خاصة وانها اول زيارة لرئيس دولة الى طرابلس بعد أداء الحكومة الليبية الجديدة للقسم . وقد ضم الوفد المرافق للرئيس وزير الخارجية عثمان الجرندي ومسؤولين في الديوان الرئاسي ومستشارا مكلفا بالملفات الاقتصادية. وكان في استقباله بمطار معيتيقية في العاصمة الليبية رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي.
وبحسب بيان صادر عن الرئاسة التونسية فان المباحثات التي أجراها الرئيس سعيد مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ووزراء في الحكومة الانتقالية ركزت على دعم تونس للمسار الانتقالي في ليبيا وتعزيز الروابط التاريخية بين البلدين. وأضاف البيان أن المباحثات شملت «الاتفاق على إعطاء دفعة جديدة للنشاط التجاري ووضع خطة عمل لتفعيل الجانب الاستثماري عبر تسهيل إجراءات العبور بين البلدين وتيسير الإجراءات المالية بين البنك المركزي التونسي ومصرف ليبيا المركزي».
وقد حضر المحادثات الموسعة التي أجراها سعيد مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي المنفي، عن الجانب الليبي كل من نائبي رئيس المجلس عبد الله اللافي وموسى الكوني ووزيرة الشؤون الخارجية نجلاء المنقوش ووزير الاقتصاد والتجارة السيد محمد الحويج . كما حضرها عن الجانب التونسي وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج السيد عثمان الجرندي وعدد من أعضاء الديوان الرئاسي .
كما جرى لقاء ثنائي بين رئيس الدولة ورئيس المجلس الرئاسي. وتم التأكيد خلال المحادثات على أهمية هذه الزيارة التي تبرهن على عمق ومتانة الروابط التاريخية بين تونس وليبيا، وعلى أن مستقبل العلاقات بينهما سيكون بقدر عراقة هذه الروابط.
علاقات مميزة
وفي ندوة صحفية مشتركة أكد الرئيس سعيد أن هذه الزيارة تم الإعداد لها منذ مدة طويلة، وجاءت لمشاركة الليبيين فرحتهم بتوحيد السلطات، وأضاف: «كنا نترقب أن يتم انتخاب الحكومة الجديدة، التي نتمنى أن تكون حكومة مباركة على الشعب الليبي والمنطقة، وقد جئت من أهلي في تونس إلى أهلي في ليبيا، ووجدت تراباً هو امتداد لتراب وطني، فنحن مرة أخرى شعب واحد وتاريخنا حافل بمظاهر الوحدة أكثر من مظاهر الفرقة ومظاهر الأزمات».
وتابع بالقول : «لقد تحدثنا طويلاً هذا الصباح عن علاقاتنا المتميزة عبر التاريخ، وعن هجرة تونسيين بعد الاحتلال الفرنسي وتفرقهم على عدد من المدن الليبية آن ذاك، ثم كيف جاء الليبيون إلى تونس سنة 1911، وفتح التونسيين أبوابهم لأشقائهم الفارين من الاستعمار، وبعد حوالي قرن شاءت الأقدار أن يأتي أكثر من مليون ليبي إلى تونس وقد فتح التونسيون على عادتهم لأشقائهم الليبيين بيوتهم واقتسموا معهم رغيفهم، فالعلاقات بين الشعبين راسخة في التاريخ وهذه بعض محطاتها التي يمكن أن يتوقف عندها المؤرخون لإبراز متانة هذه العلاقات».
وأوضح بالقول: «في بعض الأحيان شهدت هذه العلاقات جفاءً، ولكن آن الوقت لتجاوز كل أسباب الجفاء، فشعبنا واحد، صحيح أننا دولتان، ولكن وحّدنا التاريخ والحاضر وسيوحدنا المستقبل».
وأشار سعيّد إلى تحاوره مع السلطات الليبية في جملة من القضايا، كالصحة والتعليم وفتح الطريق أمام الأشخاص والسلع عبر المعابر، موضحاً أن وجهات النظر كانت متطابقة، مع وجود المسائل الفنية التي لم يتم تناولها وتركت للجنة العليا المشكلة من أجل النظر في محتواها وتفاصيلها خلال الأسابيع المقبلة.
ولفت إلى أنه من بين القضايا التي تمت إثارتها قضية الصحفيّين التونسيّين المختفين في ليبيا منذ نحو ست سنوات ، مبينا أن «البحث متواصل عن مصيريهما خاصة وأن النائب العام الليبي يتولى هذه القضية».
وقال: «أنا على ثقة أن كل قرينة قد تستحدث في هذه القضية سيستغلها أشقاؤنا من أجل معرفة الحقيقة التي نريد جميعا التوصل إليها».
وتابع قائلاً: «لقد دخلنا في مرحلة جديدة في التاريخ، ونستشرف مستقبلاً مشرقاً للأجيال القادمة، كانت أحلامنا كبيرة إثر الاستقلال، ولكن هذه الأحلام وللأسف لم يتحقق منها إلا القليل»، مشيرا إلى العمل معاً من أجل أن يعود اتحاد المغرب العربي إلى سابق نشاطه باجتماع جديد لدول الاتحاد على مستوى وزراء الخارجية وعلى مستوى القمة.
وأضاف أن «شعوبنا تقاربت عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وتتفاعل فيما بينها وتتقاسم الأفكار والرؤى والأحلام، وبالتأكيد سنكون في موعد مع شبابنا وشعبنا الواحد لتجسيد أحلام الخروج من الوضع الذي بقينا فيه لسنوات».
وأشار إلى أن «هناك العديد من العقود والاتفاقات التي تم إبرامها، ولكنها لم تجد طريقها نحو التطبيق الكامل، للآسف وسنعمل على إحيائها وتطويرها إذا أصبحت غير ملائمة للأوضاع الجديدة».
من جهته، وصف رئيس المجلس الرئاسي الليبي زيارة سعيد الى ليبيا بالتاريخية وذلك لتزامنها مع تسليم واستلام السلطة، وتطلعات الليبيين لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نهاية العام الحالي.
واكد المنفي ، خلال المؤتمر: «نحن لن ننسى وقفة الشعب التونسي معنا طيلة هذه الفترات، ونؤكد لفخامة الرئيس التونسي على خصوصية العلاقات ووحدة المصير والمستقبل المشترك بين الشعبين، وسنعمل معاً على استعادة العلاقات لسابق طبيعتها في كافة المستويات، متمنياً أن «يحفظ الله دولة تونس سراج الديمقراطية في المنطقة العربية».
أهمية استراتيجية
وعن أهمية الزيارة للبلدين يقول الناشط الحقوقي الليبي خالد الغويل لـ«المغرب» بانها تعكس العلاقات الأخوية بين البلدين وعمق الروابط والاخوة بين تونس وليبيا . ويضيف بالقول: «ان مشاركة الرئيس التونسي لليبيين في فرحتهم بحكومتهم الجديدة خطوة هامة تعطي دفعة قوية للعلاقات الثنائية ومن شأنها تفعيل كل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين ولها أهمية كبيرة في اطار التبادل التجاري بين تونس وليبيا لانهما شعب واحد في بلدين، تجمعهما الأخوة والقرابة من الناحية الاقتصادية او السياسية». وأضاف: «جاءت الزيارة في وقت يحتاج فيه الليبيون شقيقهم قيس سعيد في اطار اللحمة وجمع الفرقاء. فتونس تلعب دورا استراتيجيا في هذا الموضوع. وكل الليبيين يقبلون بان يكون لتونس دور كبير في التسوية وهذا ما تحقق بالفعل من خلال احتضانها لجلسة الحوار التي عقدت في نوفمبر الماضي».
وأعرب الغويل عن أمله أن تعطي الزيارة آفاقا أكبر للعلاقات بين البلدين وقال: «لدينا ثقة كبيرة في شخص سعيد وزيارته تعد خطوة مهمة لأجل مزيد الالتحام بين الأشقاء الليبيين ومزيد إرساء المصالحة فهي زيارة مهمة وتاريخية ولها بعد أمني كبير بين البلدين».
اما عن النتائج المتوقعة قال الغويل: «الرئيس التونسي يحظى باحترام كل الليبيين وسيكون لهذه الزيارة الأثر البالغ في نفوس الجميع وعندما استقبلنا الرئيس مع وفد القبائل تحدثنا معه عن الواقع الليبي ولمسنا منه الوفاء لعمق الروابط القديمة التي تربط الشعبين. وقال:«نتمنى ان تعطي الزيارة نتائج إيجابية وتنعكس على المستوى الاقتصادي بتفعيل الاتفاقيات بين البلدين».