عبرهما أنه ليس مكلفا بتسيير الشأن الداخلي بل رئيسا للحكومة يقرر سياساتها حتى وإن كانت تتعلق بملفات تخص الاستثمار والتعاون الثنائي ودعم الاقتصاد والهجرة غير النظامية والأمن، الزيارة التي يقوم بها المشيشي والتي تعد الأولى من نوعها منذ تسلمه المهام في القصبة كانت بدعوة من الوزير الأول الفرنسي جان كاستكس ورئيس مجلس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي، والجامع بينهما إلى جانب مضاعفة الاستثمارات، ملف الهجرة والمقاربة التي سيتم اعتمادها لمعالجة هذه الظاهرة.
كانت فرنسا الوجهة الأولى لرئيس الحكومة ليتحول فيما بعد إلى ايطاليا، عدة لقاءات عقدها المشيشي سواء في اليوم الأول أو الثاني من زيارته إلى فرنسا، حيث التقى في اليوم الأول مع رؤساء البعثات القنصلية التونسية المعتمدين في فرنسا ورؤساء الهياكل الداعمة لتونس في فرنسا وكفاءات تونسية مقيمة في فرنسا وعددا من الصحفيين المقيمين بفرنسا وعددا من رجال الأعمال التونسيين والفاعلين الاقتصاديين إلى جانب عدد من الكفاءات الطبية التونسية المقيمة بباريس والجالية التونسية، كما دشن «رواق الحبيب بورقيبة» بدار تونس والذي يحتوي على 200 غرفة للطلبة.
الاستثمار في المناطق «المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين»
اليوم الثاني من زيارة المشيشي إلى فرنسا كان متنوع اللقاءات، حيث التقى في قصر ماتينيون الوزير الأول الفرنسي جان كاستيكس. وتناول اللقاء سبل تدعيم العلاقات التونسية الفرنسية والإعداد للدورة الثالثة للمجلس الأعلى للتعاون والذي سينعقد في مارس 2021 ويترأسها كل من رئيس الحكومة والوزير الأول الفرنسي والقمة الفرانكفونية التي ستنعقد في جزيرة جربة في نوفمبر 2021. كما طرح الجانبان خلال اللقاء مسألة التعاون في مجال الهجرة وتسهيل الإقامة والتنقل للطلبة بين تونس وفرنسا خصوصا بعد الصعوبات التي تم تسجيلها مؤخرا في علاقة بانتشار فيروس كورونا. وقال المشيشي في تصريح صحفي إنه تم التطرق إلى موضوع الهجرة وأهمية تعزيز التعاون في هذا المجال. وأكد أنه تم التأكيد على ضرورة إيجاد مقاربة للتنسيق بين تونس وفرنسا ترتكز على التنمية التضامنية والاستثمار في المناطق «المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين.» 
مضاعفة الاستثمارات
وأفاد رئيس الحكومة بأن الطرف الفرنسي أعرب عن قناعته بأن المقاربة الأمنية ورغم أهميتها لا تكفي وحدها لمعالجة ملف الهجرة قائلا «نحن نعمل مع فرنسا حول هذا الملف»، مضيفا أن فرنسا أعربت عن التزامها بمضاعفة استثماراتها في تونس وتطوير تركيز المؤسسات الفرنسية خاصة بعد تداعيات انتشار فيروس كورونا على اقتصاد البلدين. ونوٌه رئيس الحكومة بعمق العلاقات الثنائية بين البلدين وضرورة العمل على مزيد تدعيمها وتطويرها بما يضمن مصلحة الشعبين كما أهاب بدعم فرنسا لبلادنا ووقوفها إلى جانب بلادنا في مواجهة التحديات التي تعرفها تونس في مسار الانتقال الديمقراطي وإرساء دولة الحريات والحقوق.
كما تحادث الجانبان وفق المشيشي ، حول مسألة تنقل الطلبة التونسيين الذين يواصلون دراستهم في فرنسا والذين واجهوا خلال الفترة الأخيرة صعوبات بسبب فيروس كورونا المستجد. من جانبه أكد الوزير الأول الفرنسي على المكانة الهامة التي تحظى بها تونس كشريك أساسي لبلاده وتطلع فرنسا لتطوير هذه العلاقة مع تونس عبر مضاعفة الاستثمارات الفرنسية وتطوير التبادل التجاري. وفي مسألة الهجرة أكد جون كاستكس على تفهم الجانب الفرنسي لمسألة الهجرة غير النظامية وأن المقاربة التي يجب انتهاجها في هذا المجال تقوم على التنمية المتضامنة وتدعيم الاستثمار والتعاون.
تدعيم علاقات الصداقة
هذا والتقى المشيشي يوم أمس مع رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشي. لقاء عبر خلاله رجل القصبة عن ارتياحه لمستوى العلاقات الثنائية بين تونس وفرنسا وهو ما تؤكده زيارات العمل المتواترة لمسؤولين تونسيين لفرنسا وآخرها زيارة العمل والصداقة التي أجرها رئيس الجمهورية قيس سعيد لفرنسا يومي 22 و23 جوان الماضي. وثمّن رئيس الحكومة دعم فرنسا لبلادنا ووقوفها إلى جانبنا في مواجهة تحديات الانتقال الديمقراطي والاقتصادي- الاجتماعي، معبرا عن شكره لوقوف السلطات الفرنسية مع تونس في مواجهة جائحة كوفيد-19. كما أشار إلى أهمية العمل على تطوير التعاون البرلماني بين البلدين في إطار مجموعة الصداقة البرلمانية التونسية الفرنسية ودورها في مدّ جسور التواصل بين الشعبين. من جانبه عبر رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشي عن استعداد بلاده لمرافقة تونس في تدعيم علاقات الصداقة والتعاون القائمة مع بلادنا في كل المجالات الاستثمارية والتربوية والثقافية. وشدد الوزير الأول الفرنسي على تقارب وجهات النظر بين بلاده وتونس في أغلب القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وخاصة المسألة الليبية.
في انتظار نتائج اللقاءات في ايطاليا
ملفات ثقيلة وضعت على الطاولة خلال زيارة الرسمية التي يقوم بها المشيشي إلى كل من فرنسا وايطاليا والتي انطلقت يوم السبت 12 ديسمبر لتتواصل إلى غاية يوم غد الأربعاء 16 ديسمبر الجاري منها خاصة الهجرة غير النظامية والبحث عن مقاربة للمعالجة ترضي الجميع والاستثمار والأمن، زيارة التقى خلالها مع عدد من كبار المسؤولين السياسيين الفرنسيين والإيطاليين إلى جانب مستثمرين وفاعلين اقتصاديين، علما وأن عدد من الوزراء ووفد من رجال الأعمال يتقدمهم رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول كانوا قد رافقوا رئيس الحكومة في زيارته والذي على ما يبدو سيكون أمام أكبر تحدي خارجي وانتظار ما ستحمله هذه الزيارات من نتائج خاصة على المستوى الاقتصادي والأمني، فالبحث عن استثمارات ودعم الاقتصاد سيكون الهاجس الأكبر للمشيشي أولا لإثبات أنه رئيسا للحكومة في الداخل والخارج وثانيا للردّ على كل منتقديه واثبات أنه قادرا على إنقاذ البلاد وتجاوز الأزمة التي تعيش على وقعها، زيارته إلى فرنسا لتنطلق زيارته إلى ايطاليا واللقاءات التي سيقوم بها.