بداية الصدام بين الرئيس والشباب المعطل: التشغيل بعد استكمال البناء القاعدي

اجتمع كل شيء امس ليقدم صورة مختلفة عما أرادته رئاسة الجمهورية. اذ ان التسجيل المصور للقاء الرئيس بوزير التكوين المهني والتشغيل

كشف عن ان الرئاسة دخلت في مرحلة اهتراء الحكم والصدام مع «المحتجين»، وهم في هذه المرة المعطلون عن العمل ممن طالت بطالتهم ويتمسكون بتفعيل القانون عدد 38 لسنة 2020.
تسجيل من 10 دقائق نشرته امس الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، كان كفيلا بان يكشف عن وجود «امر ما» لم تستسغه الرئاسة في اللقاء الذي جمع بين الرئيس قيس سعيد ووزيز التشغيل بممثلين عن تنسيقية المطالبين بتفعيل القانون 38 المتعلق بالانتدابات الاستثنائية.
فلم يفت الرئيس وهو يخاطب وزيره ان يشدد على ان ما حمله مضمون كلمته من تقييم للمشهد وتقدير للحلول الممكنة، هو ما قاله للمحتجين الذين التقى ممثلين عنهم وكان الوزير حاضرا على اللقاء ومشاركا فيه. لقاء لم تنشر عنه اية معلومات سوى ما قاله الرئيس وهو يخاطب وزيره ويقدم له الحلول الممكنة للحد من البطالة.
عند هذا الحد لا شيء قد يوحى بوجود ما دفع الرئاسة الى تجنب نشر صور او تسجيل عن اللقاء، ولكن مضمون الكلمة التي القاها الرئيس وتحدث فيها باطناب عن القانون عدد 38 لسنة 2020 المتعلق بالانتدابات الاستثنائية، وعن الحل البديل الذي يقترحه، تكشف عن ان الرئيس لم يقنع ممثلي المعطلين بمقترحه ففضل ان يسوقه بطريقة مختلفة.تسويق اعتمد على ذات الآلية، الرئيس يتكلم لضيفه والرسائل موجهة الى الجميع.
كلمة يمكن اختزالها بالقول ان الرئيس بات يرفض تفعيل القانون عدد 38 لسنة 2020 والسبب هو اعتباره ان هذا القانون «لغم» ورثه عن «المنظومة» التي اطاح بها في 25 جويلية، وان هذا اللغم هدفه الوحيد هو بيع الوهم للشباب.
اعتبار الرئيس للقانون عدد 38 أنه لغم وعملية مخاتلة سياسية قامت بها الاغلبية الحاكمة السابقة اضافة لحلفاء الرئيس، هو ما حرص الرئيس على ابرازه مع تجنب الافصاح انه قد سبق له أن ختم القانون الذي يعتبره اليوم «وهما» هدفه امتصاص الغضب وبيع الاحلام.
قانون لم يعترض عليه الرئيس كما لم يعتمد على الاليات الدستورية لاعادته للمجلس، بل ختمه ونشر بالرائد الرسمي في اوت 2020، واليوم وبعد أن باتت للرئاسة مقاربة مختلفة، فقد اشار الرئيس قيس سعيد انه قدمها لمن التقاهم، وشدد على انها مختلفة فهي ستكون عبر نصوص قانونية حقيقة تمكن من خلق الثورة وتوفير مواطن شغل اضافة الى انها ستمكن الشباب من تفجير طاقاته.
هذه المقاربة هي «الشركات الاهلية» التي تحدث عنها الرئيس في المجلس الوزاري المنعقد يوم الخميس الفارط، ويوم امس عاد للحديث عنها باعتبارها الية تمكن من خلق الثورة والرفاه للشعب، ولكن هذا سيكون مؤجلا الى حين « استعادة الاموال المنهوبة».
اذ ان انشاء الشركات الاهلية سيكون الخطوة اللاحقة لاسترجاع اموال التونسيين المنهوبة عبر مرسوم الصلح الجزائي، وفي انتظار ذلك على الشباب ان يكونوا منتبهين الى الالغام التي نشرت في طريق الرئيس، منها القانون عدد 38 ومنها المظاهرات والقمامة. الغام يعتبر الرئيس أنها تستهدفه لقطع الطريق امامه من قبل خصومه الذين احترفوا الحكم عبر المؤامرات والدسائس.
بشكل غير مباشر يعلن الرئيس انه لن يفعل القانون عدد 38 وانه يقترح بدل ذلك انشاء شركات اهلية، وهذا يعنى انه وفي انتظار استكمال مسار البناء القاعدي وتغيير نظام الحكم واعادة توزيعه فانه لا يعد بتوفير مواطن شغل حتى ذلك الحين. مقترح يبدو انه لم يلق قبولا او رضا مما قد يفسر غياب ممثلي المعطلين عن الصورة واختيار اعادة الخطاب والحلول في لقاء منفرد مع الوزير ليكون قابلا للتسويق ويحقق الغرض منه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115