الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء : الأولويات هي ذاتها منذ تشكيل الحكومة

رسم امس رئيس الجمهورية اولويات جدول اعمال مجلس الوزراء المزمع انعقاده اليوم، ليجعلها مختزلة في نقطتين هما التحكم في الاسعار ومكافحة الاحتكار

والثانية معالجة ملف النفايات في صفاقس، اولويات هي ذاتها منذ تشكل الحكومة والتي لم تنجح في تحقيقها رغم انقضاء اكثر من 4 اشهر على تسلم مهامها.
استقبل امس رئيس الجمهورية قيس سعيد رئيسة الحكومة نجلاء بودن في قصر قرطاح، في لقاء بات دوريا يقع فيه ضبط جدول اعمال مجلس الوزراء، وفي هذا اللقاء القى الرئيس كلمته التي امتدت لقرابة 5 دقائق خصص جزءا منها للحديث عن لقائه بوزراء الداخلية العرب المشاركين في الدورة 39 لاجتماع وزراء الداخلية العرب. اجتماع تطرق اليه الرئيس تلميحا، بقوله انه تحدث مع وزراء الداخلية عن ان «الامن» هو مفهوم شامل وليس منحصرا في جانب واحد.
وتحدث الرئيس لاحقا عن جدول اعمال مجلس الوزراء الذي قال انه سينظر في عدد من مشاريع المراسيم والأوامر الرئاسية في انتظار المصادقة عليها واصدارها بعد المداولة، مراسيم واوامر قال انها سترتب وفق اولويات البلاد.
والاولويات التي قال الرئيس انها على راس جدول اعمال المجلس اثنتان، اولاهما قانون «يتعلق بالمضاربة»، اذ ان تحسين المقدرة الشرائية للتونسيين اول اولويات الاجتماع ولهذا سيقع النظر في مشروع قانون سيصدر كمرسوم رئاسي يضع حدا لما اعتبره الرئيس محاولات من «جماعات الضغط» للتاثير على السياسات العامة.
جماعات ضغط قال الرئيس انها تقود عملية «مقصودة» بهدف رفع الاسعار وهذا يولد احتقانا شعبيا، احتقان المح الى انه ورقة الضغط التي تريد هذه الجماعات استخدامها لتعديل السياسات العمومية.
سياسات لم يحدد الرئيس مجالها ولكنه قدم تلميحا وايحاء بانها كل سياساته الهادفة لتنزيل الارادة الشعبية أي خياراته كذلك المسار السياسي والاستشارة وتعديل النظام السياسي والدستور وكل خطواته الباحثة عن ازالة «المنظومة القديمة» واحلال اخرى جديدة مكانها.
سياسات قال الرئيس انه لن يتخلى عنها ولن يرضخ للضغط للتراجع عنها بل قرر ان يمر الى النص القانوني لمواجهة «مجموعات الضغط» التي اعتبرها في خطاباته السابقة ترتهن التونسيين وتنكل بهم في معاشهم.
مجموعات حذرها الرئيس وقرر ان يفعل ادوات مواجهتها في اجتماع مجلس الوزراء غدا ليمر الى الفعل ضدها عبر تتبعها بنص المرسوم الجديد الباحث عن تعديل الاسعار والتحكم في ارتفاعها، دون ان تصحب هذا المرسوم سياسات اقتصادية ومالية تمكن من التحكم في الاسعار او تحمي المقدرة الشرائية للتونسيين.
محاربة الاحتكار والمضاربة، اولوية سجلت حضورها في سياسات الرئيس منذ اعلانه عن التدابير الاستثنائية في 25 جويلية الفارط، لكن السلطة تتعثر في تحقيق أي منجز فعلي لها في مجال التحكم في الاسعار التي تشهد ارتفاعا مطردا لعدة عوامل داخلية وخارجية اختارت السلطات التونسية ان تقتصر سياساتها في مجال التحكم فيها على «مجابهة الاحتكار والمضاربة» والتي على اهميتها عنصر وحيد في معادلة معقدة.
من اولوية التحكم في الاسعار ينتقل الرئيس الى اولوية ثانية، وهي معالجة ملف النفايات في صفاقس، ملف كان حاضرا في سبتمر الفارط وفي نوفمبر واتخذت الحكومة بشأنه عدة قرارات لكنه لم يعالج ومثل احد عناصر الضعف والتعثر لحكومة نجلاء بودن.
ضعف اراد الرئيس ان يعالجه بدوره بجعل الملف اولوية في اجتماع مجلس الوزراء القادم وفق مقاربة تقوم على تنزيل قرارات الدولة وتنفيذها في اطار سلطتها، أي الذهاب الى فرض فتح مصب النفايات الجديد رغم معارضة اهالي المنظقة. خيار اعتمده الرئيس وهو يشدد على ان الحق في بيئة سليمة لكل التونسيين ولكن الدولة كيان واحد وتتصرف وفق هذا الامر.
اولويتان يدرك الرئيس ان حكومته تعثرت في معالجتهما طوال الاشهر الفارطة وان هذا التعثر اثر سلبا على صورة الحكومة والرئيس لدى التونسيين وفق ما تبرزه عمليات سبر الاراء المتعلقة بنسب الثقة والرضا على الاداء السياسي للحكومة والرئيس. تراجع كلف الرئيس زخمه الشعبي الذي حققه في جويلية الفارط وهذه الخسارة انعكست على المسار السياسي الذي انطلق متعثرا بسبب ضعف المشاركة في الاستشارة الوطنية.
لوضع حدا للتراجع يبدو ان الرئيس اختار ان يحقق «منجزا» في الملف الاجتماعي والبيئي بمعالجة ملف الاسعار والنفايات في صفاقس، عله يقدم بذلك «منجزا» للتونسيين يعيد اليهم الثقة في الحكومة والرئاسة، ومع الثقة يقع تامين بقية المسار السياسي الذي فصل لمحطات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115