على صفحة الرئاسة وتعلقت بلقاءات عقدها الرئيس مع ضيوف القى على مسامعهم كلمة حملت الكثير، من تقديم معطيات غير دقيقة الى الاعلان عن بداية حملة «التطهير».
بعد ساعات من نشرها لتسجيلين مصورين على حسابها في صفحتها في «الفايسبوك»، عمدت رئاسة الجمهورية الى حذف التسجيلين من صفحتها الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي، دون شرح او تقديم اية معلومات عن هذه العملية الاتصالية.
تسجيلان حذفتهما الرئاسة مع ترك البلاغات والصور المتعلقة بالحدثين للقاءين جمعا الرئيس بكل من رئيسة الحكومة المكلفة نجلاء بودن ويوسف بوزاخر رئيس المجلس الاعلى للقضاء، كل على حده، ليلقي على مسمعيها كلمات اراد من خلالها توجيه رسائل يبدو انه بات يبحث عن تخفيف حدتها والتراجع عنها.
اولى هذه الرسائل تعلقت بما قاله لرئيسة الحكومة المكلفة نجلاء بودن من ان مليون و800 الف شخص شاركوا في مسيرات «دعم الرئيس» يوم الاحد 3 اكتوبر2021، وما تبع ذلك من وصف ووسم لخصومه واعتبارهم «حشرات» وانتهازيين ستشكل الحكومة بعيدا عنهم.
ما قاله الرئيس في لقائه مع رئيسة الحكومة المكلفة حول أنّ الحكومة سيتمّ تشكيلها بعيدا عن تصوّرات الطبقة السياسية. التي وصفها بشكل مبطن بـ«الحشرات» وتحدث عن «دعم» شعبي حرص على ابراز حجمه الضخم بقوله «ان يوم 3 اوكتوبر 2021 سيحفظه تاريخ تونس، والسبب كشفه لاحقا ويتمثل في مشاركة مليون و800 الف تونسي».
هذا الرقم الذي قدمته الرئاسة مبالغ فيه ويتجاوز عدد المشاركين في مسيرات الدعم بمئات الأضعاف اذ ان وزارة الداخلية قدرت عدد المشاركين في كل المسيرات التي انتشرت في عدة مدن بأقل من 20 الف.
مبالغة الرئيس في تقدير عدد المشاركين ووصف الخصوم بـ«الحشرات» يبدو انهما دفعا الرئاسة الى سحب التسجيل المتعلق بلقاء الرئيس بنجلاء بودن المكلفة بتشكيل الحكومة، وتسجيل الفيديو الخاص بلقاء رئيس الجمهورية برئيس المجلس الاعلى للقضاء الذي جدد فيه قوله ان تونس عاشت يوما تاريخيا في 3 اكتوبر والسبب هو عدد المشاركين في مسيرات الدعم.
سحب الرئاسة التسجيلين كان بسبب مبالغة في رقم المشاركين في مسيرات الدعم، حجب عن دائرة النقاش العام ما قاله الرئيس واعلن عنه بشكل صريح في لقاءيه، فهو وبعد وسم الخصوم بالحشرات في كلمته امام نجلاء بودن قال لرئيس المجلس الاعلى للقضاء ان «تطهير البلاد لا يتم الا بتطهير القضاء».
هذه الرسالة التي يبدو ان الرئيس قسمها الى جزءين، الاول في لقائه برئيسة الحكومة المكفة ويتعلق بحسم عملية التصنيف من نحن ومن هم، من الخيرين والاشرار الى «النحن» والحشرات في اطار مقاربة ينتهجها الرئيس بشكل صريح ومكثف منذ 25 جويلية تقوم على تقسيم البلاد وجعل «الهم» سبب الفشل والازمات.
«هم» الذين انتقلوا من عملاء وخونة الى حشرات، لا يمكن ان تقع مواجهتهم في ظل «الاطر التقليية» او المقاربات التقليدية اذ لابد من ان يبتدع الشعب، وهنا يصبح الرئيس هو الممثل الوحيد والشرعي للشعب، ومصالح هذا الشعب وارادته تقتضي اطلاق عملية «تطهير».
فالرئيس وهو يخاطب رئيس المجلس الاعلى للقضاء، كان واضحا وصريحا، هو يريد ان «يطهر» البلاد هذا لا يتم الا بتطهير القضاء، بعبارات ادق الرئيس اعلن عن عملية التطهير الشاملة، واولى خطواته تطهير القضاء ليكون منسجما مع «نحن» الشعب الرئيس.
لاحقا سيقع تطهير كل البلاد من الاخرين، والآخرون تتسع لكل المختلفين عن طرح الرئيس وتصوره، أي ان التطهير سيشمل كل القطاعات والمراكز لجعلها «نقية» لا تتبنى الا ارادة الشعب ورغبته.
اعلان عاشت على وقعه تونس في 2011و 2012 واثمر ما تعيشه البلاد اليوم من ازمات متعددة تهدد سلمها الاهلي والعيش المشترك، خاصة وان البلاد وطيلة عشرة سنوات عاشت على وقع تغذية العنف والتقسيم بين «نحن» و»هم» وحشد الشارع ليكون متاهبا لحسم الصراع متى اقتضى الامر.