الفارط بالرائد الرسمي مع تجديد دعوته للتونسيين بالتصويت لصالح دستوره.
اعلان جاء اثره نشر الامر الرئاسي عدد607 المؤرخ في 8 جويلية الجاري والمتعلق باصلاح «اخطاء تسربت الى مشروع الدستور المنشور بمقتضى امر رئاسي عدد 587 في 30 جوان 2022». خطوة رئاسة الجمهورية والتي شملت اصلاحا لخطأ الرقن واللغة والتبويب امتدت لتشمل تعديلا لنص عدد من الفصول التي تضمنها مشروع الدستور بهدف طمأنة بعض المتوجسين من المشروع والذين يعتبرونه يمثل خطرا على الحريات العامة والفردية ويهدد بالانتكاسة الى الاستبداد.
فالرئيس اختار ان يمزج بين اصلاح النص لغة ورقنا وبين تعديل فصول يراها قادرة على اقناع جزء من المنتقدين. لمشروع دستوره وطمأنتهم بان تونس لن تعود للاستبداد او هذا ما بحث عنه الرجل يوم الجمعة الفارط ولكن يبدو انه بعيد عن نيل مراده.
فالتعديلات التي نشرت لم تغير فعليا من توزانات المشهد ولا من الاصطفافات. اذ ظل من يساند متشبثا بدعمه للنصين القديم منهما والجديد ولكل منهم حججه التي يعتبر ان التعديلات والتنقيحات لم تنل من جوهر المشروع ولم تحدث تطورا وجب معه تعديل الموقف.
وقد ظلت القناعات ذاتها والاصطفافات، رغم ان التعديلات التي بحث عبرها الرئيس عن اصلاح القصور في نص المشروع الاول شملت تحديد عدد نيابات الرئيس واعادة ضبط بعض شروط الترشح كالتزكية اضافة الى انها تجاوزت الفراغ الذي شمله النص الاول في علاقة ببعض الاجراءات التي تتضمن المصادقة على الميزانية من ذلك عدد الاصوات الواجبة للمصادقة على الموازنة وتفاصيل اغفلها النص الاول بشكل كلي.
ملء الفراغات التي «تسربت» للمشروع الاول وتعديل بعض الفصول الاخرى بما يمثل بالنسبة للجهة المبادرة ضمانات بشأن الحقوق والحريات على غرار الفصلين الخامس والخامس والخمسين، خطوة رسخت صورة مفادها ان الرئيس متمسك بمشروعه وقراراته وانه ينوي الذهاب الى النهاية مبررا خياراته بنبل «غايته» في تطبيق للمكيافيلية الجديدة ومقولاتها الابرز بان الغاية تبرر الوسيلة.
فنبل الغاية هو أساس الدفاع الذي يطلقه انصار الرئيس في مسعاهم لتمرير تعديل نص مشروع الدستور بعد نشره، وهي حجتهم في وجه أساتذة القانون الدستوري الذين اعتبروا ان ما حدث خرق للمرسوم الرئاسي عدد 31 الذي حدد اجال نشر مشروع الدستور.
لكن هذا الجدل بدوره لم يغير من المعادلة ولا القول بان الرئيس لم يحترم مرسومه ولا النصوص التي اصدرها لتنظيم عملية الاستفتاء وانه اعتمد على سياسية المرور بقوة وفرض الامر الواقع على الجميع والتمسك بقيادة المسار منفردا سيعدل من التوازن او من التموقعات.
فمنذ 30 من جوان اتضحت الصورة بشكل اكثر ولا يبدو انها قد تشهد تغيرا فكل طرف اختار موقعه سواء من المسار او من مشروع الدستور وهذا سيتضح بدوره بعد نهاية الاجال التي منحتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للمشاركين في الحملة لإعادة تحديد موقفهم من الدستور. وهي مهلة بررتها الهيئة بان التعديلات التي جدت يوم الجمعة فرضتها وفرضت على الهيئة منح المشاركين في الحملة حيزا من الزمن لإعادة تحديد موقفهم.