حكومة المشيشي وإصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية: لا خطوط حمراء ..وسيتم إحداث وكالة وطنية للإشراف عليها

ملف المؤسسات العمومية من بين الملفات المعقدة والثقيلة التي طرحتها كل الحكومات المتعاقبة على طاولة النقاش،

ملف أسال الكثير من الحبر وتصاعدت فيه المواقف خاصة بين الحكومات المتعاقبة وبين الاتحاد العام التونسي للشغل الذي رفع «لاءات» في عملية التفويت وبسبب الخطوط الحمراء بقي الملف معلقا وظلت المؤسسات العمومية تتخبط في صعوبات مالية كبيرة ازدادت تفاقما سنة بعد أخرى، ملف ينتظر الاتفاق على دراسة وضعية هذه المؤسسات حالة بحالة والانطلاق في عملية الإصلاح التي تأخرت كثيرا ومع كل تأخير تزداد الكلفة .
قررت حكومة المشيشي المضي قدما في مسار إصلاح المؤسسات العمومية، وبات هذا الملف التحدي الأبرز في الوقت الراهن لاسيما في مسألة مراجعة حوكمتها وإحكام إدارتها، ليتحدث رئيس الحكومة هشام المشيشي في خطابه يوم أمس في مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على التحوير الوزاري عن مسار الإصلاح، مشددا على أنّه لم يعد من الممكن التأخير في النّظر في وضعية المنشآت والمؤسّسات العمومية، وأنّ إصلاحها وإعادة النظر في حوكمتها أصبحت من الأولويّات المستعجلة ومطلبا ملحا، ولا وجود لخطوط حمراء في هذا المجال. وأشار إلى أن الحكومة ستشرع في عملية إصلاحها أخذا بعين الاعتبار الوضعية الخصوصيّة لكلّ مؤسّسة ومنشأة على حدة، بالشراكة مع المنظّمات الوطنيّة وفي مقدّمتها الاتحاد العام التونسي للشغل وفق آليات حوار بنّاء ومسؤول.
تخفيف عبء المؤسسات العمومية على ميزانية الدّولة
أعلن رئيس الحكومة في خطابه أمس في مجلس نواب الشعب عن توجه الحكومة لإحداث وكالة وطنية تتولّى الإشراف على المؤسسات ومراجعة حوكمتها وإحكام إدارتها بالإضافة إلى صيغ المصادقة على أعمال التصرف فيها وتعزيز متابعة مؤشراتها وتوجيه التدخلات لفائدتها بحيث تستعيد هذه المؤسسات دورها الاستراتيجي في معاضدة جهود الدّولة ودعم الاقتصاد الوطني وفق مبادئ الحوكمة الرشيدة والقيمة المضافة وخلق الثروة. وحسب المشيشي فإن المرحلة القادمة تتطلّب أكثر من أيّ وقت مضى، الانطلاق في مسار الإصلاحات في القطاع العمومي والمنشئات العمومية، والهدف من الإصلاح هو أوّلا وقبل كلّ شيء تطوير جودة الخدمات العمومية، إذ ينبغي أن يكون المرفق العموميّ في خدمة المواطن بدعمه ومرافقته وأن يكون أداة للتيسير لا للتعسير، للتسريع لا للتعطيل، مشيرا إلى أن هذا الإصلاح سيمكن من تخفيف عبء المؤسسات العمومية على ميزانية الدّولة.
دراسات لم تعرف طريقها إلى التطبيق
ستحمل الأيام القادمة العديد من التطورات في علاقة بموقف الاتحاد العام التونسي للشغل الذي طالما رفع خطوطا حمراء أمام عملية التفويت في المؤسسات العمومية وطالب بضرورة دراسة وضعية المؤسسات حالة بحالة، العديد من الدراسات وضعتها عدة حكومات لإعادة هيكلة وحوكمة هذه المؤسسات ولكنها ظلت حبرا على ورق ولم تعرف لها طريقا للتطبيق بالرغم من أن وضعية عدة مؤسسات عمومية لا تحتمل مزيد التأخير نتيجة تراكمات الديون لعدة سنوات، مؤسسات تعاني هشاشة من الناحية المالية ومن عجز متفاقم من سنة إلى أخرى، وقد سجلت تدهورا في مستوى مؤشرات نتيجة الاستغلال والنتيجة الصافية والمردودية ويرجع ذلك أساسا إلى تعطل الإنتاج نتيجة الإضرابات والاعتصامات ببعض المنشات الهامة والذي تزامن مع تطور هام لحجم الأجور، وقد بلغت الخسائر المتراكمة 6524.4 مليون دينار سنة 2016 أي بزيادة بين سنتي 2010 و2016 بما قدره 4232.5 مليون دينار وبنسبة 184.5 % دون اعتبار الخسائر المتراكمة للصناديق الاجتماعية. وباتت العديد من المؤسسات العمومية تمثل عبئا على الدولة وتستوجب بالضرورة التعجيل في عملية الإصلاح والإنقاذ، ذلك أن النتيجة الصافية لـ91 منشأة عمومية كانت سلبية، مؤسسات باتت تستدعي بصفة عاجلة إعادة الهيكلة وتحسين الحوكمة ودعم رأسمالها، عملية الإصلاح يجب أن تتم بالتوافق بين كل الأطراف وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل الذي طالما دافع عن ضرورة المحافظة على الصبغة العمومية لهذه المؤسسات ودراسة وضعيتها حالة بحالة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115