مرت دون لفت الانتباه اليها وهي «تقديم كل الدعم الفني»، كلمات كان ستظل مبهمة لولا زيارة مولان التي اجبرت الحكومة على الخروج والقول بأنها تتحصل على دعم فني لإعداد ملف مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي.
خلال اليومين الفارطين، تكفلت وزيرة المالية سهام نميصة بشرح اسباب زيارة المدير العام للخزينة الفرنسية ايمانويل مولان «Emmanuel Moulin» إلى تونس يوم الاثنين الفارط، والتي لم يقع الاعلان عنها الا منذ يومين مما اجبر حكومة نجلاء بودن على الخروج والتفسير.
تفسير يقوم على ان الزيارة كانت مبرمجة منذ ديسمبر الفارط، وانه وقع ارجاؤها الى نهاية جانفي الفارط وهي زيارة عادية، موضوعها «المساعدة الفنية للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي» وفق تصريحات وزيرة المالية. التي حرصت على ان تشير الى ان الجدل مرده المسؤولية السابقة التي تقلدها مولان في «نادي باريس».
شرح وزيرة المالية للزيارة التي شملت وزارة المالية والبنك المركزي، يقتصر على ذات الكلمات التي تداولتها بيانات البعثات الدبلوماسية في تونس او بيانات الدول السبع الكبار المشتركة، وهي القول «بالمساعدة الفنية».
مساعدة لم تشرح وزيرة المالية نوعيتها، بل اكتفت بتقديم عموميات وهي انها دعم فني بقصد اعداد ملف التفاوض مع صندوق النقد الدولي، دون اشارة الى ان وزارة المالية او البنك المركزي قدما لزائريهما خطة الاصلاحات المنتظر عرضها على الصندوق وطالبا بتقديم رأي فني زائريهما، اذ كان مولان مرفوقا بـ«ميغالي زيزيناي Magali Cesena رئيسة قسم الشؤون الثنائية والدولية للشركات بالخزينة الفرنسية.
وقد أصدرت الخزينة الفرنسية بيانا نشر في موقع وزارة الاقتصاد والمالية الفرنسية قالت فيه انها تمت بدعوة من الجانب التونسي وأنها تأتي في « إطار التبادل المستمر بين فرنسا وتونس» وحددت مضمون المحادثات وحصرته في «المسائل الاقتصادية والمالية» وهنا قالت ان هذه المسائل هي «دعم فرنسا لتونس في الإصلاحات التي تعتزم تونس إجراءها في إطار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي».
وتقف السردية الرسمية عند هذا الحد اذ لا تذهب أبعد لتكشف فعليا عن وجود بعثات اجنبية اخرى في تونس لتقديم «الدعم الفني» اذا تعلق الامر بالإصلاحات التي تعتزم تونس تقديم خطة بشأنها الى صندوق النقد الدولي. والحال ان معطيات اولية اكدتها مصادر عدة تفيد بوجود «خبراء» من الولايات المتحدة الامريكية لذات الغرض ووجودهم قار في تونس منذ فترة لم تحددها المصادر.
مصادر اشارت الى ان هؤلاء الخبراء يقدمون دعمهم الفني في ملف الاصلاحات الكبرى، وفي اعداد ملف التفاوض مع صندوق النقد الدولي، دون تحديد فعلي لشكل الدعم الفني او لهامش الحركة الذي منحه هؤلاء الخبراء.
دعم فني تاكد انه قدم من قبل فرنسا ممثلا في خبراء الخزينة العامة، التي حل رئيسها بتونس يوم الاثنين، وتاكد بوجود خبراء أمريكيين ولكن هل ان هذا الدعم هو الوحيد المقدم. هذا السؤال لا تقدم اي جهة رسمية اجابة عنه بل تتحاشى الخوض فيه رغم وجود مؤشرات ترجحه ومنها بيانات الدول السبع الكبار التي تضمنت اشارات صريحة وواضحة بانها على استعداد لتقديم دعم فني لتونس للخروج من ازمتها المالية، وجعلت هذا الدعم متصلا بشكل مباشر بحث تونس على خطة اصلاح اقتصادية ومالية. بيانات من بينها بيان سفارة المانيا بتونس في ديسمبر الفارط، الذي ورد فيه ذات التلميح باستعداد المانيا لتقديم الدعم الفني.
دعم يكشف ان الحكومة التونسية تراهن على فرنسا وامريكا لدفع ملف مفاوضاتها مع صندوق النقد الى نهاية سعيدة تتمثل في الوصول الى اتفاق جديد يسمح بتعبئة الموارد المالية بشكل ايسر من الفرضيات التي تواجهها دون هذا الاتفاق.
ولضمان هذا الدفع توجهت الحكومة الى الدول الكبار للحصول على ما يقدم على انه «دعم فني» ولكنه واقعيا عملية تقييم ورقابة قبلية لخطة الاصلاح المزمع تقديمها لصندوق النقد الدولي اضافة الى عملية توجيه للاصلاحات.
أزمة المالية العمومية التونسية والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي : صياغة خطة الإصلاح بتوجيه فرنسي وأمريكي
- بقلم حسان العيادي
- 10:42 04/02/2022
- 874 عدد المشاهدات
في بياناتها الصادرة طوال الاسابيع الفارطة، كانت الدول الكبرى حريصة وهي تشير الى استعداداتها لدعم تونس باستخدام كلمات مفتاحية