اتحاد الشغل يكشف عن ملاحظاته حول مشروع الدستور وتعديلات الرئيس: التحسينات إيجابية لكنها لـم تعالج الإخلالات التي تعيق بناء دولة القانون

تفصلنا 10 أيام فقط عن موعد الاستفتاء الوطني حول مشروع دستور الجمهورية الجديدة ولا تزال الانتقادات حول مضامينه, كذلك التعديلات التي أدخلت على المشروع متواصلة

على غرار موقف الاتحاد العام التونسي للشغل الذي اختار أن يكشف عن ملاحظاته حول مشروع الدستور والتعديلات التي قام بها الرئيس قبل أيام فقط من الاستفتاء المقرر يوم 25 جويلية الجاري، حيث اعتبر الاتحاد وبحسب ما نشره على صفحته الرسمية بشأن مشروع الدستور أن التوطئة لا تليق بدستور تونس كما أن المشروع قد أخلّ بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط ومكّن رئيس الجمهورية من التحكم في جميع السلطات ومركز بين يديه جميع الصلاحيات وجعله فوق كل محاسبة ومراقبة وحصّنه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية.
وفق ملاحظات اتحاد الشغل حول مشروع الدستور الصادر بالرّائد الرسمي بتاريخ 30 جوان المنقضي، فإن مشروع الدستور قد أقصى مفهوم الدولة المدنية القائمة على الفصل بين الدين والدولة وفتح مجالا واسعا للدين كعنصر أساسي في الحياة السياسية والقانونية كما أنه قلّص إلى حدّ خطير من الاستقلالية عن هيئات الدولة ومنح الحريات والحقوق لكنه ضيق من ضمانات إنفاذها واحترامها حتى بالنسبة للأساسية منها وترك المجال واسعا للقانون لتقييدها حسب مبدإ الملاءمة ( بدل التناسب) دون التزام بقيم ومبادئ مصلحة الدولة المدنية الديمقراطية إضافة إلى ذلك فقد أضعف صلاحيات التمثيل النيابي في مجلس النواب وأهمها الدور الرقابي على عمل السلطات السلطة التنفيذية، فضلا عن السكوت المتعمّد عن طريقة انتخابه وموعده وتركيبته ومدّته النيابية.
مجلس الجهات والأقاليم يمهد لما يسمى بالبناء القاعدي
خلص الاتحاد العام التونسي للشغل إلى أن مشروع الدستور قد أوجد مجلسا يمثّل الجهات والأقاليم ومهد لطريقة التصعيد سبيلا للتمثيل فيه بما يؤسّس لما يسمّى بالبناء القاعدي واشركه من حيث الدور والصلاحيات والقوّة التشريعية مع مجلس النوّاب ممّا قد يخلق تنازعا ويعيد إنتاج الأزمات والتعطيل ولم يحدّد أجل بعثه وهو المرهون ببعث المجالس الجهوية والمجالس الإقليمية ولم يكتفي الاتحاد بالكشف عن ملاحظاته بخصوص مشروع دستور 30 جوان بل كشف عن ملاحظاته بشأن المراجعة التي أدخلها الرئيس على المشروع، ليؤكد أن المراجعة التي قام بها رئيس الجمهورية وما أدخله عبرها من تعديل على مضمون النص الدستوري المقترح على الاستفتاء، تمثّل اعترافا صريحا بمشروعية وصواب القراءة النقدية التي قام بها الاتحاد لمشروع الدستور المقترح الذي اعترته نقائص وإخلالات كثيرة وجوهرية، مشددا على أن التنقيحات المدخلة من تحسينات جزئية على مشروع الدستور مثلت مراجعة إيجابية على غرار المراجعة التي أدخلت على الفصول 55 و71 و90 و124 و125 .
تواصل الإخلال بمبدأي الفصل بين السلط
من أبرز الملاحظات التي أعلن عنها الاتحاد في علاقة بالتعديلات هي أن الاكتفاء بإصلاح بعض التعابير في التوطئة دون تعديلات جوهرية على منظومة القيم والمرجعيات هو إصرار على تغييب القيم الكونية لمنظومة حقوق الإنسان ورغبة جامحة في إعادة كتابة مسار التاريخ من منظور ذاتي، كما اعتبر أن المراجعة المدخلة على مشروع الدستور المقترح لم تعالج الإخلالات الأساسية التي تعيق بناء دولة القانون والمؤسسات وإرساء نظام سياسي مدني ديمقراطي اجتماعي قائم على الفصل بين السّلط والتوازن بينها وحماية الحقوق والحرّيات وإنفاذها، وأهمّها تواصل الإخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط بما هما أساس كلّ نظام وبناء ديمقراطي وليسا مجرّد إجراء شكلي كما يدّعي البعض والحفاظ على تحكّم رئيس الجمهورية في جميع السلطات وعلى مركزة جميع الصلاحيات بين يديه وجعله فوق كلّ محاسبة ومراقبة وتحصينه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية إلى جانب الإبقاء على حالة الاستثناء دون تسقيف زمني ودون رقابة من المحكمة الدستورية وجعلها سلطة من السلطات الواسعة لرئيس الجمهورية. واعتبر اتحاد الشغل أن الإبقاء على صلاحية الالتجاء إلى الاستفتاء التشريعي والدستوري المباشرين بيد رئيس الجمهورية بما يسمح له بتجاوز السلطة التشريعية لمجلس نواب الشعب وحتّى السلطة التأسيسية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115