متساكنو أرياف ولاية منوبة يصوّتون على «الدستور»: نسبة إقبال تراوحت بين المُحترمة والضعيفة ... غياب واضح لفئة الشباب .. وانعدام الثقة يعكّر الأجواء

تغطية : وفاء العرفاوي وفتحية سعادة 

توجّه متساكنو المناطق الريفية التابعة لولاية منوبة صباح أمس إلى صناديق الإقتراع للإدلاء بأصواتهم في الإستفتاء على الدستور ،

محمّلين بقناعات وآراء متباينة تراوحت بين ‘’نعم’’ و»لا» . ‘’المغرب’’ تنقّلت إلى مراكز اقتراع في المناطق الريفية ذات الكثافة السكانية الضعيفة والمتوسّطة، ومن بينها المدرسة الابتدائية بمنطقة المهرين والمدرسة الإبتدائية الشويقي ،والمدرسة الابتدائية 14 جانفي طبربة . شهدت هذه المراكز نسبة حضور متباينة ومشاركة تراوحت بين المحترمة والضعيفة من متساكني العمادات والمعتمديات التابعة لكل من معتمدية البطان ومعتمدية طبربة من مختلف الشرائح والفئات العمريّة وسط نسبة إقبال ضعيفة نوعا ما من فئة الشباب.
المشهد السياسي المضطرب والغموض الذي يحيط بمستقبل البلاد السياسي والاقتصادي والمخاوف من تأثيرات الانقسام الحادّ على استقرار البلاد ، دفعت أغلب الحاضرين إلى المشاركة في الاقتراع وفق أغلب الآراء التي استقتها «المغرب» أمس. ولئن اتسمت الأجواء العامة التي رافقت الاقتراع على الدستور الجديد بالهدوء، فقد ساد التعتيم ورفض الإدلاء بالتصريحات الإعلامية بخصوص نسبة الحضور والمشاركة والفئات التي شاركت في هذا الاستحقاق الإنتخابي وظروف سير العملية الإنتخابية في أغلب مراكز الإقتراع التي قمنا بزيارتها بتعلّة التعليمات الصارمة الصادرة عن الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات .
يشار إلى أنّ أغلب مكاتب الاقتراع المعنية فتحت أبوابها بصفة عادية في الوقت المحدد أي بداية من الساعة السادسة صباحا وسط إجراءات أمنية مشددة، ولئن تراوحت التغطية بين امتناع بعض رؤساء مراكز الإقتراع عن تقديم المعلومات وصعوبة الوصول إلى أرقام حينية من مكاتب الإنتخاب ، فقد شهدت مدرسة المهرين التابعة لمعتمدية البطان نسبة مشاركة محترمة إلى حدود الساعة 11 صباحا وسط حضور والتزام واضح من المراقبين والملاحظين وأعضاء مكاتب الإقتراع . فمركز الاقتراع الذي يضم 931 ناخبا من المناطق القريبة بالعمادة ، شهد توافد عدد محترم من المواطنين الحالمين بتغيير الواقع الصعب الذي تعيشه تونس سواء عبر التصويت بـ«نعم» أو التصويت بـ«لا».
«المهرين».. استفحال البطالة وغياب أبسط مقومات العيش الكريم
مشاغل المواطنين وانتظاراتهم من المرحلة المقبلة استقتها ‹›المغرب›› من المواطنين الحاضرين في صفوف مركز الاقتراع ، في مناطق تعاني من غياب المشاريع التنموية واستفحال ظاهرة البطالة وصعوبة الأوضاع الإجتماعية والاقتصادية.
منطقة المهرين الريفية الواقعة بين معتمديتي البطان وبرج العامري تفتقر لأبسط مقومات العيش الكريم في ظلّ غياب المشاريع التنموية بالجهة ومعاناة متساكنيها من معضلة النقل العمومي وإهتراء البنية التحتية . وعدم تمتّع شبابها بفرص تشغيلية تتماشى مع شهائدهم العلمية الجامعية مما ساهم في ارتفاع نسبة البطالة في صفوفهم.
تأثر المقدرة الشرائية وغلاء الأسعار
من بين المشاركين في الاقتراع على الإستفتاء، هاجر 41 سنة مديرة روضة أطفال ، قالت في حديثها لـ»المغرب» أنّ «التوق إلى مستقبل أفضل لتونس يقطع ما عاشته البلاد من اضطرابات وعدم استقرار هو ما دفعها إلى المشاركة في هذا الإستفتاء . مُعربة «عن أملها في مستقبل أفضل للأجيال القادمة وفي مشهد سياسي مستقر يفتح الأبواب أمام استقرار اقتصادي وإجتماعي والتطلّع إلى مزيد من المكاسب للمرأة التونسية وعدم الإلتفاف على حقوقها وحرياتها التي اكتسبتها على امتداد عقود طويلة».
عبد العزيز 45 سنة أستاذ تعليم ثانوي قال بدوره أنّ الاحتقان السياسي والاجتماعي، علاوة على تأثر المقدرة الشرائية للمواطن وغلاء الأسعار وعدم قدرة التونسيين على مجابهة هذه القفزة الكبيرة في الأسعار ، تجعل من دق ناقوس الخطر أولوية من أولويات هذه المرحلة معتبرا أنّ المشاركة في الاستفتاء من خلال التصويت بـ«نعم» أو «لا» هو مساهمة فعلية من المواطنين في تجاوز مرحلة حساسة وصعبة مرت بها بلاد في العشرية الأخيرة . وتابع محدّثنا أن انعدام الثقة بين المواطن والحكام زادت من إرباك الوضع العام بالبلاد في ظل تزايد الوعود الزائفة والمماطلة والفساد في البلاد.
جميلة 58 سنة ربة منزل أكدت أنها غير ملمة بما يحدث في البلاد إلاّ أنّ خوفها من عدم الاستقرار الأمني والاجتماعي يجعلها حاضرة دوما في كافة الاستحقاقات الانتخابية على أمل تحقيق الأفضل لتونس بعيدا عن المصالح الضيقة للأحزاب السياسيّة.
وقد شهد اليوم الانتخابي عزوفا متوقعا من فئة الشباب ، وسط مخاوف من أغلبهم وغياب الرغبة في التصويت وفق ما صرح به أنور 26 سنة عاطل عن العمل، معتبرا أنّ التسويف والمماطلة من السياسيين وعدم الالتزام بالوعود الإنتخابية للسياسيين.
منطقة الشويقي:
إقبال محتشم في ظل غياب شبه كلي لشباب منطقة الشويقي من ولاية منوبة، سجّل مكتب الاقتراع بالمدرسة الابتدائية بالجهة إقبالا محتشما للناخبين، فرغم تسجيل أكثر من 2000 ناخب بالقائمات إلا أنه لم يتم خلال الفترة الصباحية إلا تصويت العشرات فقط.
ووفق ما لاحظته «المغرب»، يوجد غياب شبه كلي للشباب، وان اغلب من مارسوا حقهم في التصويت على مشروع الدستور الجديد تتجاوز أعمارهم الـ50 سنة.
«مشروع الدستور نقطة أمل»
وفي تصريح لـ«المغرب» عبر بعض الناخبين عن رفضهم لما أسموه بـ»العودة على الأعقاب»، واعتبروا أنّ إمكانية تغيير دستور 2014 قد تكون بمثابة «الأمل» الذي قد يغير من الظروف التي أصبحت تعيشها البلاد التونسية.
من جهته وصف صابر بن عبدة (مواطن) حالة البلاد بـ«الكارثية» حيث أصبح من الصعب توفير أبسط الحاجيات وتلبية ما تتطلبه الحياة اليومية أمام موجة الغلاء التي تعيشها البلاد على حد تعبيره.
واعتبر محدّثنا انّ «دستور 2014 كان فاشلا كما فشلت الحكومات السابقة على حد تعبيره، وتبعا لذلك فانه مشروع الدستور الجديد قد يكون بمثابة الأمل الأخير الذي يعلق عليه التونسي آماله في إمكانية إصلاح البلاد التي تبعثرت أوراقها وأصبح من الصعب لملتها».
وقال محدّثنا «ندعو رئيس الجمهورية إلى مراجعة بعض المسائل التي أصبحت تهدد قوت المواطن التونسي وخاصة في ما يتعلّق بمافيات الاحتكار وغيرها المتسببة في غلاء الاسعار وارتفاعها بصفة مشطة».
كما عرّج محدّثنا على انتشار العنف في الشارع التونسي، واعتبر أنّ هذه الظاهرة أصبحت تهدد سلامة المواطن بصفة عامّة وانه قد بات من الضروري تشديد العقوبات الجزائية على كلّ من يثبت تورطهم في قضايا «السرقة والنطرة والبراكجات...».
«نعم للرئيس لا للدستور»
من جهة أخرى قالت إحدى الناخبات «انا لا اهتم بما أتى به مشروع الدستور الجديد من أحكام وفصول، ما يهمني ان تكون البلاد بخير»، «أنا أدليت بصوتي اليوم كي اقول نعم للتغيير والتجديد، نعم لتونس اجمل، كفانا ديمقراطية مزيفة. أنا لم اطلع على مشروع الدستور ولا علم لي بما تضمنته فصوله ورغم ذلك فانا أقول وللمرة الثالثة على التوالي نعم لقيس سعيد على أمل أن يُخرج البلاد من الضيق التي تعيشه اليوم. نحن مواطنون لا نهتم بالسياسية ولا بالكراسي ما يهمنا فقط أن يتم القضاء على الفقر وإسترجاع ثقة المواطن في دولته ومحاسبة كل من ثبت تورطه في إيصال البلاد إلى هذه الحالة وهذه الظروف».
ودعت محدّثتنا رئيس الجمهورية إلى الأخذ بعين الاعتبار قفة المواطن، مشيرة إلى إن اغلب المواطنين أصبحوا عاجزين عن تلبية حاجياتهم اليومية ، مشيرة إلى أن فئة هامّة من المواطنين باتوا يعانون حالة من الفقر المدقع أمام غلاء المعيشة. وشددت على ضرورة توفير مراقبة يومية على التجّار اللذين أصبحوا يمتنعون عن مدّ المواطنين على حدّ السواء ببعض المواد التي تشهد نقص كالزيت والسكر.
«لن نصوّت لا بـ«نعم» ولا بـ«لا»
من جهة أخرى عبّر عدد من الشباب في تصريح لـ«المغرب» عن رفضهم المشاركة في ما أسموه بـ«اللعبة السياسية». وأكّدوا أنه لا تربطهم بالبلاد التونسية سوى الهوية، وأنهم لا يرون المسؤولين إلا وقت الانتخابات».
وأفاد البعض من شباب الجهة ، أنهم كانوا قد حاولوا في العديد من المناسبات إيصال أصواتهم إلى الجهات المعنية من أجل توفير مواطن الشغل وتوفير ابسط مقومات العيش الكريم بالجهة ، إلا انه وكما هو الحال منذ الثورة كلها بقيت وعود كاذبة، فبعد الانتخابات لن نرى بالجهة أي سياسي أو مسؤول لذلك قررنا المقاطعة، ولن ندلي بأصواتنا لا بـ»نعم» ولا بـ»لا». وقالوا «نحن قاطعنا السياسة والسياسيين وكافة المسؤولين، لن نشارك في لعبة أصبحنا نعلم نتائجها مسبقا، ولن نرى منها سوى وعودا زائفة لن نجد لها أي جدّية».
وشدّد شباب الجهة على الدولة طالما أنها لم تنهي ما وصفوه بمهزلة شركة الإحياء والتنمية الفلاحية بالجهة، فإنها لن تقضي على الفساد وستظلّ تعمل على تهميش الجهة وإرغام أبنائها على الانحراف جرّاء البطالة والفقر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115