احتجاجات في الجهات... إضرابات قطاعية .. الحكومة وإعادة اكتشاف «العجلة»

قفصة، سليانة، قابس ، توزر و القيروان وغيرها من جهات البلاد لازالت تعيش على وقع الاحتجاجات والتلويح بالإضراب العام والتصعيد

تجاه حكومة المشيشي التي إذا اشاحت بنظرها عنهم ابصرت قطاعات مهنية «غاضبة» تنطلق بدورها في تحركات احتجاجية. لتكون الحكومة كمن أحاطت به النيران ولم يجد مغيثا حتى وان استنجدت بحزامها البرلماني.
رغم تصاعد حدة الاحتجاجات وتصاعدها لازالت حكومة المشيشي تتعامل مع المشهد كأنه لم يكن خطاب ثابت يتعلق بالانجاز وبالبحث عن حلول من خارج الصندوق وبالحرص على ان تعالج الاشكاليات العالقة والراهنة وسعى لكسب ود الحزام السيسي والاتحاد العام التونسي للشغل.
فرئيس الحكومة هشام المشيشي عقد خلال اليومين الفارطين سلسة من اللقاءات جمعته باحزاب الحكم، النهضة ونداء تونس، وبكتلها البرلمانية وفق ما نشرته رئاسة الحكومة من بلاغات خلال اليومين الفارطين، اللذين شهدا كذلك لقاء المشيشي بوفد عن الاتحاد العام التونسي للشغل وعن اتحاد الفلاحة والصيد البحري وعن منظمة الاعراف.
لقاءات كان محورها وفق ما نشر قانون مالية 2021، الذي يعرضه المشيشي للتشاور مع زائريه مع التأكيد لهم عن حرصه على إسهام مختلف المكونات السياسية والبرلمانية والاجتماعية في إثراء مضامين مشروع قانون المالية لسنة 2021 الذي تريد الحكومة ان يكون محل «حوار اقتصادي واجتماعي» يقدم حلولا عمليّة للتنمية قابلة للتطبيق وفق رؤية شاملة ومتكاملة.

رؤية تتضمن تخصيص جلسات عمل للجهات، ويوم امس كان نصيب ولاية مدنين التي كانت التنمية بها محور جلسة عمل قال المشيشي خلالها ان حكومته «حريصة على متابعة وتفعيل المشاريع التنمويّة» والبحث المشترك عن الآليات الكفيلة بمعالجة بعض النقاط التنموية التي تكتسي صعوبة في تفعيلها على أرض الواقع في سياق مقاربة جهوية مبنـيّة على الشراكة والتعاون الدائم مع الشريك الاجتماعي الاتحاد العام التونسي للشغل وكافة مكوّنات القوى الحيّة بالجهة، باعتبار أن البرامج والأطروحات التنموية تنبع من الواقع الاقتصادي والاجتماعي للجهة قصد الاستجابة إلى تطلّعات أهالي مدنين.
شراكة هي طوق النجاة الذي بحث عنه المشيشي لتخفيف الضغط المسلط عليه اثر تنامي الغضب والاحتجاجات في الشارع التونسي وفي صفوف عدة قطاعات، وهو ما يفسر خيار الحكومة بحل الملفات العالقة بيها وبين الاتحاد والوصول الى اتفاق في المفاوضات الاجتماعية المفتوحة. وتجاهل ائتلاف الكرامة.
خطوة خطاها الرجل لكسب حليف له وهو الاتحاد، بعد ان عمل على استعادة حسن العلاقة بينه وبين احزاب الحكم وكتلها البرلمانية، وهي الوصفة التي ظن انها ستخفف عنه الحصار الذي بات فيها، في ظل تنامي الاحتقان والاحتجاجات في الجهات.
حلف يبدو ان المشيشي يرغب من خلاله في تأمين نفسه وأساسا وتقاسم أعباء الازمة مع الجميع، وان تقدم الحكومة نفسها على انها في صف الشارع والمحتجين وانها تبحث عن معالجة الازمة، ولا يوجد أفضل من الاتحاد من وجهة نظر الحكومة لاضفاء مشروعية على هذه الصورة المراد رسمها.
صورة تتناقض مع كيفية معالجة الحكومة للازمات الراهنة من إضراب القضاة وكتبة المحاكم والحركات الاحتجاجية للصحفيين وتحركات الجهات والاعتصامات وكلما تعثرت الحكومة تأخرت خطوة في حل الازمات المتصاعدة، رغم يقينها ان الصمت قد يؤدي الى توترات اشد واعنف.
صمت كشف عن تخبط الحكومة وبقائها رهينة لخطاب في ظاهره « جديد» ولكنه لا يختلف عن الخطابات السابقة لكل الحكومات التي رفعت شعارات الحلول المجددة والتفكير من خارج الصندوق وغيرها من شعارات رفعت لامتصاص غضب الشارع.
غضب يتنامى في ظل شبه عطالة وعجز من المؤسسات الرسمية عن احتوائه وغياب لتأطير الاحتجاجات وتنظيمها ، مما يمثل تحديا فعليا وسباقا ضد الوقت او التصرفات الطائشة التي قد تعمق الازمة وتدفعها لمربعات جديدة تكون تكلفتها باهظة على البلاد.
بين الخطاب والفعل تترنح حكومة المشيشي وهي غير قادرة على التقدم في اي اتجاه، احتجاجات وغضب في الجهات وفي قطاعات مهنية عدة وقانون مالية 2021 وما يتضمنه من ضغط مالي ونفقات مستحدثة بعد تعهدات جديدة للحكومة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115