في موكب الاحتفال بالعيد العالمي للشغل.. بودن تكشف عن برنامجها الإصلاحي والطبوبي يرفض الحوار «الصوري» وماجول يتحدث عن «الفرصة الأخيرة» للإنقاذ

اختار كل من رئيسة الحكومة نجلاء بودن والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس منظمة الأعراف سمير ماجول موكب الاحتفال بالعيد العالمي

للشغل لتوجيه عدة رسائل بصفة مباشرة أو مبطنة، موكب كشفت خلاله رئيسة الحكومة عن الصعوبات التي اعترضت الحكومة والمهمات الخمس التي نجحت فيها إلى جانب الإعلان عن الخطوط العريضة لبرنامج الإصلاحات، لتشدد على أنه ليس للدولة أي نية في التفويت في المؤسسات العمومية ذات الطابع الإستراتيجي والتي ستحظى ببرامج إعادة هيكلة انطلاقا من عمليات تدقيق، ليردّ عليها الطبوبي بأن هذا الكلام فيه قراءة ما بين السطور، فما هي المؤسسات الإستراتيجية وغير الإستراتيجية؟ مشيرا إلى أن موضوع المؤسسات العمومية يجب تفكيكه.
بحسب رئيسة الحكومة في الكلمة التي ألقتها بهذه المناسبة فإن الحكومة قد نجحت في تسديد الديون الداخلية والخارجية وفي صرف الأجور في آجالها، كما نجحت أيضا في تأمين الحاجيات الضرورية من المواد الغذائية الأساسية في نفس الوقت الذي واجهت فيه التهريب عبر الحدود والمضاربة غير المشروعة وتأمين الحد الأدنى من الإعانات الاجتماعية إلى جانب توفير احتياطي مقبول، من العملة الأجنبية، لتشدد على أن الحكومة قد تمكنت بالرغم من دقة المرحلة من التعامل بكل مرونة مع مختلف الأوضاع المعقدة، لتكشف أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة الإصلاحات العميقة.
مشروع إصلاحات شمولي
أكدت نجلاء بودن أن الحكومة عملت على صياغة مشروع إصلاحات شمولي يرسم الخطوط العريضة لعقد اجتماعي يحمي الفئات الهشة ويكافئ العمل وخلق الثروة ويكرّس مبادئ المساءلة والإنصاف، وتشمل هذه الإصلاحات عدة محاور ومن أهمها تحسين مناخ الأعمال من خلال فسح مجال أكبر للمبادرة والتجديد وإرساء مقومات الحوكمة وإصلاح النظام الجبائي لتكريس العدالة الجبائية والشفافية في المعاملات وتعصير إدارة الجباية وترشيد الامتيازات الجبائية ومقاومة التهرّب الجبائي وإدماج القطاع الموازي إلى جانب إصلاح الوظيفة العمومية ومراجعة الأجور في الحدود التي تسمح بها توازنات المالية العمومية واستدامة الدين العمومي. كما شددت على أن إصلاح المؤسسات العمومية بات ضرورة قصوى، وبينت أن عملية الإصلاح ستحظى ببرامج إعادة هيكلة انطلاقا من عمليات تدقيق وتامين دورها التعديلي من خلال إرساء إطار تشريعي وترتيبي ناجع خصوصا في المجالات التنافسية، وأشارت إلى أنه سيتم ضبط قائمة في المؤسسات الناشطة في القطاعات الإستراتيجية وإرساء أسس حوكمة جديدة للمؤسسات العمومية ترتكز على الشفافية والمساءلة من أبرزها بعث هيكل للتصرف في المساهمات.
روزنامة لتنفيذ العناصر التفصيلية للإصلاح
برنامج الحكومة للإصلاح يقوم أيضا وفق ما أكدته بودن على ضمان توزيع عادل للدعم وتوجيهه نحو مستحقيه، وسيمكّن إصلاح منظومة الدعم من خلال التصدّي إلى ممارسات الاحتكار والتهريب والمضاربة مع المحافظة في ذات الوقت على القدرة الشرائية لكل التونسيين، مبرزة أن هذا البرنامج الإصلاحي يتوفر على الواقعية وقابلية التنفيذ مع الحرص على ضمان التنسيق والتشاور مع الشركاء الاجتماعيين. كما ستعمل الحكومة على متابعة وتقييم تنفيذ هذه الإصلاحات من خلال منهجية تقوم على ضبط رزنامة تنفيذ العناصر التفصيلية للإصلاح ومقاييس الأداء المرتبطة بها وإدراجها ضمن منصة تسمح بالمتابعة الحينية لإحكام قيادة هذا البرنامج الإصلاحي الوطني.
مطالبة بسحب المنشور 20
من جهته، شدد الأمين العام لاتحاد الشغل في كلمته على تمسك الاتحاد بخيار الحوار للحفاظ على مكاسب الوطن وتدعيمها، ولفت إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك توافق مفروض بالقوّة أو من خلال التسليم بالأمر الواقع، وأشار إلى أن الحفاظ على استقرار البلاد ودفع التقدم وتحقيق العدالة ينبع من الحوار الصادق والنزيه دون إملاءات من الداخل أو الخارج ومن القناعة الراسخة بضرورة وضع مصلحة الوطن فوق كلّ الاعتبارات. كما طالب من جديد الحكومة بسحب المنشور عدد 20 وإلغائه فورا، وهو المنشور الذي تبيّن بعد عدّة شهور من إصداره أنّه جزءٌ من المشاكل القائمة وليس جزءًا من الحلّ. وأبرز أن هذا المنشور جاء متناقضا مع تقاليد الحوار والتفاهم والثقة السائدة بين أطراف الحوار الاجتماعي والتي تمّ بناؤها حَجَرًا حَجَرًا على مدى عقود، إضافة إلى أنّه يتعارض مع حرية العمل النقابي والمفاوضة الجماعية كما وردت باتّفاقيّات العمل الدولية التي وقّعت عليها تونس منذ فجر الاستقلال.
الطبوبي يرد على بودن
وبخصوص تصريح رئيسة الحكومة والذي مفاده أنه لا نيّة للدولة في التفويت في المؤسسات العمومية ذات الطابع الاستراتيجي، قال الطبوبي إن «هذا الكلام فيه قراءة ما بين السطور، ما هي المؤسسات الإستراتيجية وغير الإستراتيجية»؟ مؤكدا أن الاتحاد منفتح على إصلاح المؤسسات العمومية حالة بحالة ومقر بإعادة هيكلتها حتّى تكون قاطرة للاقتصاد الوطني وتواكب التطورات، وقد عادت لجنة 5 زائد 5 للحوار لتذليل الصعوبات وتخفيض التوترات الاجتماعية. كما أشار في سياق آخر إلى أن الاتحاد لا يريد الحوار مجرد صورة إعلامية تسوق للرأي العام وبين أنه إن وجد الاتحاد إطارا مناسبا فسيكون قوة دفع إلى الأمام وقوة اقتراح، ولن يقبل أن يكون مجرد صورة، ليستدرك قائلا «إن الإطار الحالي غير مناسب في ظلّ المناكفات الحادة الموجودة بين مختلف مكونات الحياة السياسية».
مقترحات عملية ومفصلة
أما رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية فقد أكد في كلمته أن الاتحاد لم ولن يفقد الأمل في القدرة على الإنقاذ، وليس ممن يستسلم أمام التحديات، ليشدد على أنه بإمكان بلادنا بلوغ شاطئ الأمان شرط العمل والاجتهاد والتوافق على برنامج إصلاح جريء وشجاع، وبين أن الاتحاد لديه مقترحات عملية ومفصلة لكل هذه الملفات الشائكة تجسيدا لدوره كقوة اقتراح. كما شدد على أننا أمام الفرصة الأخيرة للإنقاذ ولإعداد وتنفيذ مخطط للإصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي على أسس علمية وبمنطق براقماتي وفي إطار مقاربة تشاركية بين أطراف الحوار الاجتماعي الثلاثي، الحكومة واتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الشغل وبالاعتماد على إمكانياتنا البشرية وعلى طاقة الصمود أمام الأزمات التي أظهرها القطاع الخاص والقطاع المالي خلال السنوات الأخيرة.
تصرفات غير مقبولة
ووفق ماجول فإن ما يستوجب اليوم هو الكف عن ارتهان المستقبل وحقوق الأجيال القادمة والرجوع عن الخيارات الخاطئة والقطع مع المكبّلات الإيديولوجية والتحلي بأقصى درجات الوعي والمسؤولية لإيقاف النزيف المتواصل لمقدرات الدولة ولإمكانيات كل الأطراف. كما وجه عدة انتقادات للحملة الأخيرة لمقاومة الاحتكار واعتبرها تصرفات غير مقبولة مسّت من سمعة المتعاملين الاقتصاديين ومن شرفهم المهني، وطالب بالإسراع بمراجعة العديدة من القوانين المجحفة والمفاهيم الخاطئة وبناء عقد ثقة وشراكة ناجعة بين المؤسسة الاقتصادية والدولة، وتركيز جهود الرّدع والزّجر على المهرّبين والمضاربين.
إرساء أرضية وطنية للحماية الاجتماعية
وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي تحدث بدوره عن الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة حاليا في مجال الشغل والعلاقات المهنية والحماية الاجتماعية والتي تنصهر في إطار رؤية إستراتيجية شاملة للدولة تهدف إلى إرساء أرضية وطنية للحماية الاجتماعية تكفل جملة من الضمانات كالحقّ في التغطية الصحية الأساسية للجميع وحدّ أدنى من الدخل للفئات الفقيرة والهشة ودعم الحقوق والمبادئ الأساسية في العمل، مشيرا إلى أن الوزارة ستواصل العمل في إطار تشاركي مع الأطراف الاجتماعية على تطوير التشريع الاجتماعي في مجال الشغل والعلاقات المهنية بما سيساعد على دفع عجلة الاستثمار والمحافظة على ديمومة المؤسسة ومراكز العمل والإنتاج. وأوضح من جهة أخرى أنه بالرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تمرّ بها بلادنا أن الدولة لن تتخلى عن دورها التعديلي وجهودها في عملية إعادة توزيع الثروة وتحسين الأجور ومراجعة السلم الضريبي للأجراء والترفيع في المنحة المسندة لفائدة العائلات المعوزة وإقرار الحق في الجراية الدنيا للمتقاعدين وتوسيع التغطية الصحية لتشمل العاطلين عن العمل وإحداث برامج خاصة للسكن الاجتماعي ومضاعفة المنحة المسندة للأطفال ذوي الإعاقة وتحقيق الإدماج الاجتماعي والتمكين الاقتصادي للأسر الفقيرة ودعم استقلاليتها ، وقد تم في هذا السياق ترسيم خط تمويل بميزانية الدولة بعنوان « بعث مشاريع صغرى لفائدة العائلات المعوزة»، يتم تنفيذه على المستوى الجهوي. وقد خصصت الدولة اعتمادات هامة بعنوان سنة 2022 بلغت 5 مليون دينار لتنفيذ مشاريع لفائدة الفئات المنتفعة بالبرنامج.
دنيا حفصة

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115