أزمة التحوير الوزاري.. في لقاء المشيشي مع أساتذة القانون الدستوري: الإجماع على أن الحلّ سياسي

يبدو أن أزمة أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد باقية والجميع يبحثون عن مخرج بطريقة ما، تحت قاعدة «لا غالب» و«لا مغلوب»،

لتتالى الاجتماعات واللقاءات والاستشارات سواء في قصر قرطاج أو في القصبة، وبالتوازي مع اجتماع رئيس الجمهورية قيس سعيد مع عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب، اجتمع رئيس الحكومة هشام المشيشي مع مجموعة من أساتذة القانون الدستوري وعمداء كلّيات الحقوق قصد الاستئناس بمقترحاتهم وآرائهم لتجاوز تعطيل تفعيل التحوير الوزاري والذي تسبّب في تعطّل مصالح الدولة، جدل التحوير الوزاري مازال متواصلا ولم تنجح إلى حد الآن أية وساطة، في حلّه كما أن المحكمة الإدارية لم تبد رأيها الاستشاري بعد في المسألة بناء على المراسلة التي وجهها لها هشام المشيشي منذ يومين.
ضمّ اجتماع القصبة أمس كلا من رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس ديوانه معز المقدم ومستشار القانون والتشريع لرئيس الحكومة نبيل عجرود، على مستوى الوفد الحكومي أما بالنسبة لقائمة أساتذة القانون الدستوري فقد ضمت كلا من عياض بن عاشور وبثينة الرقيق ورضا بن حمّاد ومنتصر وردي ونائلة شعبان وسليم اللغماني وفرحات حرشاني وخليل الفندري وهيكل بن محفوظ وسلوى الحمروني وكمال بن مسعود وهيبة خميري.
قراءات قانونية ودستورية مختلفة
أكد رئيس الحكومة في تشخيصه للوضع الحالي أن تونس تشهد إحدى أصعب فترات تاريخها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي أو الدستوري والمؤسّساتي. وعرّج المشيشي على المسار الديمقراطي الذّي يتمّ بناؤه منذ عشر سنوات والذّي يفرض علينا جميعا المحافظة عليه وترسيخه، مضيفا أنّ الممارسة تفرز جملة من الصعوبات والاختلافات على مستوى القراءات القانونية والدستورية التي تفرض الاحتكام والاستئناس برأي أهل العلم والمعرفة والخبرة، وفق ما جاء في بلاغ رئاسة الحكومة. لقاء أتى فيه رئيس الحكومة -في معرض حديثه- على مسألة التحوير الوزاري الذي أدخله على حكومته بمقتضى ما يخوّله له الدّستور من صلاحيات، والذّي حظي بمقتضاه الوزراء المقترحون بثقة معزّزة من قبل نوّاب الشعب، إلاّ أنّهم لا زالوا ينتظرون دعوتهم من قبل رئيس الجمهورية لأداء اليمين الدستورية.
الحلول التقنية لا تضمن سلاسة العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية
وأكّد رئيس الحكومة على أنّ هذه الوضعية تحيلنا على تأخّر تركيز المحكمة الدستورية التي تختصّ في الحسم في هذه الإشكاليات، داعيا في هذا الإطار إلى التعجيل في تركيزها في أقرب الآجال. هذا وأكد أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس هيكل بن محفوظ في تصريح إعلامي أنه تمّ الاستماع لمختلف الآراء والمواقف في علاقة بالتحوير الوزاري، قائلا «تمّ إبداء الرأي في المسألة من الناحية القانونية وتمّ التأكيد على أهمية الاستماع إلى مختلف الآراء والمواقف بسبب وجود أكثر من موقف في علاقة بالتحوير»، مشيرا إلى أن الأزمة سياسية وتحتاج إلى حلول سياسية بالإضافة إلى الحلول القانونية في إطار الدستور. وتابع بن محفوظ أنه شخصيا يعتبر أن الحلول التقنية وان كانت ممكنة فهي لا تضمن سيرورة هياكل الدولة وسلاسة العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية، مضيفا أنه تمّ النظر في بعض الخيارات ضمانا للحدّ الأدنى من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
وساطة ..تحكيم .. مواصلة التفاوض
وعلى نحو مماثل، أشار بن محفوظ إلى أنّه مهما كانت الخيارات يجب ألا تحدث سابقة قانونية أو ممارسة تخرج عن الإطار الدستوري حتى لا يتمّ اعتمادها في خلافات مستقبلية لذلك من الواجب البقاء في إطار يضمن مسار الانتقال الديمقراطي. ومن ضمن الحلول المتاحة، أوضح أستاذ القانون أن هناك من تحدّث عن الوساطة أو إمكانية التحكيم أو مواصلة التفاوض لكن هناك إجماع على أن المسألة سياسية وبالتالي تحتاج لحلول سياسية وعقلية والقبول بالتفاوض مع وجوب البناء على قاعدة قانونية وعلى المصلحة العليا ومبدإ استمرارية الدولة في إطار احترام السلطات لبعضها والتعاون فيما بينها، مبرزا أن تونس قادرة على استنباط الحلول شرط أن تبقى في سياق تعزيز المسار الديمقراطي لا الخروج عن دور المؤسسات والانتقال الديمقراطي. وبين أنه قد تمّ في المجمل احترام عديد الشكليات والإجراءات لكن في المقابل هناك إجراءات أخرى لابد من احترامها في سياق احترام السلطات لبعضها والتعاون فيما بينها.
الساعات القادمة ستحمل العديد من المفاجآت في علاقة باحتدام أزمة التحوير الوزاري ولكن يبدو أن رئيس الحكومة بات في وضع حرج وخياراته محدودة جدا خاصة وأن رسالة قيس سعيد أصبحت واضحة بعد لقائه أمس مع عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب، فالإشكال لم يعد يكمن في الاحتراز على بعض الوزراء والمطالبة بالتخلي عنهم بل تعدى ذلك إلى المطالبة باستقالة حكومة المشيشي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115