عن ضمان مكان في المشهد السياسي الجديد، وذلك يفسر خيارها الدفع الى الامام بتحدي رئاسة الجمهورية والإعلان عن جلسة عامة للبرلمان للمصادقة على الغاء التدابير الاستثنائية يوم غد الاربعاء 30 مارس.
خيار اعلنته حركة النهضة وقادتها عبر نشر بيان لمكتب مجلس النواب المعلقة اختصاصاته امس على صفحاتهما الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي ونشر دعوة رئيس الحركة بصفته رئيسا للبرلمان للنواب والنائبات للمشاركة في اشغال الجلسة العامة الافتراضية يوم الاربعاء ويوم السبت القادمين.
جلستان اعلن عنها اثر اجتماع لمكتب المجلس نظر طلب كتابي مقدم من 27 نائب لعقد جلسة عامة لإلغاء العمل بالإجراءات الاستثنائية، و طلب ثان بعقد جلسة للنظر في الأوضاع المالية و الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة البلاد. طلبان وجدا القبول من مكتب المجلس ليخصص جلستين الاولى في 30 مارس الجاري للنظر في إلغاء الإجراءات الاستثنائية وجلسة عامة ثانية يوم السبت 02 افريل القادم للنظر في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تعيشها تونس مع الاشارة الى «أهمية مساهمة مجلس النواب في إنقاذ البلاد وضمان كرامة الشعب التونسي» وفق نص البلاغ.
جلستان تدرك النهضة ومن خلفها باقي نواب المجلس المجمد ان القرارات الصادرة عنهما أيا كانت لن تجد طريقها للتنفيذ والسبب ان رئاسة الجمهورية نجحت منذ 25 جويلية وما تلا هذا التاريخ في توحيد الدولة ومؤسساتها التنفيذية خلف الرئيس قيس سعيد الذي بات «يمثل» الدولة داخليا وخارجيا، أي ان القرار المنتظر بإعلان الغاء التدابير الاستثنائية الذي يتجه اليه البرلمان ليس عملية استرداد للسلطة التشريعية وللمبادرة السياسية في البلاد بقدر ما هو اعادة خلط اوراق ومحاولة لفرض «المجلس» وكتله في المشهد السياسي قيد التشكل بفرض ازمة دستورية لا مخرج منها الا التفاوض مع النهضة.
محاولة تقوم على تحسين شروط التفاوض، فالنهضة وكتل البرلمان المجمد التي اعربت عن توجهها للمشاركة في الاجتماع باستثناء حركة الشعب والدستوري الحر ألرافضين يدركان اكثر من غيرهما ان اليات الفعل السياسي وخاصة التشريعي قد وقع تعطيلها وان قرارات المجلس ستكون «ادوات» دعائية بهدف تسليط ضغط على الرئاسة بمنازعتها الشرعية خارجيا اكثر من كون ذلك اداة لقلب موازين القوى داخليا.
فالاجتماع المزمع عقده غدا الاربعاء سبق لرئيس الجمهورية ان لمح الى انه «خارج الفضاء» والزمن والتاريخ، وفي هذا لم يخطئ الرئيس القول، فعلى الارض تعانى كل قوى البرلمان خاصة النهضة وشركاؤها في ائتلاف الحكم الذي دعم هشام المشيشي من ضعف على الارض وانعدام لأية قدرة على التأثير في الحكم اضافة الى فشلها السابق في «معركة الشارع» وحشده لإرهاق الرئاسة.
هذا الامر تدركه النهضة بالأساس لهذا فقد اختارت ان تدير مناورتها السياسية عبر «ذراعين» المجلس وهياكل الحركة التي اصدر مجلس شوراها امس بيانا دعا فيه الى حوار وطني، وهنا يتضح الهدف الفعلي للحركة ولمختلف حلفائها اليوم.
الهدف هو دفع الرئاسة الى القبول بحوار وطني، والدفع هنا لا ينطلق من قدرة المجلس المجمد او كتله على قلب موازين القوى بقدر ما هو محاولة للاستفادة من كل اخطاء الرئاسة اولا وثانيا الاستفادة من حالة التوتر بين الرئيس واتحاد الشغل وتعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
خيار النهضة ان تستفيد من الاوضاع العامة الراهنة وإعلان ان البرلمان قد عاد للعمل وانه بات يمثل وجهة وغطاء لمعارضي الرئيس يهدف بالأساس الى ان تحتمي الحركة في اطار جبهة واسعة يقع التسويق لها خارجيا على انها جبهة وطنية واسعة يقودها البرلمان «صاحب الشرعية « وافتعال صراع «الشرعية والمشروعية» وجعله ازمة دستورية تراهن الحركة على انها قد تجبر الرئاسة على تقديم تنازلات لإنهاء ازدواجية الشرعية التي قد تؤثر على الاوضاع الاقتصادية والمالية بالأساس.
خيار الدفع الى الامام والدخول في صراع الشرعية مع الرئاسة تدرك الحركة انه لن يسفر عن انقسام مؤسسات الدولة وأجهزتها الى شقين. فالرئاسة تحكم تفردها بكونها «تمثل الدولة». لكنها في المقابل تدرك ان هذا الصراع قد يمنحها هوامش حركة ويحسن من شروط التفاوض مع الرئاسة التي يلوح لها المجلس بأنها لم تعد «المؤسسة الدستورية» الوحيد الناشطة في البلاد وان المجلس المجمد قد عاد للنشاط بل انه سيلغى حالة الاستثناء ويدخل البلاد الى مربع «ازمة دستورية» لا تحل دون توافق بين مؤسسات الدولة أي بين الرئاسة والبرلمان المجمد.
تصور لكفية ادارة الازمة يعاني من عدة نقاط ضعف اولها الصراع بين القوى الممثلة في البرلمان المجمد، وثانيها ان الازمة الدستورية لن تنعكس على اداء مؤسسات الدولة وسير عملها مما يعنى انها لن تغادر مربعات النقاشات الدستورية والسياسية.
عقد جلسة عامة يوم غد لإلغاء التدابير الاستثنائية : هل تنجح مناورة صدام المؤسسات الدستورية
- بقلم حسان العيادي
- 13:07 29/03/2022
- 766 عدد المشاهدات
استؤنف الشد والجذب بين رئاسة الجمهورية وحركة النهضة التي احتمت بمظلة مجلس نواب الشعب المجمد لتدير مناوراتها السياسية الباحثة