بعد تنقيح القانون الأساسي لهيئة الانتخابات.. تتالي ردود الأفعال: توافق على أنه ضرب لمصداقيتها واستقلاليتها وبحث عن الخطوات المضادة

تسارعت التطورات والأحداث في بلادنا بشكل غير مسبوق، حيث قام رئيس الجمهورية قيس سعيد في خطوة جديدة -ضمن مشروعه السياسي- بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات

وإصداره أمس في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، خطوة خلفت كالعادة جدلا واسعا وردود أفعال مختلفة كانت جلها رافضة، حيث عبر رئيس الهيئة نبيل بفون عن استغرابه من هذا التنقيح، ليشدد على أن الانتخابات القادمة ستدار من قصر قرطاج وبالتالي وفق بفون أصبحت الهيئة هيئة رئيس الجمهورية بامتياز، واعتبر أن استقلالية الهيئة قد ضربت بسبب هذه التنقيحات الجديدة التي سيصبح سعيد من خلالها الحكم والخصم في ذات الوقت.

صدر بالرائد الرسمي أمس، المرسوم عدد 22 المؤرخ في 21 افريل 2022 ، القاضي بتنقيح بعض أحكام القانون الأساسي عدد 23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات وإتمامها. ويحتوي المرسوم على ستة فصول، تعلقت بالأساس بإلغاء الفصول المتعلقة بتركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وكيفية تعيين أعضائها، حيث ينص على أن يتركب مجلس الهيئة من سبعة أعضاء يتم تعيينهم بأمر رئاسي، على أن يختار رئيس الجمهورية ثلاثة أعضاء من بين الأعضاء السابقين للهيئة. ويعين رئيس الجمهورية، وفق المرسوم، رئيس الهيئة من بين الأعضاء الثلاثة للهيئات العليا المستقلة للانتخابات السابقة، على ألا تتجاوز فترة ولاية كل عضو من أعضاء مجلس الهيئة أربع سنوات غير قابلة للتجديد.

انتقادات
وفق التنقيحات الجديدة للقانون الأساسي للهيئة لا يمكن تتبع أو إيقاف رئيس هيئة الانتخابات أو أحد أعضاء مجلسها من أجل أفعال تتعلق بأعمالهم أو بممارستهم لمهامهم، ولا ترفع الحصانة من قبل مجلس الهيئة إلا بأغلبية الأعضاء، ويكون ذلك بطلب من رئيس الهيئة أو من العضو المعني أو من أغلبية أعضاء مجلسها أو من الجهات القضائية المختصة. أما بخصوص الهيئات الفرعية، فيضبط مجلس الهيئة تركيبتها في حدود ثلاثة أعضاء بكل هيئة فرعية، وينتفعون بمنحة تحدد بأمر رئاسي. كما نص المرسوم خاصة على حذف عبارة «المجلس التشريعي» أينما وردت وتعويضها بعبارة «رئيس الجمهورية»
أثار تنقيح القانون الأساسي لهيئة الانتخابات من قبل رئيس الجمهورية ردود أفعال رافضة من قبل الأطراف المعارضة للرئيس في انتظار إعلان بقية الأطراف عن مواقفها خاصة الاتحاد العام التونسي للشغل الذي ينتظر أن يجتمع مكتبه التنفيذي للإعلان عن موقفه كذلك بقية المنظمات التي كان قد التقى بها الرئيس في مناسبات فارطة، ردود الأفعال الأولية الصادرة أمس جميعها تنتقد هذا التنقيح وتعتبر أن الهيئة أصبحت هيئة رئاسية وهيئة غير مستقلة، وعلى سبيل الذكر لا الحصر فقد أكد الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي في تدوينة على صفحته أن «هيئة الرئيس هيئة لتزوير إرادة الشعب». بدورها نشرت منظمة «أنا يقظ» على صفحتها الرسمية تدوينة جاء فيها «حصري: الشعار الجديد للهيئة العليا غير المستقلة للانتخابات بعد تنقيح قانونها الأساسي وصدوره في الرائد الرسمي.»

سيطرة الرئيس على الهيئة
هذا وأكد راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة في تصريح لـ«رويترز» أن سيطرة الرئيس قيس سعيد على الهيئة المستقلة للانتخابات تعني أن الانتخابات المقبلة «ستفقد كل مصداقيتها». وقال الغنوشي إن قرار سعيد باستبدال أعضاء الهيئة يمثل «محاولة أخرى لوأد الثورة». كما علق النائب في البرلمان المنحل هشام العجبوبي بدوره على هذا التنقيح وقال «بعد المجلس الأعلى الرئاسي للقضاء، تم على بركة اللّه إرساء الهيئة العليا الرئاسية للانتخابات...»

هيئة رئيس الجمهورية بامتياز
كما عبرت هيئة الانتخابات بدورها عن استغرابها من تنقيح قانونها الأساسي بحسب ما جاء على لسان رئيسها نبيل بفون في تصريح له لـ«موزاييك أف أم» واعتبر أن الفصل الخامس الذي ينص على أن مكتب مجلس الهيئة يتكوّن من سبعة أعضاء ويتم تعيينهم بأمر رئاسي سيضرب مفهوم الاستقلالية بصفة جوهرية، قائلا «»يمكن القول أن الهيئة أصبحت هيئة رئيس الجمهورية بامتياز»، مقرّا أنه لا توجد أي طريقة لمواجهة هذا المسار الذي أصبح يكرّس «لقانون المؤقت الدائم» حسب تعبيره. وأضاف «ما يحدث في تونس اليوم ؟ الرئيس سيكون مترشحا للرئاسة ومعيّنا لهيئة الانتخابات وبالتالي سيكون الفريق الذي يلعب والحكم والحارس.. لا يمكن حينها أن نتحدث عن الاستقلالية». وأشار نبيل بفون إلى وجود خيارات أخرى على غرار تعويض رئيس الهيئة وترك الأعضاء حفاظا على استقلالية الهيئة.
وقد تحمل الساعات القليلة القادمة تطورات أخرى على مستوى مواقف بقية الأحزاب والمنظمات وهياكل المجتمع المدني من تنقيح القانون الأساسي لهيئة الانتخابات بعد اجتماع هياكلها الرسمية، وحسب المؤشرات الأولية فإن هناك توافق على أن هذا التنقيح من شأنه أن يضرب مصداقية الهيئة في انتظار الإعلان عن الخطوات القادمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115