برنامج الإصلاحات: الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية والمنظومة الجبائية... حكومة بودن بين إرضاء صندوق النقد الدولي وإقناع اتحاد الشغل

والحصول على قرض لتمويل ميزانية الدولة، برنامج يضمّ العديد من الملفات الحارقة والشائكة والثقيلة التي لم تقدر أية حكومة على حلها أو التقدم فيها ولو بخطوات نسبية، ملفات متصلة بعضها ببعض تخص منظومة الدعم والمنظومة الجبائية وإصلاح المؤسسات العمومية وملف المحروقات والاستثمار وغيرها من الملفات التي انطلقت الحكومة في متابعتها وإصلاحها عبر البرنامج الوطني للإصلاحات والتي كانت قد أعدته وقدمته إلى صندوق النقد الدولي.
متابعة لتنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات كان المحور الأساسي للمجلس الوزاري الذي عقد يوم أمس في قصر الحكومة بالقصبة بإشراف رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وتم في هذا المجلس استعراض مدى تقدم تنفيذ الإصلاحات في إطار برنامج الاستقرار الاقتصادي والمالي والمتمثل في تنشيط الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال وتحرير المبادرة وتكريس قواعد المنافسة النزيهة وإصلاح المنظومة الجبائية ودعم صلابة القطاع المالي، تعزيز الرقمنة وتثمين رأس المال البشري وتطوير أداء وكفاءة القطاع العمومي وأخيرا دعم الإدماج الاجتماعي.
التسريع في نسق تنفيذ الإصلاحات
كما تمّت خلال المجلس الوزاري متابعة تقدم تنفيذ برنامج إصلاح المؤسسات العمومية وإصلاح منظومة دعم المواد الأساسية وإصلاح منظومة دعم المحروقات بالتوازي مع التسريع في الانتقال الطاقي وبرنامج الأمان الاجتماعي والإصلاحات في مجال البيئة والتنمية المستدامة. وفي هذا الإطار أوصت رئيسة الحكومة بضرورة العمل من أجل التسريع في نسق تنفيذ الإصلاحات لما تمثله من أهمية، نظرا لضرورة تركيز الاستقرار الاقتصادي والمالي والاستعداد للمحطات القادمة، وأهمها مناقشة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، بحسب بلاغ رئاسة الحكومة. فالحكومة باتت اليوم تتسابق مع عقارب الساعة من أجل التوصل إلى اتفاق مع الصندوق في أقرب وقت ممكن حتى تتمكن من الإيفاء بكافة تعهداتها من توفير المواد الاستهلاكية ومنتوجات الطاقة وصرف الأجور وخلاص خدمة الدين، وبرنامج الإصلاحات هو الخيط الرابط بين الحكومة والصندوق ولكن تطبيق هذا البرنامج يستدعي بالضرورة حصول توافق مع الاتحاد العام التونسي للشغل لاسيما في 3 محاور أساسية، منظومة الدعم والمنظومة الجبائية وإصلاح المؤسسات العمومية، ملفات كانت من أبرز أسباب المعارك التي خاضها الاتحاد مع الحكومات السابقة.
منهج تشاركي
اليوم تخطت الحكومة معركة المفاوضات الاجتماعية مع اتحاد الشغل بعد إمضاء اتفاق الزيادة في الوظيفة العمومية والقطاع العام ولكن يبقى الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية والجباية من أبرز الملفات الشائكة والمعقدة والحكومة تعي جيدا أن التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد بخصوص هذه الملفات لن يكون سهلا، وبالنسبة إلى رئيسة الحكومة فإنها تعتبر أن التوقيع على هذه اتفاقية الزيادة في الأجور سيشكل حتما أرضية ملائمة للتقدم معا على درب الإصلاح ودفع الحركية الاقتصادية بما يسمح بخلق مزيد من مواطن الشغل وتحسين ظروف عيش المواطنين، مؤكدة على التزام الحكومة بالمضي قدما في اعتماد منهج تشاركي في تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات للمرور بتونس إلى بر الآمان.
في انتظار مصادقة الإطارات التقنية
يشار إلى أنه وفق تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة نصر الدين النصيبي فإن ملف تونس أصبح مقبولا من الناحية التقنية بعد أن استجابت الحكومة التونسية لمختلف الشروط الموضوعة، مبينا أن الملف اليوم في مرحلة مصادقة الإطارات التقنية للصندوق «ستاف لافل ايقريمنت» بعد استكمال دراسة الملف التونسي لتعطي موافقتها التقنية. وتوقّع أن تقع المصادقة خلال الأسابيع المقبلة قائلا « نواصل التحاور مع الإطارات التقنية لصندوق النقد الدولي عن بعد والجلسات تتواصل بصفة طيبة وملف تونس مقبول ومستكمل لجميع الشروط». ولاحظ أن الاجتماع المقبل لمجلس إدارة صندوق النقد الدولي قبل موفى هذه السنة سيتداول في الملف التونسي للمصادقة عليه، مؤكدا أن «ما إن تتحصل تونس على مصادقة الإطارات التقنية ستتمكن من الحصول على التمويلات من الدول الصديقة التي وعدت تونس بان تنطلق في صرف التمويلات».