بعد اعتداءات قوات الأمن على متظاهرين في شارع الحبيب بورقيبة : اكتفاء الرئيس بإسداء التعليمات...

يبدو ان رئيس الجمهورية بحث امس عن إرضاء الشارع الغاضب من ناحية وإرضاء قوات الامن من ناحية أخرى وهذا ما عكسه

البيان الصادر امس عنه، اذ اقتصر على التشديد على اعتماد مقاربة جديدة في التعاطي مع الاحتجاجات دون ان يدعو الى تتبع ومحاكمة من مارسوا انتهاكات وعنف ضد المحتجين والصحفيين يوم الاربعاء الفارط.

انهالت لكمات وركل وضرب على اجساد المتظاهرين يوم الاربعاء الفارط في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، من قبل القوات الامنية التي كلفت بتامين تحرك احتجاجي دعت اليه مجموعة «ماناش مسلمين/ات» فبحثت عن بسط هيمنتها على الشارع ومنعه على المحتجين والصحفيين في مساع للعودة الى مربع ما قبل 2011.
قوات امنية اغلقت الشارع ومنعت المحتجين من بلوغه والقت القبض على بعضهم حجتها في ذالك ان المحتجين لم يحصلوا على ترخيص للاحتجاج وان الوضع الصحي لا يسمح بالتظاهر، قبل ان تعمد قوات الامن الى تفريق من ولج الى شارع الرئيسي بالعاصمة باعتماد القوة وقنابل الغاز المسيل للدموع.
اعتداءات اعادت الى الاذهان صورا قديمة، اخرها كانت في جانفي 2021 حينما عمدت قوات الامن الى العنف لمجابهة الاحتجاجات الشعبية والمسيرات السلمية، في ظل مساعي حكومة المشيشي حينها إلى السيطرة على الشارع وأحكام قبضته عليه.
عاد الشارع بعد 6 اسابيع من اعلان الرئيس قيس سعيد عن تفعيل الفصل 80 من الدستور إلى التحركات الاحتجاجية المطالبة بكشف حقيقة اغتيال الشهدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، ولكنه جوبه مرة اخرى بـ«العنف» والضرب وقنابل الغاز المسيلة للدموع، ولم يستثن من ذلك محامو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ولا الصحفيون الذين وقعت مطالبتهم بمغادرة الشارع.

محاولة الامن فرض سطوته على الشارع وغلقه امام أي تحركات مهما كان مصدرها عكستها طريقة معالجتهم يوم الاربعاء الفارط للمسيرة السلمية والعنف المفرط ضد من شارك او صادف ان تواجد بشارع الحبيب بورقيبة.
الرغبة في بسط النفوذ على الشارع واحكام القبضة عليه، لا يبدو انها قرار امني بل سياسي طبق بادوات امنية، وهذا ما كشفه بيان رئاسة الجمهورية أمس اذ صدر في ساعات المساء بلاغ اعلنت فيه الرئاسة ان رئيس الجمهورية قيس سعيّد استقبل امس رضا غرسلاوي، المكلف بتسيير وزارة الداخلية، وكل من سامي الهيشري، مدير عام الأمن الوطني، ومراد حسين، مدير عام الأمن العمومي.

ووفق البلاغ فقد أسدى الرئيس تعليماته بضرورة التعامل مع المتظاهرين في إطار ما يضبطه القانون، والالتزام باحترام حقوق المواطنين في التظاهر السلمي وحرّية التعبير. كما انه شدّد على ضرورة اعتماد مقاربة جديدة تضمن مقومات دولة القانون وترسّخ مبادئ الأمن الجمهوري وتحفظ النظام والأمن وتحمي المواطنين وممتلكاتهم وتكفل لهم ممارسة حقوقهم. بلاغ عقبه تسجيل فيديو لكن هذه المرة دون «صوت» اذ اقتصر الامر على تمرير لقطات للرئيس وهو يتحدث مع من استقبلهم.

بلاغ وتسجيل فيديو اقتصر على الدعوة الى التعامل مع المحتجين في اطار قانوني، وهنا لم يختلف الرئيس عن من انتقدهم وقال انهم هددوا وحدة الدولة وعمل مؤسساتها، فكلا الطرفين حينما يتعلق الامر بهما، يتعاملان مع ملف انتهاكات الامن بحذر شديد يتجنب ادانة قوات الامن او فتح ملف الافلات من العقاب مع كل انتهاك يرتكب.
انتهاكات تكررت في العشرية الاخيرة ورغم ذلك لم تقع محاسبة من تورط فيها من الامينين، واقتصر الامر على خطاب سياسي يبحث عن امتصاص الغضب او تبرير الانتهاكات دون خطوات عملية في محاسبة المسؤوليين عن الانتهاك الذي يكون ضحيته مواطن/ة .

الرئيس وفي اول اختبار فعلي لشعارات القانون فوق الجميع ولا احد فوق القانون، اخفق في ان يكون وفيا لتعهداته بان لا عودة للوراء ولا خطر يهدد الديمقراطية والحريات وان القانون سيطبق على الجميع، لكن يبدو ان الجميع هنا لا تشمل ادوات الحكم ورجالاته الجدد.
وقد استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، ظهر اليوم الخميس 2 سبتمبر 2021 بقصر قرطاج، السيّد رضا غرسلاوي، المكلف بتسيير وزارة الداخلية الذي كان مرفوقا بالسيّدين سامي الهيشري، مدير عام الأمن الوطني، ومراد حسين، مدير عام الأمن العمومي.
وأسدى رئيس الدولة تعليماته بضرورة التعامل مع المتظاهرين في إطار ما يضبطه القانون، والالتزام باحترام حقوق المواطنين في التظاهر السلمي وحرّية التعبير.

وفي هذا الإطار، شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة اعتماد مقاربة جديدة تضمن مقومات دولة القانون وترسّخ مبادئ الأمن الجمهوري وتحفظ النظام والأمن وتحمي المواطنين وممتلكاتهم وتكفل لهم ممارسة حقوقهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115