مع جريدة «المغرب» وقد جاءنا بالجديد هذه المرّة وآثار مخاطر الجائحة الصحية واضحة في كل الإجابات .
لقد بلغ مستوى التشاؤم رقما قياسيا لم يسبق لهذا الباروميتر أن سجله منذ انطلاقته،في جانفي 2015 ولا كل الدراسات السابقة التي قامت بها سيغما : حوالي %93 من التونسيين يرون أن البلاد تسير في الطريق الخطإ .وهذا التشاؤم ينعكس على تقييم التونسي لوضع أسرته الحالي وتوقعاته للسنة القادمة ولمستقبل الجيل القادم.
ويعتبر النهوض بالقطاع الصحي أولوية الأولويات وعدم الرضا طاغ على أداء أجهزة السلطة الأساسية وعلى الرئاسات الثلاث بصفة خاصة .
كما نلاحظ تراجعا كبيرا للثقة في قيس سعيد بعشر نقاط وفقدانه للمرتبة الأولى لصالح عبد اللطيف المكي وزير الصحة السابق،كما بلغ عدم الرضا المطلق في راشد الغنوشي رقما قياسيا جديدا (%89) .
عندما يصل مستوى التشاؤم إلى %92.8 فنحن أمام حالة من الغضب الإجماعي في كل الجهات والفئات والأعمار ،ولكن هنالك استثناء سياسي لافت : %6.4 من التونسيين يعتقدون أن البلاد تسير في الطريق الصحيح وهذه النسبة تصل إلى %19.7 عند القاعدة النهضوية والواضح أن هذا الفرق الهام في المهجة الشعبية لا يعود إلى تقييم عام مختلف للأوضاع الموضوعية للبلاد ولكن لاختلاف المواقع السياسية والإيديولوجية ،فرغم عدم الرضا العام للقاعدة الانتخابية النهضوية إلا أنها أقل تشاؤما ،نسبيا،نظرا لسيطرة حزبها على مفاصل أساسية في الدولة اليوم .
لو استثنينا هذا الجانب السياسي لرأينا كذلك أن فئة الشباب(18-25 سنة) هي الأكثر تشاؤما بـ%95.2 وأن النساء أكثر تشاؤما نسبيا من الرجال وأننا نجد النسبة الأضعف للتشاؤم في ولايات الجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين) بـ%83.3.في ما عدا ذلك لا وجود لفروق تذكر بحسب الجهات أو الفئات أو الأعمار أو المستويات التعليمية .
عندما نتذكر أن هذه العهدة الانتخابية بدأت بتفاؤل كاد يقارب %80 في الشهرين الأولين ندرك مدى عمق خيبة الأمل التي أصابت جموع التونسيين من المنظومة التي أفرزتها انتخابات خريف 2019.
• الوضع المالي لأسرة التونسي: من سيء جدا
إلى أسوأ بكثير:
من العناصر الأساسية التي تسمح لنا بقيس إدراك التونسي لوضعه الخاص السؤال حول الوضعية المالية لأسرته ومدى تحسنها مقارنة بالسنة الفارطة وهل يتوقع تحسنها أم لا في السنة القادمة .
الأجوبة عن هذه الأسئلة لا تدع أي مجال للشك أو التنسيب : ثلاثة أرباع العينة (%73.4) يعتبرون ان وضعيتهم المالية لهذه السنة أسوأ من تلك التي كانت في السنة الماضية ومن بينهم %51.8 يعتبرونها أسوأ بكثير مقابل %7.2 يعتبرونها قد تحسنت ومنهم %1.6 يقدرون أنها تحسنت كثيرا .
ويزداد الوضع تأزما لأن جلّ التونسيين (%69.7) يعتقدون أن هذه الوضعية ستزداد سوءا في السنة القادمة بل نرى أن %57.2 يرون أنها ستسوء كثيرا ، والتفاؤل هنا لا يشمل إلا %22.7 من العينة منهم 12.5 يقدرون أنّ الوضعية المالية لأسرهم ستتحسن كثيرا في السنة القادمة .
في جلّ الدفعات السابقة للباروميتر السياسي كان التونسيون يرجحون أن وضعية الأجيال القادمة ستكون أفضل من الوضعية الحالية،ولكن التشاؤم شمل أيضا هذا المستوى وإن كان بشكل أقل كثافة إذ يعتبر نصف المستجوبين (%47.2) أن وضعية الأجيال القادمة ستكون أسوأ مقابل الربع (%27.8) الذين مازالوا يصرّون على تفاؤل نسبي .
وشمل هذا التشاؤم العام حتى المستوى الذي كان يحظى بتقدير ايجابي كبير وهو الوضع الأمني إذ نزل التقدير الإيجابي الإجمالي إلى %58 وهي النسبة الأضعف خلال هذه السنوات الأخيرة أما الوضع الاجتماعي فهو سلبي بالنسبة لـ%92.3 وبلغ شبه الإجماع (%97.1) في التقييم السلبي للوضع الاقتصادي .
• الصحة هي أولوية الألويات:
هنالك سؤال مفتوح في كل باروميتر سياسي حول الأولويات التي ينبغي للحكومة الاشتغال عليها .وتقليديا كنا نجد مقاومة الفساد ومكافحة الفقر وتحسين الحالة الاقتصادية في ثلاثي الطليعة،أما في هذه المرّة فقد احتل النهوض بالقطاع الصحي الصدارة دون منازع بـ%70 يليه النهوض بالتعليم بـ%39 ثم تحسين الحالة الاقتصادية بـ%38.. إذ ومهما يقال عن عدم احترام البروتوكولات الصحية في مواجهة جائحة الكورونا إلا أن الشعور بالخطر الصحي هو المهيمن اليوم على أذهان غالبية الناس وهو عنصر إضافي قوي للتشاؤم وكذلك عنصر تقييم أساسي لمردود أهل الحكم والشخصيات السياسية بصفة أعمّ .
• الثقة الكبرى في الشخصيات السياسية:
تراجع بـ10 نقاط لقيس سعيد وفقدانه
للمرتبة الأولى
منذ انتخابه رئيسا للجمهورية تصدر قيس سعيد مؤشر الثقة الكبرى في الشخصيات السياسية دون منازعة تذكر،فلو عدنا إلى باروميتر شهر فيفري 2020 لوجدنا قيس سعيد في مستوى ثقة كبيرة مرتفع للغاية بـ%67 ولكن منسوب الثقة تآكل منذ نهاية السنة الفارطة حيث نزل تحت سقف %40 في ديسمبر 2020 ثم فقد المرتبة الأولى في بداية سنة 2021 لفائدة وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي ومنذ تلك الفترة لم يعد قيس سعيد محلقا لوحده في فضاء الثقة الكبيرة وها هو يخسر في شهر واحد 10 نقاط كاملة ليكون في أسوإ مستوى له (%30) منذ انتخابه .
في المقابل ربح عبد اللطيف المكي 6 نقاط واحتل من جديد المرتبة الأولى بـ%39 والواضح أن الجائحة الصحية مرت من هنا وأن جزءا هاما من التونسيين يعتبرون أن إدارة المكي للموجة الأولى من كورونا عندما كان وزيرا للصحة كانت إيجابية للغاية وان تراكم الأخطاء بدأ بعد إقالته .
كما نلاحظ أن أغلب الشخصيات السياسية قد خسرت كذلك بعض النقاط خلال هذا الشهر كما هو الحال لصاحب المرتبة الثالثة الصافي سعيد (من%32 إلى %27) وصاحبة المرتبة الرابعة عبير موسي (من %26 إلى %21) والمنصف المرزوقي صاحب المرتبة الخامسة (من %22 إلى %19) .
كما نلاحظ أيضا أن أربع شخصيات فقط تتجاوز عتبة %20 من الثقة الكبيرة بما يؤكد ارتفاع منسوب الارتياب في الطبقة السياسية عامة .
• رفض كلي لراشد الغنوشي ولرموز الإسلام السياسي:
في مؤشر الانعدام الكلي للثقة يحطم راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان منذ 2019،كل الأرقام القياسية وها هو يتجاوز سقفا جديدا بتحصله على %81 من التقييمات السلبية جدا .
لم يشمل هذا الارتياب الكبير رأس الإسلام السياسي بل تجاوزه ليضم في المرتبة الثانية سيف الدين مخلوف زعيم ائتلاف الكرامة بـ%67 وعلي العريض ثاني رئيس حكومة في الترويكا بـ%66 وانعدام الثقة هذا شمل أيضا حلفاء النهضة وخاصة رئيس الحكومة هشام المشيشي صاحب المرتبة الخامسة في هذا المؤشر بـ%62 .وحده حمّة الهمامي زعيم حزب العمال جاء في مجموعة الصدارة (المرتبة الرابعة بـ%63) وهو من خارج دائرة الاسلام السياسي وحلفائه .
• تراجع حاد للرضا عن أداء «الرؤساء الثلاثة»:
لأول مرّة يكون مجمل الرضا على الرؤساء الثلاثة سلبيا لكل واحد منهم
التراجع الأكثر حدّة كان لقيس سعيد الذي خسر 13 نقطة من الآراء الايجابية ليصبح مجمل غير الراضين على أدائه %55.4 منهم أكثر من الثلث(%36.5) من غير الراضين تماما بينما كان مجموع الراضين على أدائه %44.4 منهم %12.9 فقط من الراضين تماما .
رئيس الحكومة هشام المشيشي خسر بدوره 9 نقاط ليصبح مجموع غير الراضين على أدائه %71.1 منهم %61.2 من غير الراضين تماما مقابل %28.6 من الراضين من بينهم %5.1 من الراضين تماما .
كما خسر رئيس البرلمان راشد الغنوشي 3 نقاط وذلك لأن رصيده من الرضا ضعيف للغاية إذ لا يمثل في مجمله سوى %11.8 %3 فقط من الراضين تماما بينما يمثل الغاضبون على أدائه %87.7 منهم %81.2 من غير الراضين تماما .
وهكذا أصبح واضحا أن موجة عدم الرضا على اهل الحكم لم تعد تستثني أحدا لا في الحكومة ولا في الحزام السياسي المساند لها ولا في رئاسة الجمهورية .
• ثقة التونسي في مؤسسات الدولة
مرة أخرى يحظى الجيش الوطني بنسبة ثقة اجماعية بلغت %97 منها %88 من الثقة الكبيرة وتليه دوما المؤسسة الأمنية .ولكن بمنسوب ثقة اقل (%81) قد خسرت 6 نقاط في شهر واحد ولعلّ الأحداث المؤسفة التي حصلت في سيدي حسين وتلك الاعتداءات الفظيعة لبعض الأمنيين تفسر هذا التراجع الهام .
في المقابل نجد أن عدة مؤسسات قد خسرت نقاطا هامة فرئاسة الجمهورية خسرت 7 نقاط (من %75 إلى %68) والأئمة ورجال الدين 4 نقاط تماما كالإدارات العمومية .
النقابات بدورها فقدت 8 نقاط (من %45 إلى %37) ونسبة الثقة الكبيرة فيها نزلت إلى %10،ووضع الحكومة من أسوأ إذ فقدت أيضا 8 نقاط (من %36 إلى %28 ) ونسبة الثقة الكبيرة فيها نزلت إلى %8.
الأحزاب السياسية والبرلمان في ذيل القائمة دوما بـ%18 و%17 من إجمالي الثقة منها %2 و%5 فقط من الثقة الكبيرة .
نحن أمام أرقام صادمة لكل مكونات المنظومة الحالية ونحن أمام موجة ارتياب عامة لا يكاد ينجو منها أحد بنسب مختلفة.
الانتقال الديمقراطي في لحظة حرجة والريبة في الطبقة السياسية وخاصة الحاكمة منها قد بلغت مداها .
هذا هو المزاج النفسي للتونسيين اليوم وكان هل من منصت جيّد لهذا ؟ ! يجوز لنا أن نشك.
• يوم الثلاثاء 6 جويلية
تطالعون حصريا في «المغرب» سبر آراء
نوايا التصويت في الرئاسية والتشريعية
الجذاذة التقنية للدراسة:
• العينة: عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي مكونة من 750 تونسيا تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
• تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas) حسب الفئة العمرية ، الولاية، الوسط الحضري أو الريفي.
• طريقة جمع البيانات: بالهاتـــف
CATI) Computer Assisted Telephone Interviewing, Call-Center)
• نسبة الخطأ القصوى: %3،6.
• تاريخ الدراسة: من 29 جوان 2021 إلى 1 جويلية 2021