ادركت أن لا مخرج منها ما لم يتم التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، لتحقيق هذا وضعت بيضها في سلة «الحصول على دعم» طرفين أساسيين الاول هو اتحاد الشغل والثانية هي الولايات المتحدة الامريكية.
لم تقدم رئاسة الجمهورية ومن خلفها حكومة نجلاء بودن اي تفاصيل عن سياساتها المالية او الحلول التي تبحث عنها لمعالجة انخرام توازنات المالية العمومية، وهي تكتفي بتصريحات وخطابات تتحدث عن «الحلول غير التقليدية» التي ينتظر الوصول اليها.
في انتظار ان يتقدم احدهم بمقترح لحل غير تقليدي يساعد على رفع الضغط عن المالية العمومية لم يبق امام الماسكين بالحكم، قيس سعيد بالاساس غير البحث عن مخارج تقليدية، وهذا يعنى انه يبحث عن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يمكن من تعبئة موارد مالية من الصندوق والاهم أن يسمح للدولة التونسية بان تتجه الى السوق المالية الدولية بضغوط اقل.
لتحقيق هذا الهدف تعمل الرئاسة على توفير ما تعتبره عنصر نجاح، الاول ضمان دعم اتحاد الشغل ومساندته للإصلاحات الكبرى التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، والتي لها عناوين بارزة، الضغط على كتلة الاجور والدعم وإصلاحات تشجع الاستثمار وتنهى هيمنة الاقتصاد الريعي على البلاد.
اصلاحات تدرك الرئاسة انها لا يمكن ان تمر دون «دعم» الاتحاد العام التونسي للشغل وقبوله بها وعليه فانها باتت اليوم تبحث عن بلوغ هذا الدعم عبر قنوات اتصال مباشرة وغير مباشرة مع المنظمة، قنوات تسمح بجس النبض ولكنها لن تكون كافية لتحقيق هدف الرئاسة ما لم تقدم للاتحاد ضمانات تنهى حالة الصدام معه في علاقة بالملف السياسي، في علاقة -تحديدا بملف- الحوار الوطني والاصلاحات السياسية.
وفي انتظار الوصول الى توافق مع الاتحاد وهو اللاعب المحدد لقدرة الرئاسة على تقديم نفسها كمفاوض جدي للصندوق، تعمل الرئاسة على ان تكسب دعم الولايات المتحدة الامريكية لتسهيل الاتفاق مع صندوق النقد، وما الاتصال الهاتفي بين الرئيس قيس سعيد ووزير الخارجية الامريكي الا في هذا الاطار.
وقد نشرت نشرت رئاسة الجمهورية يوم الاحد الفارط بلاغا نقلت فيه مضمون اتصال هاتفي جمع بين الرئيس قيس سعيد ووزير الخارجية الامريكي أنطوني بلينكن، وهو اتصال عكس حرصا لدى الرئاسة على تعديل «الصورة» لدى الادارة الامريكية اذا ما تعلق الامر بـ«التدابير الاستثنائية».
حرص عكسه بلاغ الرئاسة بشكل غير مقصود. حينما خصص على الاتصال الهاتفي ليُوضّح الرئيس سعيد «الأسباب التي دعت إلى الالتجاء إلى الفصل 80 من الدستور» وهنا يكشف البلاغ عن ان الرئيس اعلم وزير الخارجية الامريكي «أن هذا القرار حتّمته المسؤولية» خاصة بعد ان اصبح البرلمان « حلبة صراع وسالت فيه الدماء وتعطّلت أعماله في أكثر من مناسبة نتيجة للعنف المادي والعنف اللفظي» اضافة الى الفساد الذي « عمّ وانتشر في الدولة وفي المجلس النيابي ذاته». ليستمر مضمون البلاغ في الاشارة الى «خطاب» الرئيس الذي اعاد تقديم «التدابير الاستثنائية» والكشف عن واقع الحقوق والحريات والتي يؤكد انها مصانة «والدليل على ذلك المظاهرات التي تُنظّم والاحتجاجات التي تقع بين الحين والآخر بكل حرية» وفق نص البلاغ الذي بحث عن دحض «المغالطات» التي يتم نشرها في الخارج عبر اللجوء إلى عدد من الشركات بأموال مشبوهة المصدر للإساءة إلى تونس.
لينتقل من كشف اسباب 25 جويلية الى تقديم ما يمكن اعتباره «خارطة طريق» اذ اكد الرئيس انه في طور «الإعداد للمراحل القادمة» وان الهدف من الاستعدادات «الخروج من هذا الوضع الاستثنائي إلى وضع عادي».
لتترك اهم نقطة في المحادثة الى نهاية البلاغ الذي اشار الى ان الرئيس شدد على ضرورة أن يتفهّم شركاء تونس أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هي المشكل الأساسي الأول، «زادها تعقيدا اختلاق الأزمات وبثّ الأكاذيب والافتراءات» اي انه يشدد على ضوروة ان تتفهم الولايات المتحدة الامريكية الوضع الاقتصادي لتونس وان تدعمها في جهود معالجته.
هذه النقطة كشفت بشكل صريح عن بحث الرئاسة عن دعم الولايات المتحدة الامريكية للوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في الفترة القادمة لتوفير اعتمادات مالية لتمويل ميزانية 2022 وان تونس دون هذا الدعم ستجد نفسها امام الافلاس. نهاية باتت الرئاسة تبحث عن تفاديها بالعمل على تدارك اخطائها خاصة الاتصالية اضافة الى تقديم مؤشرات عن الخطوات القادمة، لعل في هذا ما قد يرفع القيود ويوفر دعما غربيا يساعد على تعبئة موارد مالية.
تحركات الرئاسة للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي : قيس سعيد يبحث عن دعم الاتحاد ودعم أمريكا
- بقلم حسان العيادي
- 09:40 23/11/2021
- 808 عدد المشاهدات
يبدو ان رئاسة الجمهورية تحركت خلال الاسبوع الاخير لتحقيق غرض محدد، وهو ضمان مخرج من الازمة المالية التي