سمير الشفي الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل لـ«المغرب»: مبادرة الاتحاد في اللمسات الأخيرة والبلاد تحتاج اليوم إلى حوار شامل لتعديل البوصلة تحت إشراف رئيس الجمهورية

أكد الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سمير الشفي لـ«المغرب» أنه بعيدا عن الأمور الطارئة حاليا فإن موقف الاتحاد المبدئي مع احترام حق المواطنين والمواطنات

في الاحتجاج السلمي بعيدا عن العنف والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة وبعيدا عن تعطيل عمليات الإنتاج وطالما توفر ذلك فإن الاتحاد يعتبر أن الاحتجاج حق دستوري وشرعي لكل المواطنين ولا توجد تطورات جديدة تجعل الاتحاد يغير رؤيته ومقاربته تجاه الحقوق الأساسية التي يجب أن تحترم في البلاد بعد الثورة، مشيرا إلى وجود أوضاع اجتماعية جدّ مزرية من تفاقم البطالة والخصاصة واتساع دائرة الفقر والشعور بفقدان الأمل في تغيير الأوضاع نحو الأفضل، كلها عوامل مجتمعة تضاف إليها الضعف الفادح على مستوى الأداء السياسي للنخب السياسية وغياب برامج حقيقية مثمرة للثروة تحسن من الوضع العام للبلاد على جميع المستويات.
وأضاف سمير الشفي أن كل هذه العوامل ينضاف إليها ارتباك الخطاب الرسمي منذ سنوات مما من شأنه أن يساهم في مزيد توتير الأجواء، مبرزا أن البلاد تمر اليوم بأوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية غير مسبوقة في تأزمها وتحتاج إلى بعث رسائل أمل حقيقية لا رسائل كاذبة وخداعة، فالبلاد تحتاج اليوم فعلا إلى حوار حقيقي وطني من شأنه أن يعيد ترتيب الأولويات وتوزيع الانتظارات وتعديل البوصلة نحو الحلول الحقيقية والممكنة التي من شأنها أن تستجيب لانتظارات التونسيين في علاقة بالكرامة والعدل الاجتماعي والتمييز الايجابي الحقيقي بين الأفراد والقطاعات والجهات .

«حوار اقتصادي واجتماعي وسياسي»
وفق الأمين المساعد لاتحاد الشغل فإن ما يحصل حاليا في البلاد يتلخص في الاحتقان السياسي والانحدار الاجتماعي، أوضاع جعلت الشعب في حيرة إزاء هذه العوامل المخيفة والتي تهدد ديمومة الدولة والقدرة على تنفيذ البرامج والتصورات وتهدد المسار الديمقراطي باعتبار أنه لا مستقبل للديمقراطية في البلاد في ظلّ التهميش والفقر والمحسوبية ومن هذا المنطلق انطلق الاتحاد في انجاز وتأسيس تصور لإنقاذ البلاد وجلوس الجميع على الطاولة لإعادة النظر في كل ما هو «عاطل» سواء أكان ذلك على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي أو التربوي..، فلم يعد اليوم بإمكان البلاد مواصلة ذات المنهج الذي ثبت فشله ومثلّ «كارثة» وخلق أزمة حقيقية، قائلا «إن الاتحاد بصدد الانتهاء من إعداد مبادرة وطنية وهي في اللمسات الأخيرة وستكون لرئيس الجمهورية قيس سعيد المسؤولية للتوجه وتبنيها والإشراف على إدارة مثل هذه الحوارات مع مختلف القوى الفاعلة في البلاد، مبادرة ستكون في شكل حوار وطني شامل، يشمل كل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع التركيز على الجانب السياسي باعتبار أن الأزمة سياسية بامتياز وقد أثرت بشكل كبير على بقية الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية والقيمية وغيرها من الجوانب...».

رئيس الجمهورية يثق في تصورات الاتحاد
الحوار سيكون شاملا وسيتم ترتيب الأولويات المتمثلة بالأساس في السلم الأمني والاستقرار الاجتماعي والعدل الاجتماعي والمحرك الرئيسي الذي يؤثر على ما هو اجتماعي هو الوضع الاقتصادي وفشل التجربة التنموية والمنوال التنموي مع ضرورة التفكير في منوال تنموي بديل يضمن تحقيق العدل والاستدامة وخلق الثروة، حسب تأكيد الشفي، الذي أفاد بأن الاتحاد سيتوجه إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد باعتباره الجهة الشرعية المخولة للسهر على وحدة البلاد وأمنها وحماية الدستور ووحدة كل التونسيين فضلا عن ذلك فإن علاقته بالاتحاد وخاصة بأمينه العام نور الدين الطبوبي يسودها الاحترام والثقة المتبادلة وقد سبق وأن عبر رئيس الدولة عن ارتياحه لتصورات الاتحاد في ضرورة البحث عن مخارج لتحقيق الاستقرار في البلاد وأن تؤسس إلى واقع أفضل مما هو قائم حاليا، كل هذه المعطيات أجبرت الاتحاد على قطع خطوات مهمة في اتجاه بلورة هذه المبادرة الوطنية والمضي قدما نحو الدعوة لإرساء حوار وطني حقيقي شامل تحت إشراف رئيس الجمهورية.

الزيادة في الأجر الأدنى المضمون مسالة مشروعة
وبخصوص الزيادة في الأجر الأدنى المضمون، قال الشفي انه تمّ خلال اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد مع الحكومة طرح هذا الموضوع والتشديد على ضرورة أن يقع تعديل الأجر الأدنى في ظلّ أوضاع اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة من تدهور المقدرة الشرائية والارتفاع الجنوني لأسعار مختلف المواد الاستهلاكية وبذلك فإن تعديل الأجر الأدنى المضمون إجراء روتيني يمس الفئات الهشة والضعيفة ومسألة التسريع بالتعديل تعتبر مسألة على غاية من الأهمية والمشروعية، وقد عبرت الحكومة حسب تعبير الشفي عن استعدادها للزيادة وقد تمّ طرح هذا الملف في اللقاء الذي جمع الأمين العام للاتحاد مع رئيس الحكومة أمس، ومن هذا المنطلق فإنه من المنتظر أن تتوضح الصورة في قادم الأيام والكشف عن معطيات جديدة ايجابية في هذا الشأن.

الأولوية للعمال الذين فقدوا عملهم بسبب الكورونا
وفيما يتعلق بتأجيل النقاش في مفاوضات الزيادة في الأجور في القطاع العام، أكد محدثنا أن البلاد وكل المسؤولين منكبون حاليا على مواجهة جائحة الكورونا التي اجتاحت العالم وأثرت بصفة غير مسبوقة على تفاصيل الحياة العادية للمواطنين وعلى الاقتصاديات العالمية والإقليمية والاقتصاد الوطني للبلاد ولذلك فإن الأولوية المطلقة تتمثل في كيفية مواجهة هذه الجائحة وتداعياتها لاسيما على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، ليشدد على أن الاستحقاق الاجتماعي والمفاوضات الاجتماعية لم تكن منسية في أي لحظة من اللحظات من قبل اتحاد الشغل ولكن توجد الآن أولويات وعشرات العمال من القطاع الخاص فقدوا عملهم بسبب وباء الكورونا وعلى الحكومة إيجاد حلول مرافقة للتخفيف من وطأة هذه التداعيات الخطيرة على العمال والأسر. وبين أن الاتحاد لم يؤجل المفاوضات بشكل رسمي ولكنه يعتبر أنه ليس مطروحا الآن النقاش حول فتح جولة جديدة من المفاوضات والنقاش اليوم يتجه نحو كيفية مواجهة هذا الوضع المتأزم والضرب بقوة القانون على المضاربين والمحتكرين الذين يريدون التمعش من هذه الجائحة سواء أكان ذلك على مستوى المرفق الصحي أو الاجتماعي وقد رصد الاتحاد بشكل غير مسبوق تعاظم مسالك التهريب والاحتكار والترفيع في الأسعار ولا بدّ من شنّ الحرب على هؤلاء الذين يمثلون خطرا لا يقل خطورة عن وباء الكورونا على حياة المواطنين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115