غموض متواصل في أزمة اليمين الدستورية.. سعيد يتمسك بموقفه والمشيشي يطلب استشارة المحكمة الإدارية

• أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ.. «لا يمكن للمحكمة الإدارية إبداء رأيها في مسألة دستورية جوهرية تتعلق بنزاع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة»

تعيش البلاد منذ حوالي أسبوعين على وقع أزمة أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد أمام تواصل احتراز رئيس الجمهورية قيس سعيد على التحوير بصفة عامة وعلى بعض الوزراء الذين تعلقت بهم شبهات فساد وتضارب المصالح بصفة خاصة، وبالرغم من الوساطات والتنازلات والمراسلات التي وجهها رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى سعيد حول طلب تحديد موعد لأداء اليمين الدستورية للوزراء بعد منحهم الثقة في البرلمان، مازالت الأزمة متواصلة وسط الحديث عن وجود بوادر انفراج في الساعات أو الأيام القليلة القادمة لكن إلى حدّ الآن مازال الملف يراوح مكانه.

تضمنت المراسلة الثانية التي وجهها رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية خطأ ليقرر سعيد إرجاعها إلى رئاسة الحكومة كما فعل مع مراسلة رئيس مجلس نواب الشعب، الخطأ في مراسلة التذكير الثانية للمشيشي المتعلقة بالدعوة لأداء اليمين الدستورية يتمثل بالأساس في الصياغة، حيث وردت عبارة «إلى عناية رئيس الحكومة» عوضا عن «رئيس الجمهورية»، وفق ما أكدته رئاسة الجمهورية التي شددت على أنه لم يطرأ أي جديد بخصوص أداء اليمين الدستورية، وأشارت إلى أن رئيس الجمهورية مازال يتمسك بموقفه وبالنسبة له ما تمّ ليس تحويرا وزاريا بل إعادة هيكلة ولم يتم خلالها احترام مقتضيات الفصل 92 من الدستور، علما وأن رئاسة الحكومة نفت ورود خطإ في المراسلة التي وجهتها إلى رئيس الجمهورية وقد تمّ نشر المراسلة الرسمية في عدة صفحات على «الفيسبوك».

المحكمة الإدارية والنزاع بين سعيد والمشيشي
لازالت أزمة موكب أداء اليمين الدستورية تراوح مكانها وهناك من اقترح استشارة المحكمة الإدارية للنظر في النزاع القائم والجدل حول أداء الوزراء الجدد لليمين أمام رئيس الجمهورية، ووفق تدوينة نشرها أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ في صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» فإنه «لا يمكن للمحكمة الإدارية، في غياب نص دستوري صريح، إبداء رأيها في مسألة دستورية جوهرية تتعلق بنزاع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، أولا ترفع النزاعات المتعلقة باختصاص كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، طبقا للفصل 101من الدستور، إلى المحكمة الدستورية، ثانيا سبق للمحكمة الإدارية أن أبدت الرأي في خصوص النزاعات المتعلقة باختصاص كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ولكن ليس بالاستناد إلى الفصل 27 من القانون عدد 40 لسنة 1972المتعلق بالمحكمة الإدارية، وإنما طبق أحكام الفصل 20 من القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في16 ديسمبر 2011 والمتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية.»

«الدوائر الاستشارية المختصة ستنظر في الإشكال القانوني»
المسألة الثالثة وفق تأكيد أمين محفوظ هي أن «التحوير الوزاري ليس مسألة قانونية جوهرية وإنما مسألة دستورية جوهرية، رابعا على المحكمة الإدارية احترام دورها في النظر في جميع النزاعات الإدارية أو تقديم الاستشارات في مجال القانون الإداري، خامسا لا حجية لرأي المحكمة الإدارية على رئيس الجمهورية، «رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها ويسهر على احترام الدستور» طبقا للفصل 72 من الدستور والمسؤول عن الأمن القومي والقائد الأعلى للقوات المسلحة، سادسا لا لضرب مصداقية المحكمة الإدارية. ..القانون الإداري ليس بالقانون الدستوري». ولكن رغم ذلك فقد خير المشيشي التوجه إلى القضاء الإداري، حيث أكد المتحدث الرسمي بإسم المحكمة الإدارية عماد الغابري، في تصريح لـ«موزاييك» تلقي القضاء الإداري الاستشاري مراسلة رسمية من رئاسة الحكومة بخصوص الإشكال القانوني حول مسألة أداء اليمين الدستورية للأحد عشر وزيرا المزكين من مجلس نواب الشعب. وأوضح أن «الدوائر الاستشارية المختصة ستنظر في هذا الإشكال القانوني وستبدي الرأي القانوني في هذا المجال، وذلك طبقا لوظيفتها الاستشارية». كما أكد أنه يمكن مراسلة المحكمة الإدارية من طرف رئيس الحكومة أو البرلمان في إطار وظيفتها الاستشارية، قائلا إن هذا الدور «له آلياته وفِقْههُ القضائي لحل مثل هذه الإشكاليات».

دعم متواصل لحكومة المشيشي
كل الأنظار باتت اليوم مشدودة نحو قصر قرطاج من جهة والقصبة من جهة أخرى على أمل الوصول إلى توافقات وإنهاء الأزمة في أقرب الآجال الممكنة من منطلق أن الوضع بالبلاد لا يحتمل الانتظار أكثر وخاصة تعطل سير المؤسسات، ومع تواصل الأزمة تعددت التأويلات والقراءات واختلفت المواقف وتتالت الدعوات، حيث دعا الناطق الرسمي باسم حزب قلب تونس، الصادق جبنون أمس في تصريح له لوكالة تونس إفريقيا للأنباء رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى إنفاذ الدستور بخصوص أداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية بعد مصادقة البرلمان، مستنكرا التعطيل الحاصل في مؤسسات الدولة. وأكد جبنون من جهة أخرى أن موقف قلب تونس ثابت بخصوص دعمه لحكومة هشام المشيشي و للتحوير الوزاري الأخير، مؤكّدا أنّ المشيشي وحده المسؤول عن إقالة عضو أو أكثر من حكومته، وفق ما منحه إياه الفصل 92 من الدستور. وينص الفصل 92 من الدستور على أن رئيس الحكومة يختصّ بإحداث و تعديل وحذف الوزارات و كتابات الدولة وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها بعد مداولة مجلس الوزراء. كما يختصّ وفق الفصل نفسه بإقالة عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة أو البت في استقالته وذلك بالتشاور مع رئيس الجمهورية إذا تعلّق الأمر بوزيري الخارجية أو الدفاع.

تنازلات
قد تحمل الساعات القادمة تطورات بخصوص مسألة أزمة اليمين الدستورية للوزراء الجدد وقد تكون هناك بوادر ايجابية خاصة وأن عدة أطراف باتت تتحدث عن التنازلات على غرار الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي الذي أكد في لقائه الأخير مع رئيس الحكومة أنه في مثل هذه الأوقات الحرجة التي تعيشها بلادنا تظهر القامات وأن تقديم بعض التنازلات من كل الأطراف يعتبر من شيم الكبار وليس ضعفا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115