لا بل اتفق العرب على الإخوان

كم عاش معنا ذاك المثل السائر " اتفق العرب على أن لا يتفقوا" !! وكم ذكره العرب بكثير من الحسرة على مجد ضائع!!!

لكن تبيّن أخيرا أنّ العرب يمكن أن يتفقوا.. بل اتفقوا على قلع فيروس أو قل على استئصال مرض خبيث زُرع في جسد الدول العربية منذ 1929.. إنّه مرض " الخونجة" عافانا وعافاكم الله. ظلّ ينتشر ويتمدّد.. وكلّما حوصر بحث لنفسه عن مستقرّ.. إلى أن تمكّن في الجسد التونسي. وعضّ عليه بالنواجذ.. استأصلته مصر سياسيا، وانتفضت السودان انتفاضة من زارته حمّى.. وظلّ الشرق يتعقّب معالمه ويقتلعها قبل أن يستشري في الجسد بأكمله.. ولم تبق سوى تونس رهينة مخالبه..

المرض الإخواني غريب وماكر، مرض يأسر النظر والنطق والسمع.. مرض يعقد اللسان ويخدّر العقل.. وينفث في الأنفس التواكل والتبعية والحلم المغلوط ينشد من خلاله من ابتلى به امتلاك الأرض بما فيها وبما يدبّ على سطحها: أنسانا كان أو حيوانا أو نباتا..
شهادة مجرّبة أقدّمها لكم.. وهي دون شكّ شهادة من ابتليت بمرض الإخوان.. ولعلّه مرض يبتليه الله أفضل عباده ليمتحن صبرهم ومدى قدرتهم على التخلّص منه.. وكم يسعد المريض عندما يشهد له الإخوان بأنّه ابتلي بهم ، ففي السقم بحث عن الدواء.. وإن لم يجد فلن ييأس وسيرضى بالقليل حتى وإن كان تلقيحا..
قدر تونس يا سادتي أنّها كلّما ادلهمّت الدنيا أمامها أشرق الفرج في وجهها.. وها نحن نعيش بوادر فرج نرجو أن يعبّد طريق التغيير والانطلاق نحو الحياة والشفاء..

قلنا نرجو، لأنّنا ندرك مدى خبث هذا المرض، ولأنّنا عركنا قدرته على التمكّن في العقول، فلا يغيب عنّا أنّه افتكّ بنا طيلة عشرية أو يزيد.. جاب جسد تونس طولا وعرضا.. وهتك مؤسساتها. وألّب الناس على المعارضين والمنبّهين.. وأجاز في سبيل ذلك جميع الآليات ..
لعلّ تجربتنا ، نحن التونسيين، متميّزة.. فقد افتكّ الإخوان السلطة افتكاكا، ووظّفوا جميع العبارات التي تشهد بالشرعية: الحكم بالصندوق.. نحن الشرعيون إلى الانتخابات القادمة.. إرساء لجان تحمي هذه الشرعية المشروعة وذلك بالقبض على المؤسسات وتعيين عملائهم.. وفي الأثناء ظلّوا يمتصّون الدماء الحية في شراييننا؛ ولم يكتفوا بذلك وإنّما سعوا ، والأقرب عن وعي، إلى إفراغ دواليب الدولة وتقديمها رهينة للبنوك الدولية.. صرنا فقراء، ونظرنا إليهم فإذا بهم أغنياء بل الكثير منهم صار اقطاعيا، ولم يبق سوى امتلاك الرقاب مثل العبيد..

نحن لن ننسى المرتبة القميئة التي تردّت إليها تونس، تحوّلت صورتها شبيهة بالأرملة المرضعة التي صوّرها معروف الرصافي..صارت "أَثوابُها رثَّةٌ والرِّجْلُ حافيةٌ".. و"بدا من شقوق الثوبِ جَنباها".

نعم، صارت تونس تتسوّل، ونعتناهم نحن، بدولة التسوّل. صرنا نقتات فتات التسوّل.. ونلبس أدران التسوّل.. وصرنا نتداوى بفضل ما تمنّه علينا الدول من دواء .. ورموا بجثثنا لقمة للوباء.. وفي الأثناء شرعوا يهدّدون ويتوعّدون ينادون بحقّهم في 3000 ميليار مكافأة على إرهابهم وعنفهم ، وذاك كان طموحهم، لأنّهم أوفياء لمشروع شيخهم الأوّل البنا، والقائم على أنّ دولة الإخوان لا تستقيم إلاّ عن طريق " الفوضى الخلاّقة" والتدافع.. فوضى يجب أن تأتي على الأخضر واليابس ولا تبقي ولا تذر.. حتى وإن اقتضى الأمر التضحية بثلث الناس في سبيل ترويض الثلثين.

يمكنك أن تسميه عزيزي القارئ بسياسة الإبادة الجماعية génocide ولكنّها في نظرهم إبادة لأجل تأمين الخلافة.. فقد طفح الكيل ونفذ الصبر.. وخرجوا خاسئين في جميع معاركهم.. وعليه وجب أن يغرسوا مخالبهم في تونس، ففي امتلاكهم لها دليل على أنّ بذرتهم اهتدت إلى الأرض الموعودة ، ويمكن منها أن تنطلق شرارة امتلاك الكون كما وعدهم البنّا بذلك في مشروعه..

أرأيتم المنقلب الذي انقلبنا إليه؟؟ ولولا تلك اللحظة لكنّا نعيش اليوم حشرا ، ولنزلت الصاعقة الكبرى..

أجل اتفق العرب على استئصال هذا الوباء، ولعلّه أفضل اتفاق، وليدركوا أنّ سرطان الإخوان لن يموت البتّة، لذا يجب مواصلة تعهّده ومراقبته ..ولن يطمئنّ المرء إلى خداعهم فهم مخاتلون ويعتبرون مهمّتهم بمثابة الجهاد الأكبر.. وهاهي بوادره ظاهرة اليوم: فقد أرسلوا بعرّابهم إلى أوروبا وأمريكا يتباكون ويخاتلون.. وجميع الوسائل في سبيل الإقناع مرحّب بها حتى وإن اقتضى الأمر أن يسرقوا أسماءنا ويتخفّون وراءها، كما فعل سفيرهم المصمودي في 2009 مع الرئيس أوباما، ولا عجب وليس بغريب أن يعيد نفس هذه المحالوة اليوم مع بايدن فيسرق أسماءكم لتدافعوا عنه. فعلها في 2009 ولم لا في 2021!
لكن سنكون بالمرصاد ، حتى ننقذ تونس ، لأنّ تونس صارت بوّابة أمان بالنسبة إلى بقية الدول العربية

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115