عن التدابير الاستثنائية بخطاب هجومي مضاد للدول الاوروبية التي انتقد سياساتها مع الدول الافريقية دون ان يذهب في هجومه الى حد القطيعة.
تواترت البلاغات الصادرة عن رئاسة الجمهورية كذلك تسجيلات الفيديو لمختلف نشطات رئيس الجمهورية سواء اثناء مشاركة في القمة الاوروبية الافريقية او على هامشها من خلال عقده للقاءات ثنائية جمعته مع عدد من الرؤساء، وفي مختلف هذه البلاغات برز خطة اتصالية ترغب في التسويق للزيارة كما يراها الفريق الخاص بالرئيس.
زيارة كان هدفها ومنذ بدايتها صريحا ومعلنا وهو هدف سياسي يتمثل فيا الدفاع عن سياسات الرئيس منذ تفعيل الفصل 80 من الدستور في 25 جويلية2021. وهذا ما يتجلى من خلال خطاب الرئيس ومن خلال هوية اعضاء الوفد التونسي الذي اقتصر على من يعتبرهم الرئيس قادرين على تحقيق الهدف.
هدف يمكن اختزاله بعكس الهجوم على الدول الاوروبية بالأساس، في علاقة بانتقاداتها المتكررة لسياسات الرئيس. سواء بتجميد البرلمان او حل المجلس الاعلى للقضاء او رسمه لخارطة طريق تنتهى بانتخابات دون نقاش او حوار مع بقية الاطراف.
هجوم قادته الدول الاوروبية وخاصة هياكل الاتحاد الاوروبي أولها البرلمان الاوروبي الذي كان للرئيس لقاء مع رئيسته الجديدة روبرتا ميتسولا. ارتكز على ابداء «القلق» من المسار السياسي الذي تنتهجه تونس ومن ضرورة العودة الى الديمقراطية البرلمانية واعتماد نهج تشاركي وجعل الملف الاقتصادي والاجتماعي اولوية العمل الحكومي.
انتقادات تكررت في عدة مناسبات واجاب عنها الرئيس من قصر قرطاج ايضا في مناسبات عدة ولكنه خلال اليومين الفارطين خصص حيزا من خطابه انثاء اشغال القمة للرد على الانتقادات بطريقته الخاصة ذلك ان الرئيس ومن ضمن عناصر خطته السياسية اختار ان يرد على الانتقدات الموجهة الي سياساته منذ 25 جويلية بالعودة الى الارث الاستعماري الاوروبي والى السياسات الاوروبية التي المح الى انها كانت من اسباب عدم تحقيق النمو الاقتصادي لافريقيا في ظل استمرار استغلال الدول الاوروبية للدول الافريقية على مختلف الاصعدة.
هنا سوقت مروية الرئيس لتمرير سياساته باعتبارها «سياسات اصلاحية» تهدف الى ان تحقق النمو والديمقراطية في تونس التي عانت خلال السنوات الفارطة من فساد الطبقة السياسية ومن المساس بمبادئ الديمقراطية والحوكمة الرشيدة تحت انظار الاتحاد الاوروبي الذي لم ينتقد التجاوزات او الانتهاكات كما لم يكن متعاونا في ملفات عدة منها ملف الاموال المنهوبة..الخ
بذلك يكون الاتحاد الاوروبي ودوله في مروية الرئيس - التي تجاوزت مرحلة التبرير لخيار اعلان التدابير الاستثنائية الى الهجوم والانتقاد الصريح للسياسات الاوروبية – يعملان على تعزيز الهيمنة واستمرار نهب افريقيا مما عزز الفوارق بين الدول والذي برز اكثر مع اجتياح الوباء لدول العالم.
افريقيا التي تحدث الرئيس قيس سعيد باسمها ليمرر رده للانتقادات الاوروبية لسياساته، قدمت على انها منهوبة ومستغلة من قبل الدول الاوروبية التي لم تكن تنتقد الانظمة السياسية الفاسدة او الديكتاتورية مثلما تنتقد محاولات الاصلاح التي تطرأ في القارة.
وقد سوّق الرئيس الى ان الانزعاج الاوروبي دائما ما يقترن بوجود محاولات للاصلاح واستعادة السيادة على الثروات، وهنا انتقل الرئيس بانتقادات الحادة لسياساته من كونها انتقادات مبدئية الى كونا جزء من العقلية الاستعمارية الاوروبية التي لازالت حاضرة في العقل السياسي.
انتقادات لم تكن بالحدة التي تعلن القطيعة او الحرب، بل كانت مبطنة ومنمقة بمصطلحات توحى اكثر مما تصرح بمضمون الانتقادات وهذا ما اراده الرئيس الذي توجه الى القمة بهدف محدد، وهو تسويق سياساته على انها سياسات اصلاحية تهدف الى تحقيق الديمقراطية لا الاستبداد وان هذا لن يتحقق لتونس دون دعم اصدقائها الاوروبيين.
زيارة اتت بعد اكثر من 6 اشهر منذ اعلان التدابير الاستثنائية، يبدو انها حققت للرئيس ما رغب فيه، او هذا ما سوقه للداخل في بلاغات تحدثت عن مضمون جملة من اللقاءات التي جمعته برؤساء حكومات وبرئيس البرلمان الاوروبي حملت فقط ما رغب فيه الرئيس وأغفلت ما وجه اليه من انتقاد ومطالب منها ضرورة فصل السلطات وعدم الانحراف عن الديمقراطية البرلمانية.