ملف القضاء والاصلاحات الهيكلية، وما يجمعهما في الخطاب الرسمي هو الحرب على الفساد سواء في اروقة القضاء او في تفاصيل الحياة الاقتصادية والمالية هذا ما تسوقه الرئاسة ضمنيا لتحجب امرا بينا وهو محاولة اخفاء الفشل في ادارة الملف الاقتصادي والمالي بتكثيف حضور الملف السياسي وجعله طاغيا.
في بداية الاسبوع التقى الرئيس بوفديين، الاول كان وفدا رسميا ضم رئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزيرة المالية سهام البوغديري ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي واخيرا كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج المكلفة بالتعاون الدولي عائدة حمدي. اما الوفد الثاني فقد تكون من اساتذة القانون الدستوري الصادق بلعيد وامين محفوظ .
أول اللقاءين رسمي وقد تعلق بالوضع الاقتصادي للبلاد و مخارج الازمة المالية ولم تقدم الرئاسة عنه غير تفاصيل بسيطة، تعلقت كلها بتوصيات الرئيس وتصوراته اما اللقاء الثاني وهو سياسي تطرق للجانب القانوني فقد نزلت الرئاسة مرة اخرى بثقلها لتخصص له الحيز الاهم من تسويقها.
فقد نشرت كلمة الرئيس التي تعلقت مرة أخرى بمقاربته لقضايا تتعلق بالملفين الدستوري والقانوني اللذين استخدمهما لتمرير هدف اللقاء وهو عودة الرئيس الى تقرير دائرة المحاسبات المتعلق بالانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019. وما يحمله الرئيس من انتقادات عدة جراء تأخير البت في الجرائم الانتخابية، اذ ان رئيس اكد في لقائه مع استاذ القانون الدستوري على ضرورة ترتيب الآثار القانونية لما تضمنه ا التقرير من تجاوزات, اي ان تقع مقاضاة القائمات الانتخابية المنتهكة للقانون وإسقاط عضويتها بالبرلمان ليعلق مرة اخرى على ما يعتبره ازدواجية المعايير اما القضاء ليشدد على انه من غير المقبول أن يوضع تقرير عن محكمة ويبقى دون أي أثر قانوني.
هذا اللقاء الذي سوقته الرئاسة بشكل مكثف وحرصت على ابرازه عبر صفحتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، هو ما تريد الرئاسة ان يحظى بانتباه الراي العام وان يثير ردود الفاعلين السياسين، وهو هنا لا يختلف كثيرا عن احزاب او قادة سياسين انتقدهم الرئيس على تعمدهم توجيه الراي العام بقضايا يرى انها غير ذات اولوية امام ما تواجهه البلاد.
وما تواجهه البلاد هو حقيقة ازمتها الاقتصادية والمالية التي كانت محور لقائه مع الوفد الرسمي، والذي لم ينشر عنه غير بلاغ مقتضب جاء فيه ان الرئيس « أشرف » على اجتماع لمتابعة الوضع الاقتصادي والمالي بتونس، هنا وقع القاء المعطيات عدة منها ان اللقاء تم فيه تقديم برنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي تقترحه الحكومة في إطار التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
واشار البلاغ الى ان اللقاء مثل مناسبة للتطرق الى سبل إعادة تحقيق النمو الاقتصادي، وتفادي التضخم المالي فضلا عن آليات استعادة المالية العمومية لثوابتها. هذا دون ان يغفل البلاغ عن الاشارة الى ان الرئيس قد أكّد على ضرورة إيلاء الأولوية للفئات الهشّة في برنامج الإصلاحات، وتعزيز الحوكمة والحرص على شفافية المالية العمومية. بالاضافة الى أهمية ضمان العدل الجبائي وعلى ضرورة تطهير البلاد من جميع مظاهر الفساد.
بهذا البلاغ أعلنت الرئاسة عن خطة اصلاحاتها الكبرى التي ستتقدم بها خلال الفترة القادمة لصندوق النقد الدولي، اصلاحات تشمل وفق توصيات الصندوق، التحكم في كتلة الأجور ونفقات الدعم وخصخصة بعض المنشآت العمومية في اطار توصية بحوكمة النفقات ووضع حد لاثقال كاهل المالية العمومية وغيرها من الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي اشترط صندوق النقد الدولي ان تحظى برضا الاتحاد العام التونسي للشغل.
رئاسة الجمهورية وتكثيف التحركات: تقديم الملف السياسي على الملف الاقتصادي... كل شيء لحماية المشروع
- بقلم حسان العيادي
- 10:43 01/12/2021
- 968 عدد المشاهدات
انتقلت رئاسة الجمهوية يوم الاثنين الفارط بين ملفين غير مترابطين في ظاهرهما، ولكنهما لدى الرئيس متصلان متكاملان.