بين صندوق النقد الدولي والحكومة..تقدم في مسار المفاوضات الفنية: المرور إلى المرحلة «الأصعب»

يبدو أن المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي قد انتقلت إلى مرحلة «الحسم»، حيث تحولت من مرحلة المفاوضات

والمناقشات التقنية إلى مرحلة المفاوضات الرسمية من أجل الحصول على اتفاق تمويل جديد، وقد مكن التقدم في مفاوضات المرحلة الأولى تونس من المرور إلى النقاشات الحاسمة والتي من المرجح أن تنطلق في الفترات القادمة، وقد خلفت زيارة وفد الصندوق الأسبوع الفارط انطباعات ايجابية لا فقط بشان خطة الإصلاحات التي عرضت على أنظاره بل كذلك تجاه الفريق الحكومي الذي يقود المحادثات مع الصندوق، وهو ما أكدته وزيرة المالية سهام نمصية، التي شددت على أن الحكومة تتطلع إلى خوص مفاوضات جيدة مع الصندوق للتوصل إلى اتفاق وذلك للوفاء بالالتزامات الواردة بقانون المالية لسنة 2022 .
ستكون الأيام القادمة مفصلية وحاسمة لتونس في ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وبحسب تأكيدات وزير الاقتصاد سمير سعيد فإن البلاد في حاجة إلى اتفاق مع الصندوق من اجل طمأنه الأسواق المالية الدولية والمساعدة على تقوية ثقة المانحين والشركاء الماليين والذين يلعبون دورا كبير في تطوير الاقتصاد التونسي، وأشار في تصريحات إعلامية سابقة له إلى أن الفريق الحكومي عرض الخطة الإصلاحية والتي يعمل على تطويرها في عدة مجالات على غرار الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والدعم والجباية والتوازنات المالية على المدى البعيد، تصريحات أكدها الصندوق في بلاغ نشره أمس على صفحته الرسمية.
مشاورات فنية بناءة
أكّد صندوق النقد الدولي، في بلاغ له أمس أن مناقشات بعثة الصندوق خلال الزيارة التي قامت بها إلى تونس من 23 إلى 25 مارس الجاري كانت بناءة ومثمرة وحققت تقدما في المشاورات الفنية، مشيرا إلى انه سيقدم دعمه لتونس لمجابهة أزمة كوفيد -19 وفي ظل هذا الظرف الدولي الصعب. وعبر عن التزامه بالوقوف إلى جانب الحكومة التونسية في جهود الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي التي تبذلها لصالح المجتمع. وأضاف الصندوق في ذات البلاغ أن تونس تواجه تحديات هيكلية كبيرة نتيجة انعدام التوازنات في الاقتصاد الكلي مع ضعف نسبة النمو على الرغم من إمكاناتها القوية إلى جانب وارتفاع نسبة البطالة وضعف نسب الاستثمار فضلا عن التفاوت الاجتماعي، لتضاف إليها اليوم تداعيات جائحة الكورونا والحرب في أوكرانيا .
البرنامج الإصلاحي للحكومة
وأضاف الصندوق أن البرنامج الإصلاحي الذي تطرحه الحكومة التونسية يهدف إلى معالجة هذه التحديات بشكل مستدام وعادل المدى القصير للتغلب على انعكاسات الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد كذلك على المدى المتوسط لضمان نمو أكثر قوة مستداما ومندمجا وحماية اجتماعية أفضل وخلق موارد مالية إضافية لتعبئة الميزانية وتمويل الاستثمارات في القطاع العام ورفع الحماية الاجتماعية. كما اعتبر الصندوق أن تخفيض عجز الميزانية من خلال فرض ضرائب عادلة والرقابة الصارمة على كتلة الأجور وتوجيه الدعم بشكل أفضل والإصلاح العميق للمؤسسات العمومية ضروري لاستعادة استقرار الاقتصاد وتعزيز المنافسة وتحسين مناخ الأعمال للحدّ من الاختلال الذي يعانيه الاقتصاد وتحسين نسب النمو وخلق مواطن شغل إضافية. ليشدد على أن الصندوق مازال إلى حدّ هذه اللحظة يقف إلى جانب السلطات التونسية في جهودها لدفع الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لصالح الشعب التونسي، مشيرا إلى أن البعثة أحرزت مزيدًا من التقدم في المناقشات الفنية . كما توجه بالشكر إلى كل من رئيسة الحكومة ووزراء المالية والاقتصاد والتخطيط والشؤون الاجتماعية والصناعة والطاقة والتجارة ومحافظ البنك المركزي التونسي للمناقشات.
في انتظار المفاوضات الرسمية
ويبقى تقدم المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي مجرد «انطباعات ايجابية أولية» لكن المفاوضات الرسمية للوصول إلى اتفاق لم تنطلق بعد، فالصندوق قد حدد الإصلاحات التي يجب أن تقوم بها تونس في علاقة بكتلة الأجور ومنظومة الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية، وهذه النقاط خلقت توترات كبيرة وجدلا واسعا بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة، فالاتحاد يرفض المس بكل ما يخص قوت التونسيين أي الأجور والدعم كما يرفض بشدة التفويت في المؤسسات العمومية وقد تولى إبلاغ بعثة الصندوق بكافة تحفظات الاتحاد بخصوص هذه النقاط وطالب بضرورة إرجاء المفاوضات إلى حين الوصول إلى توافق داخلي تونسي – تونسي.
الحكومة منفتحة على الحوار
وقد تحمل الأيام القادمة تطورات جديدة بخصوص المفاوضات حسب تأكيدات وزير الاقتصاد سمير سعيد الذي قال أن الحكومة تعمل بالشراكة مع المنظمات الوطنية وفي تواصل مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ومع الاتحاد العام التونسي للشغل، وكل منظمة تمتلك وجهة نظر». وشدد على أن الحكومة منفتحة على الحوار وجاهزة لدراسة كل المقترحات بشكل معمق وشفاف بما يفضى إلى أفضل تصور للإصلاحات لأنه لا توجد أمامهم فرصة للخطإ. قائلا «المسؤولية تاريخية أمام الجميع والمنظمة الشغيلة ستكون بالتأكيد على موعد لدعم الاقتصاد الوطني .. الوضعية في تونس صعبة غير انه يمكن تخطيها بالاعتماد على القدرات الوطنية والمرور من القول إلى الفعل».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115