نطق بها الرئيس قد تكون مفصلية في المرحلة القادمة، فتونس «تتسع للجميع».
يوم الاثنين الفارط وعلى هامش فعاليات موكب اداء اليمين الدستورية للحكومة الجديدة توجه الرئيس بكلمة. اتى فيها على عدة نقاط سواء منها ما تعلق بأسباب اتخاذ قرار تفعيل الفصل 80 من الدستور او عن طبيعة المرحلة الاستثنائية وما تبعها من تطورات.
كلمة اعلن فيها الرئيس عن عزمه على اطلاق حوار وطني، اذ اكّد انه سيتم ايجاد اطار لحوار وطني «حقيقي» وفق وصفه. وقد شرحه باعتبار أنه حوار مختلف عما حصل في السنوات الماضية، الذي كان من الممكن أن يقام في ساعات معدودة للوصول الى توافق حول نقاط لا تعالج مشاكل تونس.
«الحوار الوطني الحقيقي» وفق الرئيس حوار مع الشباب من مختلف جهات البلاد ومع التونسيين والتونسيات ممن يقبلون بحوار لاستكمال الثورة ومطالبها. هذه الكلمات جاءت عقب تاكيد الرئيس على ان «تونس تتسع للجميع في ظل القانون».
«تونس تتسع للجميع» كلمات استهل بها الرئيس خطابه وعاد اليها حينما تطرق الى الحوار الوطني الهادف الى استكمال مسار الثورة. وهنا يبدو ان الرئيس وجه رسائله المبطنة والصريحة معا، فهو يقبل بالتشاور ويستجيب للدعوات الصادرة بالاساس عن اتحاد الشغل الذي طالب في عدة مناسبات بالتشاور واقامة حوار وطني.
لكن الاستجابة ليست مطلقة، فالرئيس هنا لا ينخرط في مبادرات اي جهة او طرف، بل يطرح مبادرته، اي مبادرة الحوار الوطني الذي يشارك فيه الشباب من مختلف الجهات جنبا الى جنب مع من يريد من الاحزاب والمنظمات الالتحاق بالحوار.
حوار سبق وان قدم الرئيس تصوره ورؤيته له، هو حوار مع الشباب بهدف الاستماع الى مطالبهم ومقترحاتهم لا فقط من قبل الرئاسة بل من قبل باقي المنظمات والفاعليين السياسين والاجتماعيين، الذين سيكونون بمثابة «التقنين» المكلفين بتنزيل هذه المطالب والمقترحات على ارض الواقع.
كما ان الحوار ووفق ما يشدد عليه الرئيس، من ان تونس تتسع للجميع، لن يقتصر فقط على الاستماع للشباب في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي بل سيمنح بقية المشاركين هامشا لمناقشة «التعديلات» المفترض ان تطال الدستور والقانون الانتخابي.
ويبدو ان الرئيس وبعد ان هيأ الارضية واستطاع المساك بكافة اوراق اللعب، يتجه اليوم الى توسيع قاعدة انصاره بالاستجابة وان بتعديلات وتغييرات لمطالب الحوار خاصة في ملفي الدستور والقانون الانتخابي.
اي ان الرئيس وبشكل مباشر يعلن عن بداية الانتقال من سياسة «الغلق» ورفض الاستماع للأخر، الى الانتقال التدريجي إلى المشاورات والمشاركة وان كان ذلك وفق تصورات الرئاسة وإشرافها على الحوار الذي تريده ان يعيد حالة الالتفاف خلف الرئيس في اطار الاستقطاب الراهن بينه وبين النهضة.
فالرئيس يريد ان يمد يده الى الاحزاب الداعمة له او التي كانت تدعمه ولكنها غيرت او عدلت من موقفها اثر صدور الامر الرئاسي عدد 117 ويبحث بشكل اكبر عن التقارب مع الإتحاد. وذلك عبر احياء ملف الحوار الوطني ولكن على شاكلة جديدة وبشعار تونس تتسع للجميع وبالأساس منع التقاطع بين النهضة وباقي المكونات السياسية او منظمات.