الاتحاد العام التونسي للشغل: السعي إلى دفع الرئيس إلى الحوار

باتت البلاد منذ 25 جويلية منقسمة في الظاهر الى في فسطاطين، من هم مع اجراءات الرئيس وخطواته والذين يعتبرون الامر تصحيحا للمسار ومن يرفضون ذلك ويعتبرونه انقلابا.

لكن المشهد اكثر تعقيدا من ان ينحصر في فرقتين. فهناك قراءات لا تنتمى لهذا او ذاك ومنها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يتبنى قراءته الخاصة للأحداث ويسوقها للداخل والخارج على انها فرصة محفوفة بمخاطر ولكن يجب ان تستغل لإنقاذ البلاد . 

لم يخف الاتحاد العام التونسي للشغل منذ 26 من جويلية 2021 اعتباره لخطوات الرئيس المتمثلة في تفعيل الفصل 80 من الدستور، خيارا سياسيا سليما اذا تعلق الامر بوضع حدّ للازمة السياسية التي استفحلت منذ جانفي 2021.
خيار سياسي سليم هو نصف تقييم الاتحاد لقرارات الرئيس منذ 25 جويلية والتي يعتبرها خطوة ضرورية لإنقاذ البلاد ولكن وقع التعاطى مع حركة الرئاسة على انها من اجل البلاد لا من اجل مشروع سياسي خاص.
موقف لم يكن يعارض صراحة اجراءات 25 جويلية ولكنه يستبطن توجسا منها، والتوجس يتضح لاحقا في بيانات الاتحاد ومواقفه التي عبر عنها الامين العام نور الدين الطبوبي في اكثر من مناسبة والتي تتعلق اساسا برفض النهج الاحادي للرئيس.
فالاتحاد يطالب بحوار وطني يجمع الفرقاء لحسم جملة من الملفات اولها السياسي وهو المتعلق بالتعديلات الدستورية وتنقيح القانون الانتخابي واللذين يعتبرهما الاتحاد ضروريين ولكن يرفض ان يقع الانفراد بالراي في معالجتهما من قبل الرئاسة.
كما يطالب الاتحاد بوضع سقف زمني للإجراءات ألاستثنائية اي ان تكون فترة التدابير الاستثنائية محددة الاجال وليست مطلقة. وقد عبر عن ذلك في كل البيانات التي تتالت منذ حلول شهر اوت الفارط، والتي كشف فيها الاتحاد عن انه يبحث عن تشكيل جبهة ثالثة.

فالبلاد ومنذ 25 جويلية باتت تعرف جبهتين أساسيتين. جبهة الرئيس اي الذين انتصروا له واعتبروا اجراءات 25 جويلية خطوة تصحيحه تبرر كل الخيارات اللاحقة للرئاسة ومنها الامر عدد117 الصادر في 22 سبتمبر 2021 والمتعلق بتسيير الفترة الاستثنائية ورسم احكامها. وفريق اخر اتسعت رقعته بصدور الامر ويعتبر ان ما حدث انقلاب او تجاوز للدستور.
هذا ما كانت عليه البلاد في ظاهرها فريقان صاحبا مواقف متناقضة بشكل حاد تعلق الامر بإجراءات 25 جويلية وما لحقها من خطوات ولكن في ثناياه حمل المشهد السياسي في تونس اكثر من ذلك. فالشارع ومكوناته والفاعلون فيه واللاعبون الاجتماعيون والسياسيون شكلوا فرقا لكل منها تصورها.

والاتحاد كان اول من بادر بتشكيل خيار بديل. لا يتعاطى مع 25 جويلية على انه انقلاب وافتكاك للسلطة بل على انه فرصة منحت لتونس لتصحيح مسارها ولكن ضمن سياق وشروط مختلفة عما يبديه الرئيس قيس سعيد. اي ان الاتحاد وبشكل مباشر وصريح اعتبر ان مسالة العودة لما قبل 25 جويلية امر محسوم ولا سبيل اليه، بل يذهب اكثر في اعتبار ان وضع حد لمنظومة حكم 2019 امر ايجابي يمكنه ان يوفر هامشا لإنقاذ البلاد.
وقد عبر الاتحاد عن هذا الموقف في بياناته بأشكال عدة وبشكل صريح عبر عنه لكل من استقبلهم من وفود محلية او اجنبية على غرار وزير الخارجية الالماني منذ يومين. فالاتحاد دافع في هذه اللقاءات عن خيار ثالث يتمثل في اقرار خطوات 25 جويلية وجعلها محطة للاصلاح.
اي انه لا يعتبر الامر انقلابا بل ويسوق لصورة مختلفة. ولكنه يعتبر ان الأمر غامض بسبب رفض الرئيس الحوار ويخشى من ان يعتبر الرئيس ان دعم جزء هام من الشارع له تفويض لتنزيل مشروعه السياسي وإلغاء دور الهياكل الوسيطة عبر نظام حكم قاعدي.
مخاوف الاتحاد معلومة وعبرت عن نفسها من خلال مطالبه، وهي سقف زمني وحوار، وهي ما يقدمه الاتحاد لمستمعيه ايضا مع التشديد على ان البلاد يمكنها النجاة اذا اقتنع الرئيس بضرورة مبادرة الحوار بين الفرقاء لا مبادرته الخاصة بالحوار مع الشباب التي تعوم الحوار ومخارجه.
هذا ما يدافع عنه الاتحاد ويدفع اليه. وهذا ما يفسر حرصه على ابراز انه ليس في صف الرئاسة ولا هو خصمها. بل هو شريك يريد من الرئيس مد يده للحوار للوصول الى توافق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115