أمام احتدام الأزمة السياسية وتواصل الخلافات بين قيس سعيد وهشام المشيشي: هل تنجح لقاءات بيت الحكمة في إرساء خطة الإقلاع الاقتصادي؟

يدرك رئيس الحكومة هشام المشيشي جيدا أن علاقته برئيس الجمهورية قيس تتوتر يوما بعد آخر وتسير في اتجاه القطيعة التامة وسط غياب التنسيق بينهما،

وقد بات كل طرف يستغل أية مناسبة أو لقاء ليوجه عدة رسائل إلى الطرف المقابل، وقد حاول المشيشي في أولى لقاءات بيت الحكمة توجيه عدة رسائل إلى رئيس الدولة منها أن تواصل انسداد الأفاق السياسية والاقتصادية قد يسفر عن انهيار السقف على الجميع معارضين ومساندين ومؤسسات، وفي ظل مناخ سياسي متوتر، ستصل الدولة إلى وضعية الإفلاس أو شبه الإفلاس وعندها لن تحقق الطبقة السياسية، في المعارضة أو في الحكم، أي منفعة، فالوضع الاقتصادي في البلاد خطير جدا والحكومة غير معنية بالمناكفات السياسية.
بالرغم من نشر رئاسة الجمهورية مساء أمس لصور تظهر تبادل كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة للابتسامات بعد عودته من الزيارة الرسمية التي أداها إلى ليبيا على عكس الصور التي تمّ نشرها في الصباح خلال مغادرته أرض الوطن والتي يظهر فيها المشيشي خلف سعيد، صور يبدو أنها أثارت غضب واستياء رئاسة الحكومة، ومازالت الخلافات بين الطرفين تلقي بظلالها على المشهد السياسي، خلافات باتت على أشدها وكانت لها انعكاسات كبيرة على سير مؤسسات الدولة ليغيب التنسيق في العمل بين رأسي السلطة التنفيذية، وأضحى كل طرف يعمل بشكل منفرد دون الرجوع للآخر.

لا علاقة للقاءات بمبادرة اتحاد الشغل
انطلقت أمس لقاءات بيت الحكومة تحت إشراف رئيس الحكومة وبحضور كل من محافظ البنك المركزي مروان العباسي، والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، ورئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، وعدد من الفاعلين الاقتصاديين، للانطلاق في خطة الإصلاح الاقتصادي للحكومة من اجل مجابهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، لقاءات بيت الحكمة وفق تصريح إعلامي للأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي لا علاقة لها بمبادرة الحوار الوطني التي قدمها إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد والتي لم يتم إلى حد الآن تحديد موعد لانطلاقها، وتندرج في إطار التوصل إلى حلول فعلية تمكن تونس من تجاوز جميع العراقيل التي تجابهها بسبب تداعيات أزمة كوفيد 19، وهو ما أكده أيضا رئيس الحكومة هشام المشيشي، حيث شدد على أن الهدف من سلسلة لقاءات بيت الحكمة عرض طرح جديد للمقاربة مع رأس المال الوطني ومع رجال الأعمال الذين تم التطرق معهم إلى فكرة المصالحة الاقتصادية، أي مصالحة التونسي مع الاستثمار ومع رأس المال ومصالحة المستثمر التونسي مع الإطار القانوني والترتيبي في البلاد وشدّد على

وجوب القطع مع ملاحقة رجال الأعمال ومتابعتهم في قضايا لعدة سنوات، معبرا عن أمله في استرجاع رجال الأعمال لثقتهم في المنظومة القانونية والقضائية خاصة على مستوى السياسة الجزائية.

الوضع الاقتصادي للبلاد خطير جداً
وأضاف رئيس الحكومة على هامش اللقاء الأول أن الوضع الاقتصادي للبلاد خطير جداً ويستوجب توفير مناخ سياسي يسهل عملية الإقلاع الاقتصادي من خلال الانكباب على وضع الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق الانتعاش الاقتصادي المنشود، مشيرا إلى أنه في ظل مناخ سياسي متوتر وتواصل الأزمة الاقتصادية، فإنّ الدولة ستدرك وضعية الإفلاس أو شبه الإفلاس، عندها لن تحقق الطبقة السياسية، في المعارضة أو في الحكم، أي منفعة، مجددا دعوته الدّعوة إلى كافة الأطراف المعنية لتجاوز الخلافات العالقة وتفادي الوصول إلى انسداد سياسي واقتصادي، قائلا « إذا سقط السقف فسيسقط على الجميع وعلى كل البلاد بمعارضتها وبمؤسساتها وهذا ما نعمل على عدم حدوثه وآمل أن لا نصل إلى هذه المرحلة البتة وان نحاول التقدم سويا لما فيه مصلحة تونس .. نحن غير معنيين بالمناكفات السياسية …ما نحن معنيون به أساسا استحقاقات الناس وإعادة العجلة الاقتصادية للدوران... ونرجو أن يكون المناخ السياسي مسهّلا لإعادة الإقلاع الاقتصادي..».

طلب استعجال النظر لمشاريع قوانين
وبين المشيشي انه يجري العمل على إرساء ديناميكية اقتصادية تستقطب اهتمام السياسيين للمساهمة في إنجاحها، معربا عن أمله في انخراط كافة مكونات الطيف السياسي في هذه الدينامكية، مشيرا إلى أن لقاء الأمس تدارس اللقاء مجموعة أخرى من مشاريع القوانين على غرار التنشيط الاقتصادي ومراجعة مجلة الصرف والتي سيتم طلب استعجال النظر فيها من طرف البرلمان، كما يجري العمل على رفع العراقيل الإدارية كالفصل 96 في إطار مشروع متكامل للحد من التراخيص عبر إعفاء بعض الأنشطة منها بداية من الأسبوع القادم، في إطار سياسة تحفيز الدولة للمستثمرين.
ومن ضمن محاور الإقلاع الاقتصادي، أوضح رئيس الحكومة أن الاقتراحات تبقى مطروحة كإصلاح المؤسسات العمومية ومراجعة السياسة الجزائية والشفافية إضافة إلى قانون الجباية والمبادرة الحرة في إطار مصالحة شاملة لرأس المال الوطني مع المناخ القانوني والسياسي.

رغبة كل سلطة في التفرد بالحكم
الجميع يقرّ بصعوبة الوضع الاقتصادي، وضع يتطلب وفق تصريح إعلامي لرئيس منظمة الأعراف سمير ماجول رؤية واضحة للمسار السياسي للبلاد، مشددا على خصومات الطبقة السياسية(البرلمان ورئاستي الجمهورية والحكومة) ، أدت إلى رغبة كل سلطة في التفرد بالحكم ليجد المستثمر نفسه مشتتا، مبرزا أن الجهات المانحة تشترط توفر التوافق والاستقرار السياسيين. واعتبر أن النهوض بالاقتصاد لا يكون إلا برؤية واضحة على المسار السياسي لكن بلادنا اليوم تصعب حوكمتها نتيجة بعض فصول الدستور والقانون الانتخابي وقانون الأحزاب الذي أفرز مشهدا برلمانيا فسيفسائيا بلا أغلبية واضحة، الأمر الذي يجعل الحكومة المسيّرة للبلاد في حاجة لحزام سياسي حتى تستطيع تنفيذ برنامج خمس سنوات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115