اختلافات بين مشروع لجنة بلعيد والنسخة الصادرة : التعديلات تطال مشروع الدستور وتشمل المسألة الاقتصادية ونظام الحكم والصلاحيات

بعد ان قدم الصادق بلعيد إلى رئيس الجمهورية مشروع الدستور الذي أعدته الهيئة الاستشارية انتظر جزء من التونسين ان تنشر المسودة للإطلاع عليها

في انتظار النشر الرسمي لمشروع الدستور والذي حصل اول امس وذلك للوقوف على التعديلات التي ادرجها الرئيس على المشروع المقترح عليه إذا ما وجدت. غير ان هذا لم يحدث فحال دون معرفة دقيقة للتعديلات التي ادخلها الرئيس.
انتظار طال ولم يقع نشر المسودة التي اشتغلت عليها هيئة الصادق بلعيد، وحل اجل نشر مشروع الدستور وفق المرسوم الرئاسي عدد30 لسنة 2022 ومعه اطلع التونسيون على مضمون المشروع والذي اثار بدوره سؤال عن ماهية الفصول التي عدلها الرئيس ومدى هذا التعديل.
سؤال لا يقدم من اطلع على النسخة التي سلمت للرئيس في 20 جوان الفارط اية اجابة عنه وخاصة الثنائي الرئيسي في الهيئة: العميد الصادق بلعيد واستاذ القانون الامين محفوظ، اذ التزم الثنائي الصمت ورفض التعليق او التفاعل مع الاعلام، على عكس عميد المحامين ابراهيم بودربالة الذي اقر بوقوع تعديلات لم يكشف كما انه اعتبر ان التعديلات جعلت مشروع الدستور افضل.

اقرار بتعديلات من شخصية تعتبر من القلائل الذين اطلعوا على مشروع الدستور المقترح مما يساعد على تقفي اثر الخبر الذي نثر خلال الاسابيع الفارطة من قبل الثلاثي، بلعيد بودربالة ومحفوظ، في اطلالاتهم الاعلامية وحواراتهم وتصريحاتهم التي شكلت ملامح اولية لمشروع الدستور طوال الفترة الفاصلة بين انطلاق اشغال اللجنة وصدور المشروع في الرائد الرسمي.

بالعودة الى ما تقدم به الثلاثي من تصريحات تعلقت بمضمون الدستور نتبين ان ما اقترحه على الرئيس في حواراتهم الاذاعية او في اطلالتهم التلفزية قدم على الاقل اطارا عام لما تقدموا به لرئيس الجمهورية وتركوا له سلطة القرار في اعتماد ما يقترحونه او تعديله.
ومن الملامح التي حرص الثلاثي وخاصة الصادق بلعيد على ان تبرز بشكل لافت تخصيص باب باكمله لـ«الاقتصاد والتنمية» تحدث عنه الصادق بلعيد في حوار له بثته القناة الوطنية الاولى بإطناب كما تحدث عن توازن السلطات وعن اليات الرقابة على السلطة التنفيذية. ففي الايام الفارط تحدث الصادق بلعيد والعميد ابراهيم بودربالة عن تخصيص الباب الاول من مشروع الدستور الزمع عرضه على الاستفتاء في 25 من الشهر الجاري، للمسألة الاقتصادية والاجتماعية ولكن مشروع الدستور الصادر لم يحمل ما قاله الرجلين بل ولم يقع التعمق في المسالة الاقتصادية في المشروع كما تحدثا عنها في وسائل الاعلام. اي اننا امام اول ملامح للتعديلات التي اجراها الرئيس على المشروع المقترح اليه وهي الغاء باب باكمله يتعلق بالمسالة الاقتصادية والاجتماعية التي سوقت على انها سابقة في التاريخ واثبات لأهمية دسترة كيفية ادارة الشان الاقتصادي في المستقبل.
لكن التعديل لم يقف عند الغاء هذا الباب الذي مثل احد نقاط القوة والارتكاز في الخطاب الصادر عن الثلاثي، بلعيد وبودربالة ومحفوظ، ان تعلق الامر بدفاعهم عن مشروع الدستور، بل التعديل شمل ايضا اليات الرقابة التي اقترحت في نص المشروع المقدم من الهيئة للرئيس.
فاعضاء الهيئة ولاسيما الثلاثي بلعيد وامين محفوظ تحدثوا عن ان النظام السياسي الجديد سيكون «تونسيا» لا رئاسيا ولا برلمانيا بل هو نظام جديد يضمن توازن السلطة ويوفر اليات الرقابة والمساءلة والمحاسبة، غير ان مشروع الدستور المنشور لم يحمل اية الية جدية لمراقبة اعمال الرئيس او مساءلته بل حصن الرئيس وحال دون ان يسائل.

والحصانة لم تمنح للرئيس فقط بل ان المشروع المنشور «عدلت» فيه الفصول المتعلقة بصلاحية مراقبة المجلس النيابي للحكومة ومساءلتها وسحب الثقة منها، اذ على عكس ما صرح به امين محفوظ في حواره ببرنامج «جاوب حمزة» يوم الاحد الفارط اشار الرجل الى ان المشروع المقترح من قبلهم تضمن اليات تمكن البرلمان من مساءلة الحكومة ومحاسبتها وسحب الثقة منها، لكن المشروع الذي نشر جعل الامر شبه مستحيل. اذ ان التعديل الذي طال الفصول المتعلقة باليات مراقبة الحكومة ومحاسبتها من قبل البرلمان جعل من العملية تقتضي توفر ثلثي المجلس التشريعي بغرفتيه، مجلس نواب الشعب ومجلس الجهات والاقليم، بل ووضع فصلا مفخخا يحد مساعي سحب الثقة من الحكومة باقرار انه ذا فشلت الغرفتان في ضمان الثلثين لسحب الثقة من الحكومة في مناسبتين فان الرئيس له صلاحية حل البرلمان.
منح الرئيس هذه الصلاحية التي تجلعه قادرا على حل الغرفة التشريعية والدعوة لانتخابات مبكرة يتناقض مع ما صرح به الصادق بلعيد في الحوار الذي بث في جوان الفارط على قناة الوطنية واشار فيه الى ان الدستور المقترح من قبلهم يقوم على ان الرئيس سيكون ملزما بالاستقالة اذا فشلت حكومتان هو من يقترح الوزير الاول فيهما، لكن هذا لم يقع تنصيصه في المشروع المنشور.

تعديلات عدة طالت المشروع الذي تقدمت به الهيئة الاستشارية وحملت نقيض ما اعلن من وضع نظام سياسي متوازن يسمح برقابة متبادلة بين السلطات وخاصة التنفيذية والتشريعية، ولكنه حمل تعديلات تتعلق بجوهر النظام نفسه.
فالامين محفوظ شدد على ان الدستور الجديد لن يحمل اية لبنة لمشروع البناء القاعدي ولكن ما نشر وخاصة في تقسيمه للسطة المحلية والجهوية واحداثه لمجلس الجهات والاقليم يشير الى العكس.اذ يبدو ان اسس هذا البناء القاعدي قد وقعت دسترتها وان تم اسقاط بعض اركانها كركن سحب الوكالة.
خلال الايام الماضية تحدث الثلاثي العميد صادق بلعيد واستاذ القانون امين محفوظ وعميد المحامين ابراهيم بودربالة عن «مسودة مشروع الدستور» وقدموا الخطوط العريضة والفلسفة العامة التي رافقت صياغة هذه المسودة الي صدرت اول امس الخميس وكانت مختلفة في بعض اجرائها عما قاله الثلاثي.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115