يتضمن التحكم في كتلة لاجور وخفض مخصصات الدعم والتركيز على الاستثمار العمومي، وهو شرط يجعل المشيشي «رهينة» للمنظمات الاجتماعية وللصندوق معا.
في بيانه الصادر امس كشف صندوق النقد الدولي عن مضمون تقرير بعثة خبرائه التي انهت جولة مشاورات مع تونس امتدت من 9 الى 18 من ديسمبر الفارط وتمت عبر منصة إلكترونية، وفيه كشف عن تقديرات خبراء الصندوق وشروطهم لابرام اتفاق جديد مع تونس.
تقديرات الصندوق تشير الى تسجيل انكماش بنسبة 8.2 % وهي نسبة ارفع من تلك التي قدمتها الحكومة بنقطة تقريبا، مع توقعها ان يتحسن الوضع في 2021 وان تسجل تونس نموا بـ3.2 % وان ينطلق مسار التعافي من تداعيات جائحة الكورونا ومعه تراجع العجز في المزانية من 11.5 % الى 6.6 % وهو الرقم الذي تقدمه السلطات التونسية ولكن خبراء الصندوق يتخوفون من ان تأجيل القيام بالإصلاحات قد يرفع من نسبة العجز الى 9 نقاط.
مخاوف عبر عنها الصندوق بشكل صريح في بيانه الذي جاء فيه ان الصندوق والسلطات التونسية يتفقان على ان الاولوية الحالية هي «انقاذ الأرواح» و«الحفاظ قدر الإمكان على الظروف المعيشية» أي التركيز على احتواء الجائحة واتخاذ الاجراءات المناسبة ومرافقتها بقرارات اجتماعية.
اقرار الصندوق بأن الاولوية هي الحد من تداعيات جائحة الكورونا على تونس يصبح اكثر تفصيلا ومباشرا بالقول «من إعطاء أولوية مطلقة للإنفاق على الصحة والحماية الاجتماعية» أي ان توجه الدولة التونسية نفقاتها الى هذين البابين بالتزامن مع السيطرة على كتلة الاجور، وعلى نفقات الدعم خاصة «دعم الطاقة» كذلك النفقات التي تتخذ شكل «تحويلات إلى المؤسسات العمومية». وإلا سوف يرتفع العجز إلى أكثر من 9 % ، لذلك فان الصندوق وعلى لسان خبرائه يشجع الدولة التونسية على ان تتحكم في نفقاتها وتركز «على مواصلة تعزيز شبكات الضمان الاجتماعي التي تستهدف المستحقين وإعطاء أفضلية للاستثمار العمومي الداعم للنمو».
توصية تقول بشكل صريح ان الصندوق لن يقبل بعقد اتفاق جديد مع تونس توجه مخصصاته الى ابواب إنفاق غير التي يشير اليها، وهي الصحة والحد من تداعيات الجائحة اجتماعيا والاستثمار العمومي الذي يعتبره منتجا للثروة والقاطرة التى ستجر الاستثمار الخاص والأجنبي مما يحقق النمو .
ملامح خطة الاصلاح التي يطالب بها الصندوق الحكومة تتجلى بشكل اوضح في باقي البيان ولكن قبل كشفه عن الخطوط العريضة يشترط الصندوق ان «تتمتع الخطة بالمصداقية ويتم الإفصاح عنها وتحظى بتأييد قوي من المجتمع التونسي وشركاء التنمية الدوليين».
شرط يكشف ان صندوق النقد يرى نفسه قد تعلم الدرس من اتفاقه السابق 2016 /2020 المبرم مع حكومة الصيد، التي اتفقت مع الصندوق والتزمت باصلاحات لم تكن محل توافق خاصة مع اتحاد الشغل لذلك فان الصندوق يشترط بشكل واضح «كسب التأييد من الأطراف المعنية» عبر ما يصفه بـ«ميثاق اجتماعي» ليشير الى التوافق بين الحكومة والاطراف المعنية على الاصلاحات التي تتضمن التحكم في كتلة الاجور وإصلاح منظومة الدعم، و المؤسسات العمومية ، والقطاع الموازي ، والجباية وإصلاحات مكافحة الفساد، ومناخ الأعمال. هذا بالاضافة الى توصية الخبراء للسلطات التونسية بـ«تجنب التمويل النقدي في المستقبل» ، في اشارة الى تدخل البنك المركزي لتمويل المزانية بحوالي 3 مليار دينار .
ما يطالب به الصندوق الذي يعلن انه يتفهم الحاجة الى توفير اعتمادت تخصص للانفاق العمومي الموجه للحد من تداعيات الكورونا هو ان تكون نفقات تدخل في الجانب الاجتماعي لا في زيادة الاجور او انتدابات جديدة في الوظيفة والقطاع العام، وهو شرط يضع الحكومة في مواجهة الاتحاد والعاطلين الذين يشملهم قانون الانتداب عدد38.
بعبارة اخرى يرى الصندوق ان النفقات الاجتماعية يجب ان توجه للنفقات الصحية والاجتماعية للحد من تأثير الكورونا وان يمنح الاستثمار العمومي الاولوية في الانفاق عوضا عن صرف الموارد المالية في نفقات التاجير والدعم وهذا يعنى ان الصندوق سينتظر تقديم الحكومة بقانون ماليتها التكميلي لسنة 2021 المزمع التوجه به الى البرلمان قبل مارس القادم ليمضى اتفاقه.
انتظار سيجعل الحكومة تحت ضغط كبير فهي ستنطلق في مفاوضات اجتماعية مع الاتحاد خلال اسابيع وليس بإمكانها ان تمنحه اتفاقا يتضمن زيادة في الاجور، من جانب اخر هي غير قادرة على ان تدرج في قانون ماليتها التكميلي اي إعتمادات تخصص لانتداب 10 الاف عاطل وفق القانون عدد38 وهو ما وعدت به في ديسمبر الفارط.
وضع صعب يجعل حكومة المشيشي في نقطة وحيدة رهينة لثلاثي غير قادرة على إرضائه: الصندوق والاتحاد والعاطلين . ناهيك عن باقي بنود خطة الاصلاح التي يطالب الصندوق ان تكون محل توافق ودعم من مختلف القوى السياسية والاجتماعية، وهذه مهمة صعبة جدا على حكومة المشيشي التي ستقف يوم الثلاثاء القادم اما اول اختباراتها الصعبةن وهي جلسة منح الثقة لتحوير وزاري .
صندوق النقد الدولي وتونس : خطة إصلاحات واضحة ومدعومة شرط صعب أمام حكومة المشيشي
- بقلم حسان العيادي
- 10:41 25/01/2021
- 1211 عدد المشاهدات
كشف صندوق النقد الدولي بشكل صريح انه يشترط لابرام اتفاقية جديدة مع الحكومة الاعلان عن خطة اصلاحات تحظى بتوافق وطني