المتعلقة بتحويره الوزاري الذي كان الطبق الرئيسي في اشغال مجلس الامن القومي. والذي استغله الرئيس ليحاصر المشيشي وحزامه السياسي ويجعلهما مخيرين بين ازمة سياسية تنجم عن اسقاط التحوير او صراع بين المؤسسات الثلاث إذا مرّ التحوير.
يوم امس كانت الانظار مشرئبة صوب قصر قرطاج في انتظار الاعلان عن مخرجات اجتماع مجلس الامن القومي الذي دعا اليه الرئيس وحضره رئيس الحكومة ورئيس البرلمان اللذين وجدا نفسيهما امام «استاذ» يحاضر أمامهما في القانون الدستوري وكيفية خرق الحكومة وحزامها السياسي من خلفها الدستور في مسار التحوير الوزاري الذي يعرض اليوم على جلسة عامة للمصادقة عليه.
محاضرة من 26 دقيقة القاها الرئيس وتطرقت للكثير من النقاط التي اعتبرها مهمة لتمهد لإعلانه الأبرز. وهو رفض التحوير الوزاري الذي تقدم به المشيشي منذ 10 ايام على اعتبار ان هذا التحوير لم يحترم الاجراءات الدستورية التي تنص على عقد مجلس للوزراء يصادق على الهيكلة الجديدة التي اقترحها المشيشي اضافة الى اجراءات تتعلق بكيفية اعلام المجلس.
هذا الانتقاد للاخلالات الدستورية كان نقطة من جملة النقاط التي قدمها الرئيس ليبين سبب رفضه للتحوير الوزاري الذي جعله يبدو كأنه «مؤامرة» تجمع بين المشيشي وحزامه السياسي ضد رئاسة الجمهورية التي قال لولا أنها التزمت بواجب التحفظ لكشفت الكثير من الدسائس التي يقوم بها البعض.
الربط بين التحوير والمناورات السياسية لجهات يلمّح اليها الرئيس دون ذكرها كانت من ادواته لحشر المشيشي وحليفه رئيس المجلس في الزاوية وهو ماتم وكشفت عنه تقاسيم وجهيهما اثناء كلمة الرئيس، خاصة حينما اعلن انه لين يقبل بان يؤدي وزراء تلاحقهم شبهات فساد وتضارب مصالح اليمين الدستوري أمامه. وان هذا الرفض ليس شكلا احتجاجيا او ادانة بل هو «صلاحية دستورية» تحول بين هؤلاء الوزراء وحقائبهم حتى وان منحهم المجلس الثقة.
موقف الرئيس من التحوير وأسباب رفضه وتعليله له كانت كافية لتوتير الاجتماع الذي رفع ولم يستكمل بقية نقاطه المدرجة في جدول اعماله ، وهو الموقف الذي جعل رئيس الحكومة هشام المشيشي بالأساس يستشعر الخطر ويراه مرمى البصر ، اذ ان الرئيس وفي رفضه الصريح والمعلن كان يستهدفه مباشرة ومن خلفه الكتل الداعمة له في البرلمان. اذ هو يضعه بين خيارين لكل منهما ثمنه الباهض.
فما بقدمه قيس سعيد لرئيس الحكومة الذي اختاره في سبتمبر الفارط خياران : اما ان يقبل بان يسقط تحويره الوزاري ويحشر في الزاوية ضعيفا او ان يلعن الحرب على الرئاسة ويتحمل تبعاتها اذ ان الرئيس سيردّ الصاع صاعين، وسلاحه الدستور الذي اعلن منذ اكثر من سنة انه بمفرده يحتكر صلاحية تأويله وما يصدر عنه في هذا الصدد ملزم للجميع. وعليه فان خيار الذهاب معه في التصعيد سيكون اعلانا لصراع بين رأسي السلطة التنفيذية.
خيارات يبدو ان المشيشي نظر فيها وحسم امره بان اختار الذهاب الى المواجهة الصريحة، فبعد ساعتين من انتهاء اشغال مجلس الامن القومي عقد المشيشي اجتماعا لمجلس الوزراء بهدف وحيد ابطال حجة «الفصل 92 من الدستور»، اذ نظر المجلس وفق بلاغ رئاسة الحكومة في «الهيكلة الجديدة للحكومة تطبيقا لمقتضيات الفصل 92 من الدستور المتعلق بصلاحيات رئيس الحكومة في إحداث وحذف الوزارات».
وقرر على ضوء هذا المصادقة على إعادة تسمية وزارتين هما وزارة الشباب والرياضة والادماج المهني التي باتت وزارة الشباب والرياضة. وثانيا وزارة الصناعة والطاقة والمناجم التي بات اسمها «وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة» هذا بالاضافة الى المصادقة على احداث وزارتين : وزارة التكوين المهني والتشغيل والاقتصاد التضامني والاجتماعي. ووزارة الطاقة والمناجم.
اجتماع عقد بهدف سحب البساط من تحت رئاسة الجمهورية والغاء «حجة» لا دستورية التحوير بالمصادقة على اعادة الهيكلة مع اغفال المصادقة على حذف وزارة العلاقات مع الهئيات الدستورية والمجتمع المدني. فالفصل ينص في مطته الاولى على ان رئيس الحكومة يختص بـ :- إحداث وتعديل وحذف الوزارات وكتابات الدولة وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها بعد مداولة مجلس الوزراء.
خيار يكشف ان المشيشي لجئ الى التصعيد، ولا يبدو انه هنا اهمل استشارة حلفائه، الذين سيكونون اليوم محددين في مدى قدرتهم على تامين الرجل وحمايته في حرب اندلعت بينه وبين رئاسة الجمهورية التي يقول سعيد انها ليست «صندوق بريد» في اشارة واضحة الى انها لن تقف مكتوفة الايدي وستتحرك لحماية «الدولة والثورة».