بعد مراسلة المحكمة الإدارية وهيئة مراقبة دستورية القوانين وبعد لقاء أساتذة القانون الدستوري وبعد إعفاء 5 وزراء.. ماذا بقي للمشيشي؟

غدا يمر شهر على مصادقة مجلس نواب الشعب على التحوير الوزاري الذي قام به رئيس الحكومة المشيشي والى حدّ الآن مازالت أزمة

أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد تراوح مكانها وبدأت تظهر تداعياتها على البلاد، ويبدو أن المشيشي قد استوفى كافة مراحل الاستشارات، البداية كانت بالمحكمة الإدارية والتي أجابته بعدم الاختصاص ثمّ الاستئناس بآراء أساتذة القانون الدستوري والذين أجمعوا على أن الحل سياسي ثم قيامه بإعفاء 5 وزراء، وصولا إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين التي أكدت في إجابتها عل مراسلة رئيس الحكومة أنها غير مختصة للنظر في النزاع الدستوري بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية لأن ذلك من اختصاص المحكمة الدستورية، وأجمع الكل على عدم الاختصاص ليطرح السؤال ماذا بقي أمام المشيشي أمام تواصل تمسك رئيس الجمهورية برفضه للتحوير أصلا.
بعد أسبوعين من المراسلة التي وجهها المشيشي إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين لطلب الاستشارة حول أداء اليمين، ردت عليه الهيئة بأنها -من حيث الأصل- غير مختصة في النظر في هذه الاستشارة ومن حيث إبداء الرأي فإن تفسير الدستور لا يقوم على اجتزاز أحكامه (لا يكون فصلا فصلا) بل يجب أن يقوم على الانسجام واعتبار نصه كلا لا يتعارض ونسيجا متناسقا والبحث في أحكامه يحتاج إلى رؤية شاملة لا تفككه أو تفرده منعزلة بتأويل خاص، وأنه لا مجال للتفرقة بين أحكام الفصلين 89 إلى جانب ذلك فإن إلزامية النظام الداخلي للبرلمان إذا كانت مضامينه من شأنها أن تعكس أحكاما ومقتضيات دستورية وأن تكون ضرورة مطابقة للدستور لا تغير في أحكامه بالزيادة أو بالنقصان، وبينت أن المحكمة الدستورية مختصة دون سواها بالبت في دستورية النظام الداخلي للبرلمان.
الهيئة غير مختصة للنظر في النزاع بين الرئاستين
ذكرت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، أنها «غير مختصة للنظر في النزاع الدستوري بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية اعتمادا على الفصل 101 من الدستور،الذي ينص على أن هذه المسالة موكولة حصرا للمحكمة الدستورية لا للهيئة»، وفق ما صرح به كاتب عام الهيئة حيدر عمر، وأضاف ذات المصدر، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن الهيئة وجهت مراسلة، في أعقاب جلسة عقدتها أول أمس، إلى رئيس الحكومة ردا على طلب تقدم به لإبداء الرأي بخصوص النزاع الدستوري مع رئيس الجمهورية يتعلق بالتحوير الوزاري، مشيرا من جهة أخرى إلى أن تسمية الوزراء وتأديتهم لليمين أمام رئيس الجمهورية «واجب» متى كانت الإجراءات الدستورية مستوفية لأغراضها.
أحكام الدستور وحدة منسجمة
وأوضح حيدر عمر أن الهيئة تعتبر أن أحكام الدستور وحدة منسجمة وأن أحكام الفصلين 89 و92 من الدستور لا يمكن قراءتها منفصلة عن بعضها البعض، مبينا أن الهيئة الوقتية والمحكمة الدستورية نفسها لا تبديان الرأي في ما يعرض عليهما بل تحسم في نزاع قانوني كما أن مراقبة دستورية النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب اختصاص يخرج عن ولاية الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ولا يمكن الحسم فيه إلا من قبل المحكمة الدستورية. ودعت الهيئة إلى ضرورة إكمال إرساء النظام الدستوري برمته بما في ذلك المحكمة الدستورية» التي تأخر إرساؤها قرابة 6 سنوات ونصف.
الإسراع في تركيز المحكمة الدستورية
إجابة الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين بعدم الاختصاص ليست الوحيدة فقد سبق وأن أقرت المحكمة الإدارية في ردها على مراسلة رئيس الحكومة حول مسألة أداء اليمين الدستورية للوزراء الجُدد الذين شملهم التحوير الوزاري -موضوع الخلاف مع رئيس الجمهورية قيس سعيد- بعدم اختصاصها في مضمون الاستشارة وأن النقاط الواردة فيها اختصاص حصري للمحكمة الدستورية. وشددت على ضرورة الإسراع في تركيز المحكمة الدستورية لتفادي وضعيات مشابهة طالما تم استكمال إرساء المؤسسات الدستورية المدعوة إلى تسمية أعضائها طبقا لما اقتضاه الدستور وقانونها الأساسي، وذكرت المحكمة أنه سبق وأن أبدت الجلسة العامة للمحكمة الإدارية الرأي عدد 514 المؤرخ في 27 جوان 2012 بخصوص نزاع حاصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأن ممارستها لهذا الاختصاص لم يستند إلى القانون عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في أول جوان 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية وإنما جاء تطبيقا الأحكام الفصل 20 من القانون الأساسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في 16 ديسمبر 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية.
رئيس الدولة يتمسك...
أزمة التحوير الوزاري تغلق غدا الشهر ومازالت متواصلة أمام تمسك كل طرف بموقفه وعدم تقديم تنازلات رغم تعدد الوساطات وتتالي المبادرات في محاولة لإنهاء الأزمة، فرئيس الجمهورية مازال متمسكا بموقفه ولم يتفاعل ايجابيا إلى حد الآن مع أية مبادرة قدمت له في المقابل فإن رئيس الحكومة يحاول البحث عن مخارج لتفعيل تحويره الوزاري، حيث قام بمراسلة المحكمة الإدارية ثمّ التقى مع فريق من المختصين في القانون الدستوري وقام في ما بعد إعفاء 5 وزراء من المعنيين بالتحوير وتعيين وزراء بالنيابة ونشر القرار في الرائد الرسمي إلى جانب مراسلة الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، وقد باتت الخيارات محدودة أمام المشيشي فأية خطوة سيقوم بها في الساعات أو الأيام القليلة القادمة للخروج من المأزق بأخف الأضرار؟، الساعات القادمة قد تكون كفيلة بالإجابة على كل الاستفهامات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115