بعد تصويت الاتحاد الأوروبي : الضغط من أجل الحوار وضمان الديمقراطية

كان الحدث امس تصويت البرلمان الاوروبي على لائحة تتضمن دعوة الرئيس التونسي إلى أن يوضح خطواته القادمة وان يقدم خارطة طريق يحدد فيه مواعيد

العودة إلى الوضع الطبيعي وعودة المؤسسات الدستورية إلى العمل وذلك لمواصلة الدعم المالي لتونس.

صادق البرلمان الأوروبي يوم امس الخميس بأغلبية اصوات اعضائه 534 صوتا بنعم مقابل 45 صوت بالرفض وامتناع 106 عن التصويت على القرار الذي دعا فيه فيه البرلمان الاوروبي الرئيس قيس سعيد الى احترام الحقوق والحريات في تونس وعبر اعضاء البرلمان عن ادانتهم لحصر كل السلطات في يد الرئيس.
قرار اهم ما فيه ان البرلمان الاوروبي يشدد على «وجوب الحفاظ على الدستور والإطار التشريعي» ويعتبر ان تونس» بحاجة إلى برلمان شرعي يعمل بشكل جيد لاستعادة الاستقرار المؤسساتي في أقرب وقت ممكن واحترام الحقوق والحريات الأساسية».
وتضمن القرار الذي نشرت نسخة منه على موقع البرلمان تاكيدا على ضرورة عودة عمل مؤسسات الدولة في تونس بشكل طبيعي وان يكون الحوار الوطني شاملا اذ تضمن القرار «حثا للسلطات على استئناف الحوار الوطني الشامل بشكل فعال يشمل المجتمع المدني».
كما دعا إلى «العودة إلى الديمقراطية الكاملة واستئناف النشاط البرلماني في أسرع وقت ممكن» والى «وجوب اعلان السلطات عن خارطة طريق واضحة للعودة إلى العمل الطبيعي للدولة» اضافة الى دعوة السلطات التونسية الى «تجنب حالة عدم اليقين القانوني التي يسببها حظر السفر ومراقبة الدولة والوضع تحت الاقامة الجبرية».
واعتبر أعضاء البرلمان أن «المحاكمات المدنية أمام المحاكم العسكرية إشكالية للغاية» مطالبين بـ«إعادة قضاء مستقل من شأنه أن يؤدي إلى إصلاح المحاكم العسكرية في تونس ووضع حد للمحاكمات العسكرية للمدنيين».

هذا القرار الذي حظي باجماع اعضاء البرلمان الاوروبي يكشف عن تطورات جديدة في قراءة العواصم الغربية للاحداث في تونس منذ 25 جويلية الفارط. فاليوم وبعد زيارات لوفود ولقاءات عقدها دبلوماسيون اوروبيون مع مثلين لاحزاب التونسية ومع قادة المجتمع المدني اضافة الى التقارير التي بلغتهم.

فالقرار الاوروبي بالعبارات الدبلوماسية التي استخدمت فيه حمل تحذيرا او حثا على عدم الانحراف بالتجربة التونسية الى الاستبداد او الحكم الفردي والقصد هنا عدم فرض الرئيس لتصوراته السياسية ولنظام الحكم الذي قدمه في الانتخابات الرئاسية على التونسيين. وهذا يتجلى بشكل كبير في النقاط التي تضمنتها اللائحة، فقد تجنبت ادانة اجراء 25 جويلية حتى وان ادانت تجميع السلطات في يد الرئيس بمقتضى مرسوم عدد117 الصادر في سبتمبر الفارط، اضافة الى دعوتها إلى العودة للوضع الطبيعي لمؤسسات الدولة والقصد هنا الحث على انهاء حالة التدابير الاستثنائية.ووضع نهاية لهذه التدابير لا يعنى ان البرلمان الاوروبي يدعو لعودة الامور الى ما قبل 25 جويلية، ففي ديباجة القرار وفي مضمونه ينطلق الموقف الاوروبي من ان برلمان 2019 انتهى وأن نهايته لم تكن فقط بقرار سعيد بل برفضه من الشارع التونسي.
هذا ما تكشفه ايضا الدعوة الى عودة النشاط البرلماني في اسرع وقت، والتي يقصد منها عودة عمل مؤسسة البرلمان كمؤسسة تمثل الشعب والإعلان عن رفض النظام المجالسي الذي يسوق له انصار الرئيس ويقوم على الديمقراطية القاعدية.

فالدعوة الى عودة نشاط البرلمان في اسرع وقت تمنح الرئاسة والسلطات التونسية هامشا للحركة لاقامة انتخابات تشريعية مبكرة اثر الانتهاء من تعديلات الدستور والقانون الانتخابي، وهذا يصبح اشد وضوحا اذا وقع النظر الى نقطة المتعلقة بالحوار ومشاركة الفاعليين السياسين فيه.
فالحوار الذي يحث الاتحاد الاوروبي السلطات التونسية على اقامته حوار يتعلق ايضا بالقضايا السياسية ومنها الدستور والقانون الانتخابي، ومطالبته بمشاركة الاحزاب والمنظمات هو للضغط من اجل منع الرئيس من الانفراد بالحوار وتطويعه لتنزيل مشروعه السياسي.

مضمون القرار الاوروبي رسالة ضغط اشد من التصريحات والبيانات ولكنه ليس بداية حصار او عزلة لتونس او رئيسها، بل هو طلقة تحذيرية للرئيس ليستمع لاصوات الداخل وينهى حالة القطيعة بينه وبين منظمات وطنية واحزاب تتقاطع معه وتساند اجراءاته مع تحفظها على انفراد الرئيس بالقرار وعدم التشاور.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115