للتنقل الى اجتماع حزبي «توظيف الادارة العمومية لخدمة المصالح الحزبية» وشدد على ان السيارات الادارية موضوعة على ذمة المسؤولين لخدمة المرفق العمومي للدولة لا لخدمة الاحزاب.

بعيدا عن الثغرات القانونية وخطا التكيف القانوني الذي كشفه قول الرئيس بشان السيارتين. فان الامر لا يتعلق باستخدام اطارين ساميين في الادارة التونسية لسيارة وظيفية منحت لهما للاستعمال الشخصي والخاص كمنح وبدائل لتقديم اجر شهري يتماشى مع اقدميتيهما او تحصيليهما العلمي والمهني. ما قاله الرئيس كشف عن مفارقة لا تتعلق برغبة السلطة في تطوير الادارة ولا جعل الوظيفية العمومية السامية مغرية لاستقطاب الكوادر، بل في البون الشاسع بين اولويات الدولة وأولويات السلطة. اذ يكشف اللقاء ان اولوية الرئيس لازالت سياسوية بامتياز تتعلق بتحصين موقعه وسياساته وشيطنة خصم لم يكن ليحقق مكاسب لولا سوء تقدير الموقف السياسي من السلطة التي كرست وقتها وأجهزة الدولة لخدمة مشروع سياسي وتحقيق اولوياتها بدل النظر الى اولويات الدولة والشارع التونسي.

فاستغلال موظفين لسيارة ادارية بنص القانون جنحة يعاقب عليها بخطية مالية لا تتجاوز 60 دينارا مع عقوبة تأديبية إدارية ومن الغريب ان تكون محور لقاء سياسي او على راس اولويات السلطة في ظل وضع اقتصادي وسياسي واجتماعي متوتر وصعب.
كان المنتظر من رئيس الدولة في لقائه مع وزير الفلاحة ان يكون الاهتمام منصبا فعليا على مشاغل القطاع وأولوياته خاصة في ظل وضع عالمي بات فيه القطاع الفلاحي محور السياسات العمومية لتقليص تداعيات الحرب الروسية في اوكرانيا، اضافة الى جملة الازمات التي تعانيها منظومة تجميع وتخزين وتوزيع المياه في البلاد.

وقد حل محله بدل ذلك الحديث عن استخدام اطارين لسيارة منحتهما لهما الدولة واليوم يحاسبهما رئيسها على استعمالها الحر لما منح لهما مقابل عدم الترفيع في اجريهما.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115