خاص: نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية والرئاسية - نوفمبر 2020 في التشريعة: فوز ساحق للدستوري الحر في الرئاسية: قيس سعيّد منذ الدور الأوّل رغم تراجعه بـ9 نقاط وعبير موسي تصعد إلى المرتبة الثانية

قراءة وتحليل زياد كريشان

سبر آراء نوايا التصويت في التشريعية والرئاسية لشهر نوفمبر الجاري والذي أنجزته مؤسسة «سيغما « بالتعاون مع جريدة «المغرب» جاءنا بالجديد

ومن الوزن الثقيل كذلك: تقدم ساحق للدستوري على حساب النهضة في التشريعية (%35.4 مقابل %17.0 من نوايا التصويت المعلنة ) وتواصل تحليق قيس سعيد في الرئاسية رغم خسارته لتسع نقاط ونصف في شهر واحد (%55.3 مقابل %64.8) وانفراد عبير موسي بالمرتبة الثانية ولكنها تظل – إلى حدّ الآن – بعيدة عن المنافسة الجدية مع صاحب قرطاج وذلك بتحقيقها لـ%11.5 من نوايا التصويت .. مع العلم أننا نسجل ارتفاعا واضحا في العزوف أو التردد سواء أتعلق الأمر بالتشريعية(%74.4) أو الرئاسية (%56.2)
نذكر في البداية بالطريقة التي نعتمدها لاحتساب نوايا التصويت والتي تتأسس على عينة هامة من المستجوبين (2026 وفق طريقة الحصص العمرية والجندرية والجهوية وكذلك باعتبار التنوع بين المدن والأرياف ) فنحن لا نحتسب النسبة المطلقة ، أي بنسبة حزب أو شخصية من أصل مائة مستجوب بل على النسب الموزعة فقط على نوايا التصويت الايجابية حتى نقترب أكثر من صورة الانتخابات الفعلية والنتائج المعلن عنها ..
ونضيف كذلك ارتفاع نسبة التردد أو العزوف والتي تناهز في التشريعية ثلاثة أرباع المستجوبين (%74.4) وقد ارتفعت هذه النسبة بنقطتين خلال شهر أما في الرئاسية فنسبة المترددين هي كالعادة دون التشريعية %56.2 ولكنها ارتفعت بثماني نقاط كاملة خلال شهر واحد ويعود ذلك إلى عدم رضا جل التونسيين عن العرض السياسي ولاسيما الحزبي منه كما أن ابتعاد المواعيد الانتخابية وضبابية المشهد الحالي لا تساعدان على حزم القرار لجل التونسيين منذ الآن .

• صعود صاروخي للدستوري الحرّ
حقق الدستوري الحرّ قفزة عملاقة خلال شهر واحد بتسع نقاط كاملة منتقلا من %26.5 في أكتوبر إلى %35.4 في نوفمبر الجاري ومؤكدا مرة أخرى أن تصدره للمشهد الحزبي ليس مسألة عابرة ..
ما الذي يفسر قفزة كهذه في شهر واحد ؟ الراجح عندنا أنه يكمن في غياب الرجة النفسية التي كان ينتظرها العديد من التونسيين مع حكومة هشام المشيشي .
فما يسمى بالمواطن العادي في تونس وفي كل ديمقراطيات الدنيا لا يميل بطبعه إلى المعارضة خاصة إذا كانت راديكالية إلا متى أيقن أن الوضع الراهن سيئ للغاية وحمل تبعا لذلك الطبقة الحاكمة مسؤولية هذا التردي..
ينبغي التذكير هنا أننا انتقلنا بسرعة من حكومة الكفاءات المستقلة تماما إلى حكومة يسندها حزام سياسي بتشكل خاصة من الثنائي النهضة وقلب تونس ،وهذا الثنائي يتباهي بافتكاكه للمبادرة من رئيس الجمهورية، إذن فالحكومة حكومته وبالتالي يتحمل هذان الحزبان ، ولاسيما الأول منهما تبعات تردي هذه الأوضاع وتعقد للآمال على أهم حزب معارض بالنسبة للتونسيين عساه يغير من الأمر شيئا ..
والمهم هنا أن نلاحظ تكون قاعدة صلبة للدستوري الحرّ وأن هذه القاعدة بصدد التوسع، فعلى مائة مستجوب في أكتوبر الماضي هنالك %7.2 يعبرون بصفة تلقائية عن تصويتهم للدستوري الحرّ، وقد ارتفع هذا العدد إلى 9 أي أن حوالي عشر الجسم الانتخابي النظري هو الآن في صف عبير موسي .

• تراجع حاد للنهضة
مقابل الصعود الصاروخي للدستوري الحرّ هنالك تراجع حاد لحركة النهضة التي لا تحقق إلا %17.0 من نوايا التصويت المعلنة فاقدة بذلك أربع نقاط كاملة خلال شهر واحد ومسجلة اقل من نصف نوايا تصويت الدستوري الحر ونحن هنا أمام وضعية قل نظيرها في الديمقراطيات الانتخابية حيث تستمر موازين القوى الموروثة عن انتخابات عامة على الأقل لسنتين أو ثلاث ولا تنقلب بمثل هذه الصفة في اقل من سنة .

التراجع الحاد للنهضة الذي يقابل الصعود الصاروخي للدستوري الحر نجده في كل الفئات والجهات، فالنهضة تنهزم بوضوح كبير في كل جهات الجمهورية وأحيانا بفوارق شاسعة كما هو الحال في الوسط الشرقي (سوسة والمنستير والمهدية ) وصفاقس وكذلك في الولايات الأربع لتونس الكبرى (تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة ) بل تنهزم النهضة في ولايات الجنوب الغربي (قفصة وتوزر وقبلي) ولا تحافظ على تقدمها إلا في الجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين ) كما أنها تفقد للمرة الأولى صغار الكهول والشباب وفي كل المستويات المعرفية للعينة كذلك .
لا نعتقد أن تحمّل النهضة مسؤولية الحكم هي وحدها مفتاح تفسير هذا التراجع الحاد فهنالك عنصران اثنان يسهمان في هذه النتيجة :

- الصراعات الداخلية العلنية والتي شقت الصف النهضوي على اثنين وخاصة أن موضوع الخلاف الأساسي هو مسالة التمديد للغنوشي على رأس الحركة الإسلامية من عدمه .

- التحالفات الانتهازية للقيادة النهضوية والتي تجد اليوم رفضا شبه كلي من قاعدتها الانتخابية وخاصة الشبابية منها والتي هي بصدد الانتقال إلى ...ائتلاف الكرامة الذي يصعد إلى المرتبة الرابعة بـ%8.8 من نوايا التصويت المعلن وهو الآن يهدد صاحب المرتبة الثالثة قلب تونس بصفة جدّية .
قلب تونس هو اكبر خاسر من الصعود الصاروخي للدستوري الحر إذ فقد في شهر واحد أربع نقاط كاملة (%9.6 مقابل %13.7) وتقديرنا أن هذا النزول سيتواصل لأنه فقد احد أهم عناصر قوته في الصائفة الفارطة وهو تقديم نفسه على كونه الحزب الوسطي الوحيد القادر على هزم النهضة أو مجاراتها بصفة ندية هذه الحجة قد انتفت الآن تماما ونحس أن حوالي ربع من صوتوا لقلب تونس في تشريعية 2019 يعبرون اليوم على نيتهم التصويت للدستوري الحر لو حصلت الانتخابات التشريعية غدا.

• في مآلات المشهد الحزبي الحالي
من الصعب جدا تبيّن التيارات العميقة واتجاهاتها من خلال عمليات سبر آراء نوايا التصويت إذ لا شيء يضاهي انتخابات فعلية بحملاتها الانتخابية وبالأشخاص الذي سيؤثثون القائمات المتنافسة ؟ولكن الاتجاه الغالب على امتداد سنة 2020 هو تعويض الاستقطاب الثنائي النسبي بين النهضة وقلب تونس في 2019 باستقطاب ثنائي أكثر قوة وراديكالية بين الدستوري الحرّ والحركة الإسلامية.

استقطاب بصدد استنزاف حركة النهضة وميل جزء من قاعدتها الشبابية الى عرض سياسي أكثر راديكالية وهو يجد اليوم ضالته في ائتلاف الكرامة ،كما أن الأحزاب السياسية الممثلة اليوم في البرلمان كالتيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس بدرجة أقل والتي تريد كلها أن تحد من هذا الاستقطاب الثنائي وان تمثل بديلا جذابا لم تنجح إلى حدّ اليوم في البناء على منجز انتخابات 2019 وأن ترتقي إلى مستوى يخول لها المنافسة الجدية على الموقع الأول في الحياة السياسية .

إلى أي حد يمكن أن يصعد الدستوري الحرّ وماهي حدود نزول حركة النهضة ؟ لا نملك اليوم جوابا نهائيا عن هذين السؤالين الأساسيين ،ماهو واضح اليوم فقط هو أننا أمام حزب صاعد وآخر نازل وحالة الاستقرار لم تتضح بعد لا للأول ولا للثاني ..

• الرئاسية: قيس سعيد منذ الدور الأول رغم تراجعه وعبير موسي ترتقي إلى المرتبة الثانية
الجديد في نوايا التصويت للرئاسية: تراجع نوايا التصويت المعلنة بثماني نقاط كاملة (%43.8 %51.8)à وهذا التراجع يعود أساسا الى تضاؤل القاعدة الانتخابية لقيس سعيد إذ بعد تسجيله لـ%64.8 من نوايا التصويت المعلنة في أكتوبر يكتفي هذه المرة بـ%55.3 ولو استمر الأمر على هذا الحال لن يكون قيس سعيد متأكدا من فوزه منذ الدور الأول لو جرت الانتخابات الرئاسية في الأشهر القادمة ..

ورغم ذلك لا وجود لمنافسة فعلية لساكن قرطاج إذ لا تحصل صاحبة المرتبة الثانية سوى على %11.5 من نوايا الأصوات ولكنها تربح مع ذلك أربع نقاط ونصف في شهر واحد وتتقدم إلى حدّ ما على ملاحقيها المباشرين : الصافي سعيد بـ%9.9 ونبيل القروي بـ%9.7 أما صاحب المرتبة الخامسة المنصف المرزوقي فهو بعيد جدا عن المراتب الشرفية . إذ لا يجمع حول اسمه سوى %2 من نوايا التصويت المعلنة .

لعل الملاحظة الأبرز في الرئاسية هي تمكن عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر من بداية افتكاك بعض النقاط في هذا السباق وتحويل ، ولو جزئي ، لرصيدها الشعبي تشريعيا إلى رصيد أولي للرئاسية ،فهي تحرز على %9 من مجموع القاعدة الانتخابية النظرية التشريعية ومكنت من تحويل أكثر من النصف (%5) على اسمها في الرئاسية ..
هل يعني هذا أننا أمام سيناريو محتمل من تنافس بين قيس سعيد وعبير موسي في الرئاسية القادمة ؟ هذا الاحتمال أصبح جديّا ولكن المسافة الزمنية التي تفصلنا عن الموعد الانتخابي مازالت بعيدة جدا ..
الدستوري الحرّ وزعيمته عبير موسي بصدد التقدم المستمر ، ولكن هل سيكون ذلك كافيا للفوز غدا في انتخابات عامة ؟ ذلك هو السؤال .

• في عدد قادم: الباروميتر السياسي لشهر نوفمبر
تطور نسبة الرضا على رئيس الجمهورية خلال السنة الأولى من حكمه

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115