اختتم رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس زيارة الدولة التي أداّها إلى قطر والتي امتدت لثلاثة أيام ، وجاءت بدعوة من الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وعقد خلالها مباحثات مع أمير قطر ورئيس الوزراء القطري الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني. كما التقى خلالها بممثلي الجالية التونسية في الدوحة واطلع على مطالبهم وانشغالاتهم العديدة .
يشار الى ان الوفد المرافق ضم كلاً من وزير الشؤون الخارجية والهجرة عثمان الجرندي، ووزير التجارة وتنمية الصادرات محمد بوسعيد، ووزير الرياضة والإدماج المهني كمال دقيش، والوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب علي الحفصي. وسبق أن زار أمير دولة قطر تونس، في فيفري الماضي. كما جمعت بين الطرفين محادثات هاتفية في عديد المناسبات ركزت جميعها على أهمية رفع التعاون المشترك في مختلف المجالات .
فرص جديدة للاستثمار
ومثلّت هذه الزيارة اليوم مناسبة هامة لمزيد التباحث بشأن كيفية تطوير العلاقات وفتح آفاق جديدة تنعش التبادل في مختلف المجالات بين البلدين، لا سيما تفعيل وانجاز عديد المشاريع الاستثمارية التي سبق توقيعها سابقا لعل أهمها تلك المتعلقة بتنمية المناطق الداخلية مثل تمويل مشروع مدينة صحية متكاملة بالقيروان وغيرها. اذ تمّ خلال المباحثات التي عقدها سعيد مع أمير قطر التأكيد على عمق العلاقات بين البلدين، وايضا تأكيد الحرص المشترك على مزيد تعزيزها ودفعها لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين. ونوّه أمير قطر بعمق علاقات البلدين. وأعرب عن «ثقته بأن هذه الزيارة ستسهم في تعزيز العلاقات الثنائية الوطيدة التي تجمع البلدين وتدفعها إلى آفاق أرحب». في حين أعرب الرئيس التونسي عن تطلعه إلى تواصل اللقاءات في المستقبل. وشددّ رئيس الجمهورية خلال جلسة المحادثات الثنائية على أهمية استمرار التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات ولاسيما منها الاقتصادية والتنموية والاستثمارية والتجارية عبر إقامة خط بحري بين البلدين لزيادة حجم التجارة البينية، والإسراع في إنجاز منصة الإنتاج بسيدي بوزيد اضافة الى عقد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التونسية القطرية خلال الثلاثي الأول من سنة 2021 واثراء الاطار القانوني المنظم للعلاقات بين البلدين، وتفعيل دور القطاع الخاص في تحقيق تكامل المصالح المشتركة، ودعوة مجلس رجال الأعمال التونسي القطري إلى الانعقاد في أقرب الآجال.
كما أكد أمير قطر وقوف بلاده بجانب الشعب التونسي لتحقيق الاستقرار والتنمية والتوافق. وذلك في تدوينة على حسابه الرسمي في «تويتر» قائلا:» «نرحب بالأخ الرئيس قيس سعيّد في قطر ونؤكد على متانة علاقات الأخوة بين بلدينا.»
وأضاف «أجرينا مباحثات حول تعميق وتوثيق التعاون الثنائي في شتى المجالات، وتبادلنا الرأي في قضايا حيوية تهم أمن ومصالح شعوبنا.»
وأضاف «نجدد وقوفنا مع الأشقاء في تونس لتحقيق الاستقرار والتنمية والتوافق.» يشار الى ان هناك عديد الاتفاقيات الجديدة المبرمجة بين البلدين ولكن تمّ تأجيل التوقيع عليها الى موعد انعقاد اللجنة المشتركة التونسية القطرية مع بداية العام القادم .
الملف الليبي
كما تمّ التطرق الى عديد القضايا الاقليمية لا سيما الملف الليبي ومآل التسوية خاصة وأنّ الزيارة جاءت بالتزامن مع انعقاد الحوار الليبي في تونس الذي انتهى اول امس الأحد دون التوصل الى اتفاق حول أسماء أعضاء السلطة الموحدة على أن تستأنف الأسبوع المقبل . فقط اشار بيان رئاسة الجمهورية الى ان جلسة المحادثات الثنائية بين سعيد وتميم تناولت «الوضع في ليبيا». وأضاف البيان أنه «تم الاتفاق على مواصلة تعزيز التشاور وتنسيق المواقف من أجل خدمة القضايا الإنسانية العادلة وتعزيز الأمن والاستقرار في العالم». كما تّم الاتفاق على «دعوة مجلس رجال الأعمال التونسي القطري إلى الانعقاد في أقرب الآجال».
كما كان الملف الليبي حاضرا خلال اللقاء الذي جمع سعيد برئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية القطري الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني حيث أكد الطرفان على «وجوب تشجيع الأطراف الليبية على المضي قدما في التوافقات للوصول إلى الاستقرار». .وأوضحت الرئاسة التونسية في بيانها أن الجانبين شدّدا على «أهمية تحقيق الأمن في ليبيا». وأكد الجانبان على «وجوب تشجيع الأطراف الليبية على المضي قدما في التوافقات للوصول إلى الاستقرار».
وأضافت رئاسة الجمهورية أن اللقاء تناول أيضا «الانتخابات المقبلة لمجلس الشورى في قطر، وأهمية الاستفادة من التجربة التونسية». وأكد قيس سعيد على «استعداد تونس لتقديم ما تحتاجه قطر من خبرات لإنجاح هذا المسار».يشار الى ان أمير قطر سبق ان اعلن في 3 نوفمبر أن بلاده ستجري أول انتخابات لمجلس الشورى في أكتوبر 2021، لتحويله من معين إلى منتخب. وطبقا للقانون الحالي، يعين الأمير أعضاء مجلس الشورى، وهم 45.
كما بحث رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء القطري الفرص الجديدة للاستثمار بين تونس وقطر، والتأكيد على ضرورة متابعة الاتفاقيات التي تمت دراستها ووضع اتفاقيات أخرى جديدة حتى تكون جاهزة للتوقيع في اللجنة المشتركة التي ستلتئم في الثلاثي الأول من السنة المقبلة.
عقد مؤتمر أو حوار إسلامي غربي
وخلال الزيارة كان لرئيس الجمهورية حوار مع وكالة الأنباء القطرية أكد خلاله على وجود «إرادة قوية وعزيمة صادقة ورغبة مشتركة بين قطر وتونس لتطوير التعاون بين البلدين في شتى المجالات والنهوض به إلى آفاق أرحب وأوسع في ظل العلاقات الثنائية الوطيدة والمتميزة التي تجمع الدولتين».وأضاف أن «قطر وتونس تتقاسمان الإرادة الصادقة لتطوير علاقات الأخوة والتعاون بينهما» ولفت إلى أنه «تم الاتفاق على أن تواصل اللجان المختصة المشتركة بين البلدين عملها على هذا الصعيد، ومن المنتظر أن يتم عقد اجتماع للجنة المشتركة بين البلدين في الربع الأول من العام القادم للبحث في مزيد تطبيق الاتفاقيات العديدة المبرمة بين البلدين والتي تخص العديد من القطاعات.»
وأشار إلى «مستوى التنسيق بين البلدين في مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وقال إنه تم التطرق في محادثاته بالدوحة إلى قضية الإرهاب، حيث توجد مقاربة مشتركة بين البلدين في هذا الجانب.» وأوضح أن «هناك مقترحا مشتركا بين قطر وتونس لعقد مؤتمر أو حوار إسلامي غربي يهدف لتحقيق مزيد من الفهم وتجاوز العقبات التي تظهر إثر بعض العمليات الإرهابية التي تتبناها جهات متطرفة.»كما لفت الرئيس سعيد إلى مستوى التنسيق والتقارب بين دولة قطر وتونس في القضايا الإقليمية على غرار الوضع في ليبيا.
وقال إن «حل الأزمة الليبية والذي دعا إليه قبل سنة أن يكون الحل ليبيا-ليبيا، وهو ما تبلور حاليا بعد اتفاق وقف إطلاق النار هناك والحوارات التي تجري في تونس للتوصل إلى اتفاقية بين كافة الأطراف.»
وخلال الحوار تمّ التطرق الى ملف التطبيع حيث قال سعيد «لا أتفق مع عبارة التطبيع لأنها كلمة لم تكن موجودة سابقا وظهرت بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد» للسلام بين مصر و«إسرائيل». وأضاف بالقول «نحن لا نتدخل في شؤون الدول حيث يختارون ما يختارون وهم أحرار، ولكن بالنسبة لي، فإن القضية الفلسطينية قضية مركزية حتى وإن حاول الكثيرون دون جدوى إخراجها من دائرة اهتمام المواطن العربي، ولكنها ستبقى القضية الأساسية المركزية للأمة العربية وللأمة الإسلامية».وحول استضافة دولة قطر لكأس العالم لكرة القدم 2022،
كما أكد سعيد على استعداد تونس للمساهمة في استضافة هذا المونديال من خلال التعاون على الصعيد الرياضي الموجود بين البلدين وبالخبرات التي لديها في هذا المجال وأن تفتح يديها بإرادة صادقة وعزيمة ثابتة لإنجاح هذا الملتقى العالمي الذي ينظم لأول مرة في دولة عربية.
كما أدّى رئيس الجمهورية زيارة إلى مقر مكتبة قطر الوطنية كما زار مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع وعقد مساء الأحد بمقر إقامته بالدوحة لقاء مع عدد من أفراد الجالية التونسية المقيمين بقطر . وطَرحت خلاله جملة من المشاغل التي تتعلق بالتونسيين المقيمين في قطر، فضلا عن التحاور بخصوص جملة من المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية. كما تم يوم امس في اختتام الزيارة أيضا الإعلان عن إنشاء الرابطة الدولية لفقهاء القانون الدستوري وإسناد رئاستها لرئيس الجمهورية قيس سعيد. وذلك خلال لقاء مفتوح نظمته جامعة لوسيل القى خلاله سعيد محاضرة عن الأنظمة السياسية عموما والتجربة الدستورية في تونس أمام حشد من الصحفيين والمثقفين والمسؤولين عن مؤسسات اقتصادية وإعلامية . وستعقد هذه الرابطة مؤتمرها السنوي الأول في تونس في شهر نوفمبر من العام المقبل.
يشار الى ان أهم حصيلة للزيارة التي سبق أن أداّها أمير قطر الى بلادنا خلال 24 و25 فيفري الماضي هي الاعلان عن ضخّ مبلغ قدره 2000 مليار في البنك المركزي والاتفاق على تمويل مشرع مدنية صحية متكاملة بالقيروان وكذلك انتداب 5000 عون أمن للمشاركة في تأمين دورة كأس العالم بقطر. اضافة الى مضاعفة انتداب الإطارات التونسية من 25 ألفا إلى 50 ألفا . وإحداث لجنة قطرية لمتابعة انتداب العملة من تونس و إحداث أسواق للإنتاج الفلاحي والتوزيع بالوسط والجنوب التونسيين.
لذلك فان هناك تطلعات اليوم لأن تفتح زيارة رئيس الجمهورية الى الدوحة آفاق جديدة لمزيد تعزيز فرص التعاون والاستثمار خاصة ان أهم تحد يواجه تونس في الظرف الراهن هو الوضع الاقتصادي المعقد والضغوطات الاجتماعية المتزايدة مع تصاعد معدلات البطالة .