وسط توقع ارتفاع عجز الميزانية إلى 9.7 % والحاجة إلى تمويلات إضافية: صندوق النقد الدولي يطالب باتخاذ إجراءات حاسمة دون انتظار نهاية المفاوضات..

كل الأرقام والمؤشرات تدل على أن البلاد تعيش على وقع أزمة اقتصادية غير مسبوقة، أزمة تتعمق يوما بعد آخر وسط غياب أية إصلاحات

أو إجراءات للإنقاذ العاجل، أزمة تصاعدت حدتها مع ارتفاع عجز الميزانية وصعوبة الحصول على تمويلات إضافية لتعبئتها إلى جانب عدم الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، اتفاق أصبح ضروريا للبلاد لتمويل الميزانية التي سيرتفع عجزها إلى 9.7 % من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة الجارية مقارنة مع توقعات سابقة عند مستوى 6.7 % وذلك بسبب ارتفاع الدولار والزيادة الحادة في أسعار الحبوب والطاقة ولاسيما الحرب الأوكرانية الروسية، بحسب تأكيدات محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي.
في الوقت الذي مازال قرار الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية بـ75 نقطة أساسية من 6.25 % إلى 7.0 % يثير جدلا واسعا في البلاد وتباينت المواقف بخصوصه بين من اعتبره تمشيا صائبا وبين من يشدد على أنه قرار خاطئ، يكشف محافظ البنك المركزي أمس على هامش انعقاد الدورة السابعة لمنتدى الجباية الذي ينظمه المعهد العربي لرؤساء المؤسسات فرع صفاقس أن عجز الميزانية سيتوسع ليبلغ 9.7 %، مشيرا إلى أن تونس بحاجة إلى تمويل إضافي للميزانية قدره 5 مليارات دينار (1.6 مليار دولار) هذه السنة بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا.
ارتفاع احتياجات التمويل
الضغوطات على المالية العامة في البلاد تتزايد يوما بعد آخر وسط ارتفاع احتياجات التمويل هذه السنة إلى 25 مليار دينار وتواصل التحذيرات من بلوغ أرقام قياسية خاصة على مستوى التضخم وسط تزايد المخاوف من أن يصبح برقمين، وحسب تصريحات إعلامية لمحافظ البنك المركزي فإن ارتفاع نسبة التضخم إلى رقمين هو أكبر «كارثة» للبلاد لأنها ستؤدي إلى اهتراء المقدرة الشرائية للمواطن، مشيرا إلى قرار رفع سعر الفائدة الرئيسي الذي اتخذه البنك هذا الأسبوع بـ75 نقطة أساسية كان خطوة ضرورية لمواجهة التضخم المرتفع، محذرا من أن العواقب ستكون كارثية إذا تجاوز معدل التضخم حاجز 10%. وأضاف العباسي أن هذا القرار يندرج ضمن سياسة نقدية استباقية أملاها الظرف الاقتصادي الصعب للغاية واقتراب نسبة التضخم من مستوى رقمين وهو ما يعيق كل إمكانية لإعادة الاستقرار للمنظومة الاقتصادية كشرط أساسي لإعادة دفع عجلة النمو والنشاط الاقتصادي.
كما ذكر العباسي بأن البنك المركزي اتخذ في فيفري 2019 قرارا بالترفيع في نسبة الفائدة المديرية إلى 7.75% عرف موجة من الانتقادات. وآتى قرار الترفيع ثماره ثمّ تراجع معدل التضخم من 7.7% في جوان 2018 إلى 6.1 % في ديسمبر 2019. هذا وأعلن العباسي من جهة أخرى عن قرب إصدار مجلة للصرف في غضون شهر جويلية 2022، مشيرا إلى أن إصدار المجلّة هو تجسيم لجهود البنك المركزي في التحرير التدريجي والمتواصل للتشريعات في مجال الصرف والعلاقات المالية مع الخارج بما يستجيب لانتظارات الفاعلين الاقتصاديين ويتلاءم مع التطوّر، الذي يعرفه مناخ الأعمال على الصعيد الدولي.
المحادثات بين الصندوق وتونس ستتواصل لكن..
الوضع الاقتصادي في البلاد حرج جدا أمام تزايد الضغوطات على خزينة الدولة بسبب تقلص الموارد الذاتية والموارد الخارجية وارتفاع النفقات بمختلف محاورها وأبرزها الأجور، والوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على القرض بات أمرا لا مفر منه وضرورة قصوى، وتنتظر الحكومة الانطلاق الرسمي للمفاوضات، وبحسب ما أكده جيري رايس، المتحدث باسم الصندوق خلال ندوة صحفية فإن الصندوق يواصل محادثاته مع السلطات التونسيّة و»اعتبارا للوضعيّة الاقتصاديّة الكارثية فإنه من الضروري اتخاذ إجراءات حاسمة وتنفيذ الإصلاحات دون انتظار نهاية المحادثات أو إبرام برنامج تعاون مع الصندوق، مشيرا إلى أن الصندوق انطلق منذ بداية سنة 2022 في محادثات تقنية مع تونس وستتواصل، ليشدد على أهمية الحصول على توافق داخلي على البرنامج الإصلاحي الذي قدمته الحكومة التونسية لضمان حظوظا أوفر للنجاح.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115