من البلاغ إلى منشور وضع مكاتب القضاة المعزولين تحت طائلة الجرد ومنع الدخول إليها: وزيرة العدل تختار التصعيد والأزمة تتجه إلى مزيد التعقيد..

اختارت وزارة العدل التصعيد ردا على أحكام المحكمة الإدارية حول إيقاف تنفيذ قرارات عزل عدد من القضاة، لتتجه الأزمة على ما يبدو إلى مزيد التعقيد

وقد تحمل الساعات أو الأيام القليلة القادمة تطورات جديدة قد تزيد من حدة الجدل، فالوزارة وردا على قرارات المحكمة الإدارية، أصدرت في خطوة أولى بيانا أكدت فيه أن القضاة المشمولين بالإعفاء هم محل إجراءات تتبعات جزائية، وفقًا لأحكام المرسوم عدد 35 لسنة 2022، لتتولى التفقدية العامة بالوزارة في مرحلة ثانية توجيه منشور إلى الرؤساء الأول لمحاكم الاستئناف والوكلاء العامين لديها ورؤساء المحاكم الابتدائية ووكلاء الجمهورية لديها والمديرين الجهويين للوزارة يوم امس موضوعه وضع مكاتب تحت طائلة الجرد ومنع الدخول إليها.
لئن أكدت الهياكل القضائية وضوح قرارات المحكمة الإدارية وإيقاف قرارات الإعفاء ضدّ عدد من القضاة مع التشديد على وجوبية التزام السلطة بتطبيقه، الا ان وزارة العدل فضلت إتباع تمشي التصعيد وعدم الرجوع إلى الوراء، ولم تكتفي بالبلاغ الذي أصدرته يوم الأحد بل وجهت منشورا أمس إلى الأطراف المذكورة آنفا جاء فيه أنه « تبعا لتعهد التفقدية العامة بعمليات جرد مكاتب القضاة المشمولين بالأمر الرئاسي عدد 516 لسنة 2022 المؤرخ في 1 جوان 2022 المتعلق بإعفاء قضاة، وباعتبار أن هذه الأعمال لا تزال جارية، بما يتطلب منع الدخول إليها وتعيين حارس عليها فأنكم مدعوون كل في حدود اختصاصه وصلاحياته إلى اتخاذ كافة الإجراءات المستوجبة والمحافظة على المكاتب وحماية محتوياتها على الحالة التي هي عليها وتعهيد الجهة المختصة لتفعيل أحكام الفصلين 153 و 157 من المجلة الجزائية عند كل إخلال.
من يتخذ القرارات؟
أثار بلاغ ومنشور وزارة العدل جدلا واسعا في الساحة القضائية في تصعيد الوزيرة كان الحدث البارز في الـ48 ساعة الأخيرة وقد طرح عدة نقاط استفهام منها خاصة كيف سيتفاعل مجلس القضاء العدلي المؤقت مع قرار وزيرة العدل؟ وهل أن الوزيرة تتصرف وتتخذ القرارات بمفردها أم بإذن من رئيس الجمهورية قيس سعيد؟ علما وأنه لم يعقد أي لقاء ثنائي بين الرئيس والوزيرة منذ أكثر من شهرين، حتى أن البعض تحدث عن خلافات وقطيعة بينهما في انتظار مزيد توضح الصورة أكثر في الأيام القليلة القادمة، ملف القضاة يتجه إلى مزيد التعقيد أمام تتالي وتواصل ردود الأفعال الرافضة لبلاغ الوزارة ومنشورها، حيث أكد رئيس جمعيّة القضاة الشّبان، مراد المسعودي أنّ قرارات المحكمة الإداريّة باتّة ولا تقبل الطّعن، بأي شكل من الأشكال، وهي قرارات تنفّذ باسم رئيس الجمهوريّة، واعتبر أن وزيرة العدل قد ارتكبت جريمة «تعطيل حرّية العمل» بعد قرار وضع مكاتب القضاة المعفيين والعائدين لمواقعهم، بحكم قرار المحكمة الإداريّة، تحت طائلة الجرد ومنع الدّخول إليها ، مؤكّدا أنّ لجوءها إلى التفقديّة العامّة «لا ينفي عنها المسؤولية، نظرا إلى أنّها خالفت الإجراءات المتبّعة».
أحكام المحكمة الإداريّة تنفّذ حال صدورها
وبيّن رئيس جمعيّة القضاة الشّبان أنّ مكاتب القضاة المشار إليها، تمّ جردها منذ صدور قرار الإعفاء في مستهلّ شهر جوان 2022، مشدّدا على أنّ وزيرة العدل «تهدف إلى إبقاء المكاتب شاغرة، إلى حين سدّ الشغورات، نظرا إلى أنّ المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، أبقى على الشغورات في مناصب القضاة المعفيين». كما أشار في السّياق ذاته في تصريح له لوكالة تونس إفريقيا للأنباء إلى أنّ أحكام المحكمة الإداريّة، تنفّذ حال صدورها طبق الفصل 41 جديد من قانون المحكمة الإداريّة، ممّا يعني أنّه من حقّ القضاة المنصفين العودة مباشرة إلى أعمالهم وفي أماكن العمل ذاتها التي كانوا يشغلونها قبل الإعفاء، ملاحظا أن أيّ تتبّع ضدّهم، يخضع إلى إجراءات خاصّة.
تصعيد لا مبرر له
من جانه اعتبر الحزب الجمهوري، أنّ بلاغ وزارة العدل (بخصوص القضاة المعفيّين) تضمّن تصعيدا لا مبرّر له، من قبل الوزارة وسلطة 25 جويلية وإمعانا منها في مزيد تأزيم الأوضاع، بالإصرار على تحدّي التّشريعات الجاري بها العمل وعدم احترام قرارات المحاكم، ما من شأنه تعريض استقرار البلاد والسّلم الأهليّة للخطر». وطالب الحزب الجمهوري، في بيان له «رئيس السّلطة القائمة، باعتباره المعني الأوّل بتنفيذ قرار المحكمة الإداريّة، بإعلان احترامه لأحكام القضاء والإذن بتنفيذها فورا»، داعيا الرّئيس إلى «الاعتذار للقضاة المعفيّين، لما نالهم من مسّ بمكانتهم، وإلى ردّ الاعتبار لهم والتّخلّي نهائيّا عن محاولات إخضاع السّلطة القضائيّة أو توظيفها». كما أضاف أنّ «سياسة إضعاف وتفكيك مؤسّسات الدّولة، نال من مكانة تونس، على السّاحة الدّوليّة، في حين تتطلّب المصلحة الوطنيّة ضمان عوامل الاستقرار ومناخ الثّقة الضّروريّين لتوفير الدّعم والإسناد، لتجاوز الأزمة الرّاهنة بأخفّ الأضرار»، وفق البيان ذاته.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115