تصريحات رئيس الحكومة ووزير المالية على طاولة هيئته الإدارية الوطنية اليوم.. هل تكون «الخطوط الحمراء» المعركة الأولى لاتحاد الشغل مع الحكومة؟

سيضع الاتحاد العام التونسي للشغل عديد الملفات على طاولة هيئته الإدارية الوطنية المقرر عقدها اليوم الثلاثاء 2 فيفري الجاري ومن أهمها تصريحات رئيس الحكومة هشام المشيشي

في جلسة منح الثقة للوزراء الجدد في البرلمان والتي مفادها أنه لا مجال للخطوط الحمراء في إصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية والتي أيدها وزير المالية والاقتصاد علي الكعلي بقوله إن «الإصلاحات» التي تعتزم الحكومة الانطلاق فيها لإنقاذ الاقتصاد، تتضمن التفويت في حصصها في بعض المؤسسات العمومية والبنوك بالإضافة إلى إعادة النظر في كتلة الأجور وفي الدعم وقد أيد نفس الموقف مدير ديوان رئيس الحكومة المعز لدين الله، تصريحات يبدو أنها ستكون وقود عودة الصراع والحرب بين الحكومة والاتحاد الذي يشدد على وجود اتفاق ممضى مع حكومة الشاهد في أكتوبر حول ديمومة عمومية المؤسّسات العمومية والزيادة في الأجور في القطاع العام لا بدّ من الالتزام به.
من الملفات التي سيتناولها اتحاد الشغل في هيئته الإدارية اليوم إلى جانب الوضع العام في البلاد والأزمة السياسية غير المسبوقة والتوترات الاجتماعية والصراع القائم بين الرئاسات الثلاث والمأزق الدستوري الحاصل حول أداء اليمين الدستوري للوزراء الجدد ومبادرة الحوار الوطني «المعطلة»، الوضع الداخلي داخل الاتحاد أي كل ما له علاقة بترتيب بيته الداخلي من تنقيح الفصل 20 وتحديد موعد المؤتمر غير الانتخابي الذي تمّ تأجيل موعده بسبب تطورات الوضع الوبائي في البلاد، إلى جانب النظر في الاتفاقيات الممضاة مع الحكومات السابقة والتي لم يتم تطبيقها إلى حد اليوم، والتي تجاوز عددها 36 اتفاقية حسب تصريحات إعلامية للأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري.

الحكومة تنوي التفويت في حصصها في بعض المؤسسات...
لن تمر تصريحات رئيس الحكومة ووزير المالية ومدير الديوان حول توجه الحكومة للتفويت في حصصها في بعض المؤسسات العمومية مرور الكرام، ويمكن أن تضع الحكومة في صراع كبير مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي طالما رفض في مناسبات عديدة التفويت في المؤسسات العمومية جزئيا أو كليا ودافع بشراسة عن هذا الملف بل ودخل في حرب مع الحكومات السابقة والتي انتهت بإمضاء اتفاق في أكتوبر 2018 مع حكومة الشاهد حول ديمومة عمومية المؤسّسات العمومية والزيادة في الأجور في القطاع العام، اتفاق ينص على تعهد الحكومة بالمحافظة على المستوى الحالي لنسب مساهمتها العمومية المباشرة وغير المباشرة في المنشات والمؤسسات العمومية ومعالجة الأسباب التي أدت إلى اختلال الوضع المادي للبعض منها حالة بحالة للمحافظة على صبغتها العمومية وديمومتها وتطويرها في إطار تشاركي بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل إلى جانب بعث لجنة مشتركة ثنائية بين الجانبين لدراسة إصلاح منظومة الدعم المباشر وغير المباشر لجميع القطاعات. علما وأن هذه اللجنة قد تمّ تشكيلها ولكنها لم تجتمع إلا مرتين فقط وأشغالها توقفت منذ أكثر من سنة.

احتواء الأجور
سيناقش الاتحاد في هيئته الإدارية اليوم تصريحات علي الكعلي ووزير المالية والاقتصاد، في حوار لوكالة ‘’رويترز’’ والذي أكد فيه أن الإصلاحات التي تعتزم الحكومة الانطلاق فيها لإنقاذ الاقتصاد، تتضمن التفويت في حصصها في بعض المؤسسات العمومية والبنوك بالإضافة إلى إعادة النظر في كتلة الأجور وفي الدعم. وأضاف أن الحكومة ستبيع حصصها في بعض الشركات دون أن يحدد أيا منها، وتابع قوله بخصوص هذا القرار «هل أن الدولة بحاجة إلى امتلاك أسهم أقل في بعض الشركات؟ وهل هي بحاجة إلى امتلاك حصص في 12 بنكا كما هو الحال؟». وأشار إلى أن الحكومة تتجه إلى الدعم الموجه خلال الأشهر القادمة كما أنها ستعلن عن خطة لإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، وبالنسبة إلى كتلة الأجور، اعتبر الكعلي أن رواتب الموظفين وصلت إلى «الحد الأقصى» مضيفا أن الحكومة ستدرس خياراتها لاحتواء الأجور مثل تقليص محدود لأجور الراغبين في ساعات عمل أقل.

«نظرية البروكرستية»
تصريحات ردت عليها بعض قيادات الاتحاد على صفحاتها الرسمية على الفايسبوك على غرار سامي الطاهري الذي كتب على صفحته «ليس لوزير المالية غير حل واحد بخصوص الضغط على الأجور وهو توفير سرير بروكرست من أجل التعامل مع أجور الموظفين والأعوان وتطبيق نظرية البروكرستية القاضية بفرض قوالب على الأشياء والأشخاص والأفكار والحقائق وتشويه المعطيات لكي تتناسب قسراً مع مخطط ذهني مسبق: هو تحميل الأجراء فشل الخيارات اللاشعبية وتطبيق تعليمات الصناديق الدولية.. (بروكرست هو شخصية من المثيلوجيا اليونانية كان حداداً وقاطع طريق وكان يقبض على الأشخاص الذين يمرون بدكانه في أعلى الجبال ويضعهم على سريره وإذا لم يبلغوا بقامتهم حافته يعمد إلى تمطيط أجسادهم بآلة للغرض وذا تجاوزت أقدامهم حافة السرير فيعمد إلى قطعها إلى المستوى المطلوب )». كما كتب أيضا « كي أنت تلميذ نجيب عند الصناديق الدولية علاش ما طبّقتش تعليماتها بخصوص إصلاح المنظومة الجبائية الجائرة.. #اللوبيات_تحكم».

المعارك الأساسية للاتحاد
الأمين المساعد حفيظ حفيظ ردّ بدوره على تصريحات وزير المالية وكتب على صفحته الرسمية «السيد وزير المالية: هل فكرت في مقاومة التهرب الضريبي ومتابعة المتهربين؟ هل فكرت في استعادة الأموال المنهوبة؟ هل لديك خطط لإدماج الاقتصاد الموازي؟ هل لحكومتكم خطة لمراقبة مسالك التوزيع؟ خطتكم وحلولكم فقط تقتصر على بيع ممتلكات الشعب والضغط على كتلة الأجور و تحميل الشعب فاتورة فشل خياراتكم..لن تمروا..».. وكتب أيضا «لم يتردد الاتحاد يوما منذ تأسيسه في أن يكون إلى جانب الوطن كلما احتاجه...لذلك لن نحيد على هذا التوجه..الدفاع عن ثوابت الجمهورية وعن مدنية الدولة واجب..الدفاع عن المؤسسات العمومية التي هي ملك للشعب وعدم التفريط فيها من المعارك الأساسية و لو كلفنا ذلك حياتنا..».

دعوة للصراع
قيادات اتحاد الشغل تعتبر تصريحات رئيس الحكومة ووزير المالية استفزازية والهدف منها فتح باب الصراع، وفي تصريح إعلامي له، أكد سامي الطاهري أنّ «تصريح رئيس الحكومة جاء فيه تحدٍّ ولا يمكن ألا أن يكون استفزازا ودعوة للصراع مع الاتحاد العام التونسي للشغل، مشددا على وجود سبعين ألف خط أحمر أمام بيع المؤسسات العمومية».
تطورات كبيرة ومفاجآت عديدة ستحملها الساعات القليلة القادمة في علاقة بمخرجات الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد والتي ستناقش عدة ملفات حارقة قبل اجتماع لجنة 5 زائد 5 التي تضمّ ممثلين عن الحكومة وممثلين عن اتحاد الشغل المقرر عقده يوم الخميس 4 فيفري الجاري.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115